حسن محمود حسن - عرجمان بلاد ما وراء الشمس

صغير جداً عندما بدأت استكشاف ماهية الأشياء، كنت انظر لما حولي بمنظور مختلف.
َالشمس في موطني لا تغيب، والقمر مبتسم دائماً ومن حوله أولاده الصغار.
الشمس بيتها في ناحية الغرب والقمر يسكن ناحيه الشرق والمسافة التي تفصلهما خليط من ألوان السماء.
الأمطار تخرج من تحت الأرض وتذهب في رحلة إلى السماء.
الأزهار تطير من محل إلى آخر لتنثر عبيرها في كل مكان تحل به. الفراشات لونها واحد وشكلها واحد، تزحف على الأرض في حياء.
كنت مختلف عن قومي. فقومي طوال، اشداء بعضهم يطير وبعضهم له جناحان ولا يطير والبعض الآخر يمشي فقط.
أنا شكلي عادي ليس بالطويل ولا القصير.لدي قوي خارقة إكتشافها والدي يوم ولادتي، حين ولدت ماشياً متكلماً بخمس جو فقط.
امتلك عين ثالثة استبصر بها الأشياء. دايماً ما تجدني وحيداً روحي شاردة في مكان آخر.
عرجمان متطورة جدا لذا حبي للعلوم كانت متوفرة له وسائل لتصقله.
في إحدى المرات اكتشفت عالم آخر يبعد عنا مئة وخمسون سنة جوية، وتقع امام الشمس تماما.
المكان هناك مختلف عنا يسمون بلادهم الأرض، ليس مختلف بالمعنى الحرفي، بل لديهم نفس الأشياء التي نمكلها وبنفس تسميتها، الاختلاف في مواضعها وترتيبها الكمي والحسي.
المطر منهمر من السماء.
الفراشات ألونها عديدة وتطير في فرح تُقبل زهرة وتحضتن زهرة أخرى.
الشمس تختفي فجأة من كبد السماء ويحل محلها القمر أحيانا وأحيانا بلادهم تكون مسبوغة باللون الأسود بحيث لا ترى شيء، علمت بعد مدة انهم يسمون تلك الظاهرة الغريبة ليل، وعكسه نهار.
اختلاف الماهيات بث فيّ حب الاستطلاع وجعل الاستبصار هوايتي يومياً تجدني تحت شلالات الأحلام، اغتسل تحتها واشرب من ينبوع الأماني الماء المقدس، و أمارس هوايتي بعد ما صارت محببة لدى.
ابي هو ملك عرجمان حلمه توحيد المجرة في مملكة واحدة وجعل عرجمان عاصمة لها.
لذا هو منشغل بالحرب دائماً. وساعياً خلف حلمه مستقلاً التكنلوجيا التي نمكلها ومستقلاً قواي الخارقة في استبصار كينونات الأشياء.
في نظرة واحدة فقط كنت اعرف نقاط ضعف الخصم ونقاط قوتة، ومقدار الأسلحة.
العلم والتكنولوجيا التي نملكها تفوق الأرض بمراحل عدة، لو فكرنا في غزوها ستأخذ معنا ٢٠ جو.
الجو عندنا يقابل الدقيقة عند الارضيين.
الوقت يملك فلسفة خاصة في عرجمان هو ثابت و متحرك في نفس المدة، والسنه الأرضية تقابلها في المسمى السنه الجوية.
والدقيقة تسمى جو كما ذكرت آنفا .
لا نملك الثانيه في توقيتنا.
تناولت نبيذ الروح في حين غرة فقفوت في حقل الأمنيات، صحوت على صوت ناقوس الحرب.
يبدو أن ابي قد شارف على تحقيق حلمه مجرتان تفصله فقط.
صوت السفن الفضائية مزعج وعالي.
الجنود بأسلحة متطورة تستخدم أشعة الشمس النووية مع الأشعة الكونية كطلقات تذيب من يتلقاها.
المركبة مزودة بأحدث الصواريخ والأجهزة في العصر البارودي الحديث.
انتصار وراء انتصار وعرجمان تزدهر، بالتجارة والصناعة والعلوم.
ابي ناهز على الثلاثمئة سنه جوية من عمرة، دائماً ما كان يوصيني منذ أن كنت في رحم امي.
أوصيك بعرجمان خيراً كل يوم يقولها ثلاثاً.
كنت اسمع صدى صوتها يتردد في جدار رحم امي.
حكي لي ذات يوم انه قبل مولدي بفترة وجيزة اتته رؤية في المنام من أبيه الملك الأكبر، حكي له بأن الابن المنتظر سيكون ذا شأن عظيم في الكون، سيكون خلاص وموحد الأمم.
ومنذ ذاك اليوم صرت ذراع ابي الأيسر،ومستشار الأيمن.
مات ابي وهو في خضم حربٍ ضروس، حرب استنزفت الكثير من الدماء والسفن الحربية.
العدو يضاهينا في القوة والتكنولوجيا. تمكنا منهم بعد حرب دامت أربعين سنه جوية.
توجتُ ملك على المجرات السبعه التي ضممناها بعد انتصارات عظيمة، في حفل ملكي ستتكلم عن المجرات لمليون سنه جوية.
تبقى لنا مجرة واحدة فقط يطلقون عليها درب التبانة.
أعددنا السفن وجهزنا جيش مشترك من سبعة مجرات. بمختلف التكنولوجيات.
كان عدد السفن يضاهي الخيال، إذا اصطفت في خط مستقيم ستنظر إلى ما لا نهايه حد غروب الشمس عند الارضيين.
انطلقت الحرب وانتهت في زمن اقل من الزمن المتوقع بدون خسائر من الطرفين.
الان أبي سينام في ارتياح فحلمه قد تحقق.
صرت الملك والاسطورة التي يُتحدث عنها لملايين السنين تجردت من ثوب الخيال ولبست ثوب الحقيقة.
بدأت بتوطيد شؤون الحكم، عينت على كل مجرة حاكم لتسهيل المهام.
اسميت العاصمة عرجمان بمرسوم ملكي تيمنا بوالدي وهدية لروحه في الفالاهالا جنه المحاربين واستراحة المقاتلين.
أدرك تمام بانه سعيد هذة اللحظة،ويعيش في نشوة عارمة، يشرب نبيذ الأبدية مع كبار المقاتلين والملوك العظماء،فخور جداً بإبنه وبشعب عجرمان، وممتناً لهم جدا هذا كما قال لي وانا في تحت شلال الأحلام اثناد ظهوره من بين المياة.
فخور بنفسي وفخور بالشعب من حولي.
سأحكم بعدل وسأغدو أفضل من أبي، وسألحقة في الفالاهالا جنه المقاتلين عندما يحين وقتي وعندما أحقق حلمي الخاص
أعلى