نماذج من الحكايات المكبوسة لبرنار فريو Bernard Friot.. ترجمة: عبدالسلام بن خدة

الإهداء:إلى العزيز الناقد والقاص المبدع أحمد بوزفور


حكاية – تلغراف

التنين يخطف الأميرة – الملك يطلب من الفارس إنقاذ الأميرة- ثلاثة فرسان يهاجمون التنين- الأول يتفحم- الثاني يسحق- الثالث يبلع بكامله – الملك غاضب- لساعي البريد فكرة- البعث بطرد مفخّخ للتنين- التنين ينفجر- الأميرة تتزوج ساعي البريد- الزوجان سعيدان- عائلة ببنين وبنات- تخفيض في بطاقات السكك الحديدية – نهاية .


لا أحد

يُقرع باب الدخول .

أصيح:

  • ماما، انظري من بالباب ! لا أحد. أبحث في الغرفة . لا أحد.
  • أذهب لفتح الباب. أنحني من فوق درابزين الدرج. لا أحد.
  • أدخل . الهاتف يرن:
  • ألو ؟
  • ...
  • ألو؟ ألو ؟ من هناك؟
لا أحد. أندفع إلى صالة الحمّام. أضيء المصباح. أرى وجهي في المرآة. لا أحد.


ساكن من المريخ

كوكب المريخ. التاسعة ليلا.

أبي العزيز ، أمي العزيزة

إيه نعم. ها أنا على كوكب المريخ. أتوقع أن تقلقا كثيرا عليّ منذ هذا الصباح وأن تكونا قد بحثتما عني في كل مكان.

من جهة أخرى ، كنت أراقبكما بفضل سواتل التجسس وكنت أرى جيّدا أنكما تبدوان في هيئة عجيبة بعد منتصف النهار حتّى أن أبي قال : "هذا غير ممكن ، لقد حصل له مكروه" ( كما تريان، فإن أدوات التنصت لديّ هي جدّ فعالة). وإذن.أحسّ ببعض الخجل من أن أقول هذا الكلام.لكن أقوله مع ذلك،لأنه الحقيقة : أنا فرح جدا بسبب القلق الذي سبّبته لكما. إنها غلطتكما، قبل كل شيء. لو لم تمنعاني من الذهاب إلى السينما مع فرنسوا، لما فكّرت في المغادرة. ضقت ذرعا بأن أعامل كصبي . أنا أتفق بأنني تجاوزت الحدود حين وصفتكما بالعجوزين القاسيين. لكن أمي قد وصفتني سابقا بالمتهالك .إذن نحن متخالصان.

لا تسألاني كيف وصلت إلى المريخ . إنّه سرّ ولن أبوح لكما به ، على أي حال. أنا جدّ مرتاح في كوكب المريخ. الناس هنا، و إن لم يكونوا ممتعين جدا للنظر،إلاّ أنهم طيبون جدا.لا أحد يلومك هنا إذا لم تحصل على نقطة جيّدة في الجغرافيا. لا يخفي عنكما ما أقصده بهذا التلميح ...

هناك مع ذلك أشياء غريبة بعض الشيء . لا أتكلم عن الخنافس التي يقضمها المريخيون كفاتح للشهية. على كوكب الأرض ، هناك أشياء يستحيل أكلها ككرنب بروكسيل، مثلا أو شحم الخنزير لا، الأغرب في ذلك، هو الطريقة التي يتم بها الحصول على الصغار. يكفي أن ينظر ولد أو بنت في عيني بعضهما البعض، وهوب يصبحان بابا-ماما. لدي الآن نصف دزينة من الأطفال. أفكر ، على سبيل الاحتياط،في أن أضع نظارات شمسية.لدي الكثير من الأشياء لأحكيها لكما، لكنّني أفضّل الاكتفاء بهذا.اهتما ببعضكما و إلى اللقاء، أتمنى.


ملحوظة:

  • من فضلكما أرسلا ساندويتشين بالنقانق، ولبن رايب بالتوت وزجاجة من عصير العنب.
  • بإمكانكما ترك الطرد و الرسالة أمام باب تسقيفة البيت.لاتقلقا،سيصل حتما.

  • فيليسيان
إذا

إذا طلبت مني أمي الذهاب لشراء الخبز؛ إذا كان بإمكاني أن أضع قميصي الجديد الملون بالأزرق و الأبيض ؛ إذا التقيت بها في المخبزة؛ إذا جاءت وحيدة ، دون أختها الصغيرة ودون كلبها؛ إذا ابتسمت لي؛ إذا طلبت منّي أن أرافقها؛ إذا لم نصادف أحدا في مشوارنا ؛ إذا سلكنا طريقا مختصرا وسط الحقل؛ إذا حدثت عاصفة في الوقت الذي نمرّ فيه أمام الكنيسة المهجورة؛ إذا أمطرت السماء ؛ إذا أسرعنا في الاحتماء بداخل المصلى؛ إذا أخذ الرعد في القصف؛ إذا سقطت صعقة بالقرب منّا ؛ إذا أصيبت بالهلع و بدأت تصرخ...

سأمسك بيدها وسأقول لها:

" ماري، تعلمين، أحبك كثيرا."


حكاية الحكايات

كان هنا طفل لا يصدّق الحكايات .ما إن تبدأ أمه:"يحكى أنه كان هناك غول قاس ..."، حتى يقاطعها.

  • لا تحكي لي خرافات، كان يقول ، الغيلان، لا توجد!
ولما تبدأ جدته في القراءة بصوت مرتفع: " يحكى أنه كان هناك ملك..." كان يسأل في الحال :

  • ملك ماذا؟ ملك إنجلترا أو ملك باناما ؟ لقد عاش من... إلى... ؟ هل الأمر تاريخ أم خرافات؟
حتّى عندما تروى له حكاية حقيقية ،يهزّ رأسه، ويرسل: "تختلقون حكايات لأشياء تافهة." وفي ظرف ثلاثين ثانية، يبدأ في التثاؤب، وفي فرك عينه .

كان يقول:

  • كيف تريدون أن أصدّقكم:لا أرى شيئا، لا أحس بما تحكونه لي. كما لو أن الحكاية تبدأ من دوني !
ذات يوم، طلبت منه أن يجلس بجانبي على الأريكة وحكيت له حكاية : حكاية طفل لا يصدق الحكايات؛ الذي ما أن تبدأ أمه في : " يحكى أنه كان هناك غول شرس..." حتى يقاطعها...

لم يقاطعني .تركني أسترسل. لما أنهيت حكايتي ، قال لي :

  • الأمر طريف، هذه الحكاية أراها و أحس بها . كما لو أنني كنت بداخلها. هل يمكن أن تعيد حكايتها لي؟
أعدت حكايتها من البداية وتابعني بنفس التركيز . ثم طلب مني :

  • هل يمكن لك أن تحكي لي الحكايات التي لا يصدّقها طفل حكايتك؟
حكيت له حكايات الغيلان و الساحرات، حكايات الملوك و الأميرات و لأختم كثيرا من الحكايات الحقيقية.

وفي كل مرة، كان يقول:

  • فعلا، هذا غير معقول ! ماذا كان يقول ، طفل حكايتك.


الروبوت

لدي ربوت . أنا الذي اخترعته .بذلت جهدا كبيرا لكن عملي تكلل بالنجاح . لن يطلع عليه أحد . و لو كانت أمي . إنه مخبأ في الغرفة السفلى ، التي لا يدخلها أحد ، و التي مصراعاها مقفلان دائما . ربوتي كبير . و قوي أيضا ، لكن ليس كثيرا. إنه يحسن الكلام. يعجبني صوته. بإمكانه القيام بكل شيء،ربوتي . يشرح لي كيف أنجر الواجب المنزلي ، و أثناء لعبي اللوغو ، يساعدني .

في أحد الأيام ، صنعنا معا صاروخا فضائيا و ساتلا .

بعد الظهر ، حين أعود من المدرسة ، أجده هناك . لست في حاجة إلى إخراج المفتاح المربوط حول عنقي . إنه يتكلف بفتح الباب لي . بعد ذلك ، يهيئ لي لمجا ، مزبدا بالكاكاو فوقه. أما أنا فأحكي له عن يومي في المدرسة، مع الأصدقاء،وكل شيء...

في يوم ما، وصلت متأخرا. وقعت حادثة بالقرب من المدرسة ، دراجة نارية صدمتها حافلة . رأيت الممرضين ينقلون الجريح إلى سيارة الإسعاف.عندما عدت، كانت الساعة قد قاربت السادسة .

كان ينتظرني أسفل السلم . حينما رآني، اندفع نحوي ، أمسك بكتفي و هزني . صرخ :
  • ألم تنتبه إلى الساعة ؟ هل تدري كم الساعة الآن ؟ أين كنت ؟كان عليك أن
  • تعلمني ...
  • لم أقل شيئا . خفضت رأسي . قرفص و قال ، بصوت خافت :
  • افهمني ، أقلق بشأنك ...
  • نظرت إليه . مباشرة إلى عينيه . الأمر صحيح ، رأيت القلق في عينيه و كذلك زيادة من الغضب تقريبا . عندئذ ، و ضعت يدي حول عنقه . حملني و أخذني إلى منزلي. أحبه كثيرا ، ربوتي .
  • لقد أعطيته اسما . أسميه : بابا .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برنار فريو كاتب فرنسي معروف بكتبه المخصّصة للناشئة. مارس التدريس بالثانوي. حاليا يقيم بمدينة بيزنسون، ويهتم بالكتابة و الترجمة من الألمانية و الإيطالية.

حاصل على جوائز؛ منها:

لأدب الناشئة (2008) TSR جائزة

من أهم أعماله السردية :
  • "حكايات مكبوسة " (1988)
  • "حكايات مكبوسة جديدة" (1991)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى