أبو يوسف طه - حكاية ( العروبيات).. لعبة القدر

يداوم حٓمٌٓادة رفقة أصدقائه الجلوس في " البحراني" المجرى المائي الذي يتناوب القرويون علي سقي أراضيهم منه ، كان المكان مناسبا للمحادثة والسمر لكونه معشوشبا على الدوام ، تظلله أغصان شجرة صفصاف ضخمة ، ويشرف على ساحة كبيرة يتوسطها بئر يُستسقي منه للشرب وسد مختلف حاجيات الأهالي ، وتعد أسعد اللحظات حينما تأتي الخودة بقلتيها على ظهر الحمار ، كان يستغرق النظر إليها مفعما برغبة لاتقاوم ، كانت أحيانا تسوق الحمار في المجبذ ، أو تتكفل بملء قلل صديقاتها وقلتيها ، ثم ينتهي الأمر بانصراف البنات بعد أن أوقدن جذوات الإستيهام في أذهان الشبان المنتشين ببرودة المساء ، والإنحسار الوئيد لنور النهار ، ولايخطيء المرء إذا قال إن الخودة أجمل بنات الدوار ، تبدو أكبر من سنها ، بيضاء ، شقراء ، ناهدة ، ذات ساقين كقالبي سكر كما اعتاد النساء أن يقلن ، وهي بهذا تخالف كل الفتيات فهن مابين قمحاويات و سمراوات وصفراوات ، ولم تترك لهن من الجمال نصيبا . وكأن تحديق حمادة فيها بدافع الخشية من أن تهرب بها الريح أو يود إطباق أجفانه عليها لتستقر في أعماقه ، وأصدقاؤه يدركون ذلك ، وكان هو كالطاووس الغاوي الذي يفرد ريشه لاستثارة أنثاه ، يرتدي اليوم سروالا قندريسا وقميصا وبلغة صفراء ثم يسدل عليه فوقية زيتية اللون ويضع على رأسه طاقية مخروطية مزركشة يتعمد إمالتها قليلا . وبعد أيام يظهر في حلة جديدة ، ولم تكن الخودة من الغباء لكي لاتدرك مقصد حمادة ، فتسعفه بتلميحة دالة على الرضى .



ينبع

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى