د. موسى نجيب موسى - حور ملاك.. قصة قصيرة

أسير في طريق طويل .... طويل أرضيّته خضراء طبيعية، ومحاط بسياج من الذهب الخالص، وبه أعمدة إنارة من المرمر، منتهية بلمبات من الماس النقي، تضاء وتنطفئ في وميض خاطف متكرر ... ومحاط من حوله في جميع الجهات مساحات كبيرة مكسوة بالأزرق السماوي ... أحاول أن ألقي ببصري لأستطلع نهاية الطريق، أو أستطلع نهايات الأزرق... لا أستطيع... تزداد خطواتي أكثر وأكثر، حتى أصير أعدو ويزداد عدوي أكثر فأكثر، ويزداد لهاثي الذي كاد يحبس الأنفاس في صدري الجاثمة عليه صخرة ثقيلة لا تريد أن تبرحه مطلقا ... ذلك اللهث الذي لم يوقفه، سوى وصول وشوشات إلى أذني لصوت أنثوي أعرفه وأعرفها تماماً... كلما جريت أكثر اقترب الصوت رغم عدوي عكس اتجاهه ... يعلو الصوت أكثر فأكثر، حتى يكاد يخترق أذني اختراقاً...

تظهر الأنثى بكامل هيئتها أمامي فجأة... عارية تماماً ... نظيفة في كل جزء من جسدها تماماً ... شفافة تماماً، حتى أنني أكاد أري أحشاءَها الداخلية، وقطعتين من الماس النقي يستران الثديين، وقطعة وحيدة وصغيرة تستر ما بين الفخذين...

يكاد بريق قطع الماس يذهب بالمتبقي من نور عيني الكليلة... تنظر إليّ بعينين بلورتين، ثم تندفع بسرعة مذهلة نحوي، وتحاول أن تلقي بجسدها المرمري في حضني مباشرة، ولكنني أهرب منها في الاتجاه المقابل لها، والذي أتيت منه لتوي، ولا ينقذني من براثن هذا الجسد الفتاك، سوى سماعي لصوت أنثوي لأخرى أعرفها وأعرفه تماماً...

تختفي صاحبة الجسد المرمري التي كانت تطاردني منذ قليل، وأعود للسير في طريقي الأخضر مرة أخرى ... تزداد خطواتي أكثر وأكثر، حتى أصير أعدو ويزداد عدوي أكثر فأكثر، ويزداد لهاثي الذي كاد يحبس الأنفاس في صدري الجاثمة عليه صخرة ثقيلة لا تريد أن تبرحه مطلقاً ... ذلك اللهث الذي لم يوقفه، سوى وصول وشوشات إلى أذني لصوت أنثوي أعرفه وأعرفها تماماً، كلما جريت أكثر اقترب الصوت رغم عدوي عكس اتجاهه ... يعلو الصوت أكثر فأكثر، حتى يكاد يخترق أذني اختراقا...

تظهر الأنثى بكامل هيئتها أمامي فجأة... عارية تماماً ... نظيفة في كل جزء من جسدها تماماً ... شفافة تماماً، حتى أنني أكاد أرى أحشاءَها الداخلية، وقطعتين من الماس النقي تستران الثديين، وقطعة وحيدة صغيرة تستر ما بين الفخذين... يكاد بريق قطع الماس أن يذهب بالمتبقي من نور عيني الكليلة... تنظر إليّ بعينين بلورتين، ثم تندفع بسرعة مذهلة نحوي، وتحاول أن تلقي بجسدها المرمري في حضني مباشرة، ولكنني أهرب منها في الاتجاه المقابل لها، والذي أتيت منه لتوي، ولا ينقذني من براثن هذا الجسد الفتاك، سوى سماعي لصوت أنثوي لأخرى أعرفها وأعرفه تماماً...

تختفي صاحبة الجسد المرمري التي كانت تطاردني منذ قليل... كلما هربت من حضن أنثى عارية تماماً، يسلمني الهروب طواعية لصوت أنثى أخرى أعرفها أيضا تماماً...

ظللت هكذا حتى هدأت روحي الفزعة من هول ما عانيت، من كل هؤلاء النسوة العاريات الجميلات الحوريات العين ... خفت خطواتي وخف معها لهاثي، ورحت أسير على مهل وتأن.

كلما سرت في طريقي الأخضر المحاط بسياج الذهب الخالص، تهتز الأرض أسفل قدمي، ويسقط السياج تباعا، فكلما تخطيت منطقة من طريقي الأخضر أنظر خلفي، فأجد سياج الذهب ملقى بلا عناية على الأرض.

حاولت أن أغمض عيني قليلاً حتى أريحها من هول ما رأت، لكنني لا أستطيع ضم جفوني المتحجرة ... أحاول الضغط عليها بقوة، تأبى الجفون الحجرية الانغلاق ولا تطاوعني، أكرر المحاولة مرات ومرات، ومن بين آلاف محاولاتي الفاشلة في إجبار جفوني على الانغلاق، أرى على البعد زوجتي قادمة من بعيد، بعد أن عم الظلام المكان بأكمله، ولا توجد أية بقعة مضيئة في المكان بأسره، سوى دائرة صغيرة جداً تحيط بزوجتي، تسير معها كلما سارت ...وجهها لامع يبرق بوميض نوراني شفاف ... ترتدي ملابس الحداد كاملة... وتمسك بإحدى يديها شمعة طويلة تكاد تناظرها في الطول، ويشع منها وهج أصفر عجيب، يذهب ويجيء بحسب حالة اتجاه الريح، التي بدأت تعاني من صفيرها الحاد أذني السقيمة.

بالكاد يسمح لي وهج الشمعة برؤية المشهد كاملاً... يزداد المشهد اتضاحاً كلما اقتربت مني بنفس خطواتها البطيئة جداً ... يضطرب قلبي مع كل خطوة تخطوها نحوي، ويكاد ينشطر نصفين كلما اقتربت مني ... أتجمد مكاني رغم محاولاتي العديدة لنزع قدمي المغروزة في أرضية المكان.. كلما اقتربت مني أجد حفرة صغيرة بجواري تزداد في الاتساع ... تزداد اقتراباً مني، ويزداد مع اقترابها اتساع الحفرة، حتى ابتلعتني بسرعة شديدة...

أكاد أسقط على ظهري الذي تعاني معظم فقراته من الانزلاق ... أكاد أتبين وجهها اللامع وهى تميل من فوهة الحفرة لتتابع سقوطي المدوي ... تنتهي الهوة بفوهة واسعة لقدر ممتلئ عن آخره بالزيت المغلي، الذي لفحني بخاره فجأة. وعند اقترابي منه، وقبل أن أسقط في قدر الزيت، تلقفني ذلك الذي يكشر عن أنيابه بضحكته الخبيثة، وبشوكة ذات ثلاثة أنياب حادة تنغرز في لحمى بلا رحمة، فتنفجر الدماء بغزارة شديدة من جميع أجزاء جسدي، ثم ينفخ في وجهي بزفيره الحارق الذي يكاد أن يحرق وجهي، فيردني إلى مكاني قبل السقوط، ويلاحقني بضحكاته الصاخبة وصوته المزعج، بأن موعدي لم يحن بعد...

أعود إلى طريقي، وتبدأ رحلة عودتي من حيث جئت بخطوات ثقيلة بطيئة، ثم تزداد خطواتي في السرعة، وما زلت أسمع أصواتاً لإناث أخريات أعرفهن تماماً .. وعند آخر صوت أنثوي وصل إلى مسامعي، وكنت أعرفه وأعرفها تماماً، ظهرت أمامي فجأة .. عارية تماماً .. نظيفة في كل جزء من جسدها تماماً .. شفافة تماماً، حتى أنني أكاد أرى أحشاءَها الداخلية، وقطعتين من الماس النقي يستران الثديين، وقطعة وحيدة صغيرة تستر ما بين الفخذين.

يكاد بريق قطع الماس أن يذهب بالمتبقي من نور عيني الكليلة.. تنظر إليّ بعينين بلورتين ثم تندفع بسرعة مذهلة نحوي، وتحاول أن تلقي بجسدها المرمري في حضني مباشرة... حاولت الفرار ولكنها نجحت في القبض علي، ووصلت إلى حضني وظلت تحضنني بشدة، حتى كادت روحي أن تفر من بين ضلوعي...

حاولت التملص منها لم أفلح .. حاولت مرة أخرى... لكنها أحكمت قبضتها علي، وظلت تضغط على صدري بشدة، حتى هربت بلا إرادة مني صرخة مدوية...


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى