علجية عيش - انفجار لبنان و موقف الحكام العرب

الهبّات الإنسانية لا تنتظر قائمة مطالب

لا شك أن الجميع تابع االإنفجار الذي وقع بالعاصمة اللبنانية بيروت و الذي خلف خسائر مادية و بشرية فظيعة، لا يمكن لأيّ دولة تحمّلها بمفردها، لاسيما و الإنفجار مسّ منشآت كبرى و ترك آثارا على كل المستويات و بالخصوص البنى التحتية للبلاد، من الصعب معالجتها في ظل الوضع الذي تعيشه لبنان و الحرب الأهلية التي لم تنته، ثم ظروف الوباء الذي مسّ العالم كله، طبعا كارثة كهذه تحتاج إلى تضامن و مساعدات إنسانية إن لم نقل أنه ليست مساعدات إنسانية و إنما هو واجب على الحكومات تأديته، الملفت للإنتباه أن تركيا كانت السباقة في تقديم مساعداتها للإخوة اللبنانيين تمثلت في إرسال 400 طن من القمح، في الوقت الذي تنتظر فيها بعض الحكومات رئيس لبنان أن يقدم لها عريضة مطالبه و ما يحتاج لبنان في هذا الظرف بالذات تعيش فيها لبنان أوقات حرجة و أليمة؟ مثلما ذهبت إليه الجزائر، و هذا ما أبداه ملاحظون حول تصريح الرئيس عبد المجيد تبون الذي أكد لنظيره اللبناني ميشال عون في اتصال هاتفي بأن "الجزائر مستعدة لتقديم المساعداتها التي يطلبها" لاسيما و الجزائر تعتبر سندا قويا و منيعا للبنان.

و إن كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أعلن عن عزم حكومته إرسال مساعداتها للشقيقة لبنان تامثل في أربع طائرات وباخرة تحمل مساعدات إنسانية وفرقا طبية ورجال إطفاء وأغذية ومواد بناء، تضامنا مع لبنان في إزالة آثار انفجار بيروت، إلا أن هذه المساعدات تبدوا قليلة بالنقارنة مع ما قدمته دول للجزائر من مساعدات خلال تعرضها للزلازل و في مقدمتها زلزال الأصنام ( الشلف حاليا) الذي هدم مدينة بأكملها، و عاشت مثل هذه التجربة، الواقع أنه في مثل هذا الوضع الحرج لا تنتظر دولة ما أن يرفع لبنان قائمة مطالبه و ما يحتاجه من مساعدات، بل من واجب دولة ما أن تبادر تلقائيا لتقديم مساعداتها و الوقوف إلى جانب لبنان الجريح في هذه المحنة التي مست دولا قبله و ربما تمسها في المستقبل و يجد نفسه في حاجة إلى من يقدم له المساعدات لأن الهبات الإنسانية لا تنتظر قائمة مطالب.

فالجزائر عاشت من قبل مثل هذه الحوادث أو الكوارث إن صح القول، و وجدت كثير من الدول العربية و الأجنبية تقف إلى جانبها و تدعمها في ظل العلاقات الدبلوماسية التي تربطها بينهم، و لذلك وجب أن تكون السّباقة على الدول في إرسال بعثاتها التضامنية من مواد غذائية و أدوية و عسكر أيضا، طالما وضعت مقترحا في دستورها الجديد إرسال بعثات عسكرية إلى الخارج، و ها قد جاء الظرف الذي تطبق فيه هذا المقترح الذي لا يحتاج إلى افتاء شعبي في مثل هذه الأزمات، هل يمكن القول أن تركيا أو الدولة العثمانية إن صح القول كانت السباقة في إرسال مساعداتها دونما تفكير دون أن تنتظر مطالب، من أجل تأمين الغداء للساكنة ببيروت و ما جاورها و تضميد جراحها، لأن الإنفجار تسبب بتدمير معظم "صوامع القمح" في المرفأ، و إن كان الرئيس التركي طيب رجب أردوغان اتهم مؤخرا بانتمائه للماسونية، فقد ردّ على الحكام العرب و المسلمين بموقفه الإنساني تجاه لبنان، ليس بمواذ غذائية بل بإرسال فرق إسعاف التابعة لهيئة الإغاثة التركية لإنقاذ ضحايا الإنفجار، بعدما تم الإعلان عن بيروت مدينة منكوبة.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى