محمد مزيد - نميمة.. قصة قصيرة

قال لصاحبه : يا أخي لم لا تصدقني ؟ أنا رأيتها ولم يخبرني أحد بذلك ، كانت تضع ذراعها اليمنى تحت ذراعه ، تسير معه ضاحكة ، مبتهجة ، كأنما لا تريد الأرض حملها ، كانت ترقص وهي تمشي معه . ها أنت لا تصدقني . من حقك ، تعرف لماذا أقول من حقك ؟ ذلك لأنك أنسان بيتوتي ، أمضيت سنوات غربتك الاربع في هذه البلاد ولا تعرف من الدنيا طشت لو رشت ! حسناً ، حسناً ، سأحفظ ألفاظي ، أعذرني ، لم أكن أقصد جرح شعورك أو أزعاجك . ولكنك لا تود أن تصدقني . دخلت مع عشيقها أول الأمر الى المول الكبير ، نعم أنا كنت خلفهما ، تجولا في أرضية المول ، دخلا محال الـ LCW ، دخلتُ خلفهما ، كيف لها أن تعرفني ، طبعا لا تعرفني ، بسبب كوني أرتدي قبعة ، وملابسي لا توحي بإني عراقي ، أضع على وجهي هذه النظارة . أقتربت منهما ، هل تعلم ماذا سمعتها تقول له ؟ قالت كلاماً عجباً . أنا أضحك لأنني لم أستسغ تلك الكلمات ، كلمات قبيحة ، وهي المعروفة بتقواها والتزامها بالدين . ألم تخبرك زوجتك عنها ؟ آه نسيت أن زوجتك لا تختلط بهذه الأشكال ولا أحد رآها يوما . لا تقل أن بعض الظن أثم ، أرجوك لاتردد مثل هذه الأقوال المنفلوطية ، أنا أعرف الآثام ، ماذا جرى بعد ذلك ؟ سأقول لك ، خرجت من محال الـ LCW ودخلا الى محال KATAN ، طبعا أشترت من تلك المحلات قمصان وبنطلونات ، ولما خرجا ، صعدا الى الطابق الثاني ، كانت هي التي تتحدث ، وهو صامت ، طبعا لم ينتبها لوجودي أبداً . أنا أعرف كيف أتوارى عن أنظارهما ، الرجل أول مرة أراه ، ليس وسيما بمعنى الكلمة ، لكنه يبدو بعمرها تقريبا ، أظنه في الأربعين ، بعد جولة أستغرقت نصف ساعة صعدا الى الطابق الثاني ، ولم يتأخرا كثيرا حتى صعدا الى الثالث ، حيث المقاهي والمطاعم . تناولا وجبة سريعة من مأكولات المكدونالد . كنت جالسا على مسافة كافية لاراقبهما ، كانت هي تلتهم الطعام بشراهة ، تأكل وتتحدث . بعد ذلك خرجا الى مقهى يسمح هناك بالتدخين . لن تصدق ما سأقوله الآن ، رأيتها تدخن ، هل سبق لك أن رأيت عراقية تدخن مع رجل غريب ؟ ما أثار عجبي ، أن الرجل لا يتكلم ، ويبتسم لها بين حين وآخر ، ربما قال بضع كلمات ، أما هي فمعزوفة الكلام لا تنتهي عندها . بعد المطعم والمقهى ، نزلا من الطابق الثالث الى الثاني ثم الى الاول وخرجا من المول . سارا باتجاه ساحة التمثال ، كنت أظن إنهما سيذهبان الى مقهى البلدية قرب التمثال ، لكنهما لم يفعلا ، بل دخلا الى شارع سوق الذهب ، هناك محلات لتصريف العملة ، دخلا الى المحل الذي على جهة اليسار ، كانت قيمة الليرة منخفضة ، المئة دولار يباع ب 370 ليرة ، لا أعرف كم من فئة المئة دولار صرف الرجل ، وضع كل المبلغ في جيب قمصلته الجلدية ، ثم خرجا من محل الصيرفة ، وبعدها من شارع سوق الذهب باتجاه محال بيع ملابس الأطفال ، بعدها أتجها الى محطة المترو . تصورت أنني سأضيعهما ، لأنني لم أملك تذكرة صعود المترو ، غير إنهما عبرا المحطة بإتجاه ساحة آخرى ، أقتربا من فندق هيلتون ، قلت في نفسي لن يدخلا الفندق ، هناك ألف سبب يجعلني أتوقع عدم دخولهما الفندق ، غير إنهما خيبا ظني ، نعم رأيتهما بعيني هاتين يدخلانه . ماذا يفعلان ؟ هل من المعقول أن تسألني سؤالا كهذا ؟ صحيح ، أتفق معك ، هناك كافتيريا راقية . لم أدخل خلفهما طبعا ، بقيت واقفا بالقرب من محال الزهور أراقب الباب الخارجي للفندق ، حتى خرجا بعد ساعة . أنا لا أسيء الظن عزيزي ، وأعرف أن هذا حرام .
- توقف لا أريد سماع أكثر من هذا .
- لا تصدقني ، تعال أدلك على شقتها
- أرفض بشدة متابعة أحوال الناس وتفاصيل حياتهم ، فهذا من شأنهم .
- أمشي معي سأدلك عليها .
مشيا معا ، وهما صامتان ، ولما وصلا الى بناية ، قال له ، في هذه العمارة ، الطابق السابع رقم الشقة 26 . حين أبتعد الصديق الفضولي عن صاحبه ، عاد الرجل الأول الى العمارة نفسها ، دخل من الباب الخارجي ، سار الى المصعد ، ضغط على زر الطابق السابع ، ثم مشى بخطوات بطيئة الى الشقة رقم 26 ، فتح الباب بمفتاحه وتهاوى عند العتبة.


  • Like
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

أعلى