عبدالله البقالي - مولاي الحسن مورينو

لم يطمح في نجومية و لا فكر في ان يصبح بطلا. كما لم يكن مناضلا و لا ارتبط بحزب أو هيئة. و بالرغم من ذاك فقد شكل اغراء للمخبرين بكيفية ظلت مستعصية على الفهم و التفسير. فأن يكون الرجل منتميا لنخبة أو سليل أسرة عرفت بالنضال و الكفاح، فذلك قد يعد مبررا. أما أم يكون الرجل أميا و من حضيض المجتمع، فذلك ما ظل لغزا و سرا مغلقا.
في إحدى المرات استدعي الحسن مورينو على عجل للمثول أمام الحاكم المحلي. الاخير اعتقد أنه سيكون أمام طينة من رجال اشتهرت بهم المنطقة. وهو أمر استعد له جيدا عازما على احراز نصر سيعزز به مكانته لدى رؤسائه و يجعله يكسب نقطا. و لهذا فقد حدد مسبقا سير تطور الاستنطاق. و ربما حدد ايضا حتى نبرة صوته في اي مستوى يجب ان تكون، اضافة لمظهره الذي يتوجب ان يوحي بالحزم و الصرامة.
حين وصل الحسن مورينو الى مقر الحاكم، أدخل على الفور. الحاكم و في حركات مدروسة بدقة رفع رأسه و ظل يتأمله للحظات. بدت له هيأة الحسن مورينو تشبه هيأة ثوار امريكا اللاتينية وهو ما دفع به للاعتقاد ان الحوار لن يكون سهلا.
سأله: من تكون؟
أجاب الحسن بصوته الذي يوحي بالفوضى: الحسن مورينو.
_ ماذا تشتغل؟
_ حفار القبور " فابور".
أعاد الحاكم السؤال: ماذا قلت؟
_ حفار القبور فابور.
حدث الحاكم نفسه" لا شك أنه يقصد قبور الحكام"
قال الحاكم بصوت حاد و قد انتصب واقفا كالمارد: نحن لا نمزح هنا. أنا أسألك ماذا تشتغل؟ بماذا تعيش؟
رد الحسن دون ان يفقد شيئا من اتزانه و رشاقته: أنت سألت و أنا قد أجبت.
ضغط الحاكم على زر فظهر مخزني ضخم الجثة كجني. فأعاد طرح السؤال مرة اخرى، و كان أن سمع نفس الحواب، فسأل المخزني: هل ما يقوله صحيح؟
أومأ المخزني برأسه مشيرا إلى أن ما يقوله هو الصواب.
تغيرت نظرة الحاكم للحسن، و ربما أحس بالإشفاق عليه. و في الوقت نفسه اشتعل غضبا وهو يأمر بإحضار من كان وراء الوشاية.
لكن متاعب الحسن مورينو لم تتوقف. و يبدو و كأنه كتب عليه أن يكون أول ملف يشتغل عليه أي حاكم و هو بصدد بداية تجربته بالقرية. لكن قايد هذه المرة كان مختلفا. و اهتماماته بدا أنها تجاوزت حدود ما دأب القياد على الانكباب عليه. و امتدت لتشمل قضايا تتعدى سلوك الناس و أفكارهم. و قد بدا معتدا بنفسه ايما اعتداد حين مثل أمامه الحسن مورينو إذ قال له: بلغني أن الناس ينادونك ب " مولاي الحسن" و أنت تجيبهم و تتفاعل معهم؟
قال الحسن مزهوا: هذا يعني الناس و ليس أنا. ثم هز رأسه مبتسما و أضاف" المحبة".
ضرب الحاكم الطاولة بشدة وقال: هذا تطاول على ما ليس لك. " ما كتعرفش آولد الكلبة أن هاذ البلاد فيها مولاي الحسن واحد؟
أجاب مولاي الحسن دون أن يفقد شيئا من روحه المرحة: أنا يا سيدي مولاي الحسن غير من " ورزاغ" فما فوق. ثم إن الناس هم من يناونني هكذا.
انتصب القايد واقفا كمارد و صرخ فيه: ما تجاوبمش. و الله يا باباك و جاوبتهم حتى نصيفطك ترشى فالقنيطرة.
غادر الحسن مقر القيادة صامتا حزينا. و حين وصل مركز القرية، ارتفعت اصوات من هنا و هناك منادية إياه" مولاي الحسن" لكنه كان يدس ذقنه في أعلى قفصه الصدري، و يحرك إبهامه من وراء قفاه و يشير به " لا"

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى