محبوبة عطية خليفة - ليبية من الشرق

تلتقط عيني صورة بعينها من آلاف الصور وتبحث عن التفاصيل في شجرةٍ جلستُ في هيفها* ذات زردة* في عشيات الصيف الطويلة ، اسرح مع موجة كانت شاهدة على نزق الشباب ورعونته وخوف امهاتنا منها، فليس كل الموج طيب مثلهن.
يتسمر القلب على ابواب تحرس بيوتاً أعرفها باباً بابا وبيت تلو بيت.اتأمل ازقةً شهدت تسارع خطواتنا الفرحة المنطلقة من أغلال الخوف والحذر، نكيّلها جيئةً وذهابا ونعتبر مافعلنا تمرداً ولو في مراحله الأولى !

ليبية من الشرق تتسارع دقات القلب ويعلو وجيبه عند اول زمارة تلاعبها أناملُ شابةً تنقل ميراثاً عامراً بالفن والجمال والنغم، راسماً لوحة لوادٍ يقسم تلك الجنة لقسمين ويجمعهما إن اراد. يستحضر مياهاً رقراقة تندفع بإرادتها لا يحدها إلا الأزرق المهيب الذي يحضنها من الحد إلى الحد

ليبية من الشرق إن غنت (الفونشة)*ووريثات فنها انتابني شعور أنهن يغنين لي فاندمج معهن والقلب مبتهج بمحبة وبشوق لأيام كانت الدنيا مقبلة وتنادي وكنا نلبي ونسعد فلا جرح يؤلمنا ولا عين تملؤها الغيوم ولا خوف من قادم نجهل ما يريد.

ليبية من الشرق ، تأسرني رحلة بالسيارة من بنغازي الى درنة ، نجتاز توكرة الطيبة نقرؤها السلام ثم نرتفع مع (عقبة الباكور) ، وتمد السيارة باتجاه بساط اخضر حيث (المرج) العجيبة ، مرحبةً ومهللةً بضيوفٍ مسرعين يرسلون الشوق عبر نوافذ السيارة وشهقات الإعجاب بهذه الارض الكريمة المنبسطةالممتدة على مدّ النظر.

ليبية من الشرق ،تذهل سيارتنا وروادها وتتردد في عبور ذاك الجمال الرابض على جبلٍ يحضن أيامنا وتاريخاً نعرفه وتطل (البيضاء) والقلوب براحها الممتد حتى( الابرق )ومطارها وكان ذات عمرٍ يعرف شوقنا ويؤكد أنه يهدينا الجمال وقرب الحبيبة فلم يعد بيننا وبينها إلا (القبة) الطيبة المرحبة والبشوش نبادلها المحبة والشكر لأنها الودود دائماً مهما تبدلت الفصول ومهما ادلهمت سحب أيامنا.

ليبية من الشرق،ولم يعد بيننا وبين حبة القلب إلا بضع قلوب متراصة تفتح الطريق لتوصل ماانقطع،وفي( درنة) وعنها يصعب الحديث ويعلو الشجن، وتتعالى نبضات القلب وتصبح الشهادة فيها مجروحة، وماذا سأضيف ؟ لا شيء غير أنها ساكنة هذا الكائن الذي كنته وما سأكونه إن كان في العمر بقية لنحيا ونكتب.

*هيفها: ظلالها
*زردة:رحلة أسرية
*الفونشة:كنية لمطربة شعبية شهيرة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى