محمد عارف مشّة - شارع سقف السيل.. قصة قصيرة

على بعد خطوتين كان يقف هناك . طويل الجسم . مفتول العضلات . له وجه قاس وعينان تتربصان بالمارّة . تجاوزته وسرت مبتعدا عنه ومشيرا بيدي لعل حافلة تقف . لكن أحدا من السائقين لم يفعل .
عيناه مازالتا تلاحقني . حاولت الابتعاد عنه . مشى خطوتين نحوي. تأفف وأخرج زفيرا حادا . قلت لنفسي ربما هو غاضب من شيء خاص به ولا يقصدني .
حاولت التشاغل عنه بإشعال سيجارة ونفث حلقات الدخان في الاتجاه الآخر كي لا يظن بأني أقصد استفزازه . واصلت رفع يدي وفي اليد الأخرى سيجارتي المشتعلة . نظرت نحوه خلسة بعد أن تأكدت بأني نفثت حلقات الدخان من فمي وأنفي . فتقدم بثلاث خطوات وهو ينفث غضبه وسخطه نحوي . لا مجال للابتعاد أكثر بعد أن ارتطم ظهري بعمود إسمنتي . استسلمت لقدري . أعلنت تشهدي وتذكّرت بأني على وضوء وقد فرغت توا من صلاة العصر ، فحمدت الله وانتظرت اقتراب موتي .
أسرع في خطواته نحوي . أسرعت دقات قلبي . أسرع هو أكثر . كادت أنفاسي أن تتوقف . وصلني . وقف أمامي مباشرة . نظر في عينيّ . عبس وجهه . لوّح بيده في الهواء ثم قال : لو سمحت معك سيجارة ؟.
ضحكت وقلت : لا
تابعتُ سيري ببطء عن الرجل ، مشيرا بيدي لسائقي السيارات علّ أحدهم يوقف لي سيارته .
  • Like
التفاعلات: نبيلة غنيم

تعليقات

ربما تتضخم بعض الأشياء في حياتنا لدرجة تُخيفنا بل ترعبنا ثم نتفاجأ بانها تافهة ولا تستحق منا كل هذا الفزع!
كعادتك أستاذنا تكتب بحروف التشويق التى تجعلنا نلهث وراءها حتى نأتى غلي نهايتها ؛ فترتسم علي وجوهنا الابتسامة
تحياتى
 
أعلى