فاطمة المعيزي - العدو.. قصة قصيرة

منذ شهور وأنا والخوف سيان، يلازمني وألازمه، وأحيانا يتفرس في وجهي وكأنه لايعرفني، حتى أنني أشعر بفرائصه ترتعد، فيما أنا أتظاهر بالتماسك وأعرف جيدا أنني مراقبة من طرف عدو ينتظر الفرصة لينقض علي بدون رحمة. يتربص بي ليجعلني فريسته المشتهاة فيما أحاول قدر الإمكان تجنبه، ليس لعدم قدرتي على مواجهته ولكن لأنه لعين قذر ، مزق كل المسافات وطوى كل الأجنحة، واخترق كل الأجواء ليضمن قوته وجبروته على هذه الأرض، وليقول في العلن أنا هنا لي ما لكم ولي في أرواحكم نصيب.

أنا لا أحب السلاح، حتى الأبيض منه، ولو أن كل شيئ في حد ذاته سلاح، يمكنك استغلاله في الدفاع عن نفسك ابتداء من المقلاة والحذاء والشوكة ولسانك ......والحب أيضا.
ومما ظل عالقا في ذاكرتي ، حركات أخي الحاصل على الحزام الأسود في رياضة الكراتيه وهو يعلمني حركاته الخمس الأساسية " قائلا:
- لاتكوني ضعيفة ..... هيا استخدمي ركبتك...... حافظي ....حافظي على توازنك هيا .....
أبدأ في الشكوى مدعية العياء فيهجم علي ويصبح لزاما الدفاع عن نفسي فيما كان يصرخ :
- لا تحتاحين سلاح، أتدرين ما معنى " الكراتي" اليد الخالية من السلاح

ولا أكذبكم القول أن الأمر ساعدني كثيرا في بعض المواقف، فيما ظل أخي كلما جلسنا على مائدة الأكل ، بادرني بالسؤال:
- ماذا ستفيدك كرة السلة? تعلمي حمل السلاح بيديك فارغتين ، ليس بالضرورة أن تتشابك مع منافسك لتنتصري عليه ، يكفى أن تعرفي كيف تتقي الطعن لتجبريه على التوقف "
- لكن يا أخي كيف أتفادى هذا العدو وأتقي ضرباته?
مالم أحصل على السلاح ?
- تعرفين أن هذا النوع من السلاح الذي ترغبينه مطلوب دوليا......أعدك بالتصرف.
نمت مطمئنة على أمل أن أستيقظ صباحا وأرتذي..... الحزام الناسف وأقول بأعلى صوتي لعدوي " هيث لك أيها النرجسي الجبان أنا هنا، أستطيع أن أنفض ذاكرتي مما بقي عالقا فيها من حركات الكراتيه ، وأسحقك.
تناولت قهوتي كالمعتاد على زقزقة العصافير التي اعتادت وجبة قمح من يدي كل صباح. توكلت على الله وبدأت بأول خطوة يوصي بها برتوكول الحرب القهري، وضع الكمامة......أختنق .... علي عدم إزالتها كما تقول التعاليم ..... هذه الكمامة أعفتنا نحن النساء من أحمر شفاه نتفنن في شرائه" ماركة مسجلة" بأعلى ثمن.... علىي ألا أضع يدي على مقود السيارة بعدما فتحت باب الحديقة بيمناي ... أكيد قد يكون العدو قضى الليلة ساهرا ينتظر قبلاتي الصباحية، وضعت يدي اليسرى على السلاح.... تذكرت ......يا إلاهي إنها اليسرى , قد لاأتحكم في الضغط على الزناد...سأحاول... صوبت السلاح إلى الباب ...طلقتين مات الباب....
صرخت داخلي
- والعدو?
- لا أراه.
صوبت أيضا طلقتين ليدي لربما مات بعدما كان ينتظر نهايتي بكيفيته المقززة ، انطلقت مسرعة لا ألوي إلا على الإفلات من خوفي .
القشعريرة تنتهك حرمة تجلدي، يجب أن أستجمع قواي، لست الأولى التي تقتل وتتجه لعملها كأن شيئا لم يكن، ثم ماذا? كان سيموت على كل حال ، سواء بسببي أو بسبب غيري، علي أن أبقى هادئة ، فأنا متورطة في جريمة ، وكل غلطة ستودعني سجن غبيلة.
جلست أحاول التخلص من السلاح المخبأ في حقيبتي . في هذه الأثناء يقف شخص ببذلتة الرياضية ونظارته السوداء يقول لي
- معك المحقق .....
- المحقق ?
- نعم خرجت للثو من قميص أغاتا كربستي

- أظنه هو الضحية ?
- ربما هناك تشابه في الأسماء سيدتي
- أنا قتلته ومعي الأدلة القاطعة
- لايمكنك ذلك، وحتى إن فعلت، ستتمتعين بظروف التخفيف
-ولما أنت هنا?
- لأسلمك سلاحا آخر أكثر فعالية....سلاحك
دخيرته على وشك النفاذ.
مد يده بقنينة تعقيم من الحجم الكبير وقال:
- الماء والصابون أفضل دبابة لمواجهته
- هل هي حرب عالمية ثالثة?
قال وهو يبتعد:
- حرب .....ههههه لانحتاج لحرب لنقتل أفكارنا .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى