آصف فيصل - وَقَفَ عِنْدَ مَصَبِّ الْعَرَجِ

أَظُنُّ بِأنَّي أُشْبهني ، كُنْتُ أمْتَعِضُ مِنْ تَطَابُقِ حَدِيثَي لَكِنَّنِي تَأَكَّدَتُ بِأَنَّهُ لَنْ يَكُونَ مَا أُكَوِّنَه إنْ لَمْ أَكُنْ ! يُغْنَينِى أنَ أَخُطَّ حِبْراً فأَجِدُنِي مُؤَثَّلاً عَبْرَ العُصُور ، أَفْزَعُ مِنْ إِتِّضَاحِي تُجَاه ذَاتَي ، لَا آنَسَ غَيْرَهَا ؛ هَذَا الوُضُوح يُبَيِّنَ عَمَّ بَيْنِنَا مِنْ قَطِيعَةٍ لَا تَقْبَلْ الإِخْتِزَال .
أَعْمَلَتُ النَّظرَ فِي تَعَرُّجَاتِ زِنْد ذِّراعِي ، اِكْتَشَفتُ مَنْافِذاً أُخْرَى للإِكْصَاصِ . اِنْتَهَبَتْني مُخَيِلتَي إِلَى كُلِّ الأَمْكِنَة الَّتِي لَمْ أرَهَا مِنْ قَبَل كَمَنْ يَطْلُبُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ . ظَلَلَتُ مُنْتَصِباً فِي مَحَلّي مَهْمَا هَرْوَلَت ، بِدَاخِل كُلِّ ابْتِسَامَة ثَمَّة صَرْخَة تَتَفَانَى عَبْرَ قَرِيحَة الوُجُود لَأَنْ تَعِيشَ ، كَذَاتٍ بَرَحتَ نَفْسَها مُنَقِّبةً عَنْ مِقْدَارِ العَوَزَ بَيْنَ مَعْرِفَة الذَّاَتِ وَ إدْرَكِهَا وَ تَقْيِيمِهَا .
يَتَشَكّل هَذَا العَالَم بَيْنَ يَدَايَّ اللّتانِ أُرِيد أَنْ أُطَوِّقهُ بِهِمْا ، أُنْصِتُ لحَرَكَتِه بِشَغَفِ أَصَمٍّ يَسْمَعُ لأَوَّلِ مَرَّة ، وَ لا يُدْرِك كَيْفَ طَرِشَ عَنْ هَذَا الصِيَاحَ رُغْمَ عُلُوِّه .أَفْرَطَ تَأَمُّلَ مَا لَا يُلِّمَه ، لَدَيَّه العَدِيدُ مِنْ الْخِصَالِ وَ عَيْبٌ أَوْحَد كَانَ كَفِيلاً بإِتْلَافِ كُلِّ مَا أَسَّسَه ، كَانَ يَبْتَسَمُ لإنَّه أَمْثَل خِيَار وَ يَسْتَسْلِم لإنَّه بَدِيل أَكْثَر عَقَلانِّيَةً .
تَسَعَى الْأَنْفُس المُكَبَّلة للاِنْعِتَاق و ترَغَبُ الذَّاوَت الطَّلِيقَة للتَشَيُيء ، بَدَى وَ كَأَنَّه إِحْتِفَال تَحَوَّلَ لجَنازَةٍ بِلَا مَوْتَى ، أطْلَق أَحَد الْحُضُور نَفْسَه عَلَى سَجِيَّتَها فَإِقْتَدِى بِهِ الآخَرُونَ .
لَنْ انْزَعِجَ فَقَدْ اِقتَرَبَ الْمَرْفَأُ وَ إِسْتَفاقَ الرُّبَّانَ مِنْ قَيْلُولَتِه ، قَرَّرَ أنْ يَجْزِيَ الأقْدَمُونَ فِي التَرَقُّب ، يَا لَلْأَسَفِ قَدْ ضَيَّعَنا آلاَف الْحَكَايَا وَ إِنْخَرَطَنا فِي سَرِادِب ظُنُونِنَا ، فَمَا أَعْظَم الفَرْقَ بَيْنَ إضْطِرَاب المُتَرَقَّبِين وَ إِطْمِئْنَان المُدْرِكِين .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى