محمد عارف مشّة - ماااااااااااااع / قصة قصيرة

ـــ حقير . حقير . ... صرخت البنت .
كان يقف في نهاية الشارع الممتد ما بين موقف السيارات الصغيرة ، وبسطات البائعين لكل شيء مسروق في سوق الحرامية .
كان يقف كقرد بهلواني في سيرك ، فتاتان عيونهن تتصيد الرجال القادمين من اتجاه دار العرض السينمائية ، والمشهورة بعرض الافلام الجنسية المثيرة لنزوات الشباب ، والرجال كبار السن المحرومين من زوجاتهم ، أو العمال المتعبين العائدين بخبز اولادهم .
شاب في نهاية العشرين من عمره يقترب من إحدى الفتاتين . الفتاة تتمايل بغنج ودلال . تقترب منه . يحتك جسدها بجسده. يقترب منها أكثر . يمد يده إلى جيبه . يعطيها نقودا. تحتضنه بطريقة أكثر إغراء . الشارع خال من رجال الشرطة . يمضيان نحو زقاق مظلم .
يزعم البعض بأن شرطة الآداب لا تتجرأ الوصول اليهم ، لأن معظمهم زبائن عند الشيخة عواطف . هذا ما همست به البنت ، وأضافت : ـ أن الشيخة عواطف هي المسؤولة ، ومن واجبها حمايتهم . البعض الاخر يزعم أن غالبية شرطة الآداب يخشون اقتحام الشارع ، لأنه مملكة الشيخة فرحة التي هي حامية للشيخة عواطف . سكتت البنت فجأة ، لتورطها بقول ما لا يجب قوله.......
عشر دقائق فقط . عادت الفتاة ضاحكة بغنج ودلال ، أخرجت النقود من جيبها . أعطته قسما . حاولت أن تضع ما تبقى في حقيبتها . شد يدها بعنف. أصرّت على وضع المبلغ المالي في حقيبتها . صرخت ألما . أصرت . صفعها . لكمها . صرخت أكثر . أسرع المارّة في سيرهم خشية أن يقع العقاب على أحد منهم . اقتربت منهما الفتاة الأخرى تحاول إنقاذ صديقتها . ركلها . سقطت أرضا . شدّته من ساقه. ترنّح في وقفته . شدّته الفتاة الأولى من شعر رأسه الكث ، ترنح أكثر . تمايل . ثبّت جسده بالحائط المجاور لوقفته. فعمل على توازن جسده . خلّص شعر رأسه من يديّ الفتاة . ركل الفتاة التي تمسك بساقة . ارتطم وجهها بإسفلت الشارع . تمايلت الفتاة متألمة حينما شدّ الحقير شعرها . أسرع المارّة في ركضهم الهارب مبتعدين . لم يجرؤ أحد على إنقاذ الفتاتين ، أو النظر صوبهن ، خشية العقاب من رجال الشيخة عواطف .
ناولت الفتاة ذات الشعر الأسود الطويل ، كامل المبلغ للحقير. نهضت من كانت تسقط أرضا . نفضت ثيابها . نفش الحقير ريشه كديك . ابتسم للفتاة التي نهضت واقفة . ناولها سيجارة مشتعلة . أخذتها منه . وضعتها بفمها . نفثت حلقات دخانها . ضحكت بعد الشهيق الاول . ترنحت ضاحكة بعد أن نفثت قليل ما أدخلته لصدرها من شهيق . ناولت صديقتها السيجارة . أخذتها بلهفة . اشتمتها بعمق نفس طويل . وضعت عقب السيجارة بفمها . اخذت شهيقا عميقا . كتمته . نفثت القليل مما دخل لصدرها . راحت تتمايل راقصة . أحد من المارة لم يلتفت لهن . أحد من المارة لم يجرؤ النظر صوب الفتاتين . منبهات السيارات مازالت تزعق منبّهة المارّة كي يهرب سائقوها من المكان ، المارّة يهرولون خائفين مذعورين ، في زمن ذعر الفئران .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى