محمد عارف مشّة - حكمة دجاجة.. قصة قصيرة

ارتدى أجمل ثيابه ، وضع عطرا رائقا . حمل حقيبته ، وخرج ليعرض كتاباته على محرر في مجلة ثقافية .
استقل سيارة خاصّة ليتعجل الوصول . جلس في المقعد الخلفي وقال متباهيا : إلى المجلة الثقافية من فضلك .
نظر له سائق السيارة في المرآة وقال :
ــ هل أنت صحفي ؟
رفع رأسه بشموخ . نظر من خلال زجاج النافذة بلا مبالاة ، وأجاب : لا. أنا كاتب .
ــ ماذا تكتب ؟
راح يدندن في كلمات أغنية ، متجاهلا سؤال السائق . شعر السائق بضيق . ضغط على دواسة البنزين ، فانطلقت السيارة بسرعة أكبر .
ــ هنا لو سمحت قالها بطريقة توحي بالأمر والغرور، وأضاف : كم أجرتك ؟
*خمسة دنانير قال السائق بجفاء
ــ خمسة دنانير ؟
تفقد كل ما في جيبه من نقود فوجدهم ثلاثة دنانير . لكني أمتلك ثلاثة دنانير فقط . قال بشيء من الخيبة .
*ثلاثة دنانير ؟ هاتها وتقول أنك كاتب ؟ قالها بسخرية ، وأضاف : كاتب استدعاءات أمام المحكمة حضرتك ؟. قالها السائق بشماتة .
صعد درجات السلم وهو يخفي خيبته من السائق ، وقد حاول رسم ابتسامته ، حين طرق باب غرفة مكتب المحرر .
ــ أدخل . جاء له الصوت من الداخل أجشا مبحوحا . أصلح هندامه . تنحنح مستجمعا شجاعته . نمّق ضحكته أكثر ، و فتح الباب . سار بخطى واثقة نحو طاولة الصحفي ، ظلّ الصحفي منكبا على أوراق بين يديه . ودون أن ينظر له سأل : نعم . ماذا تريد؟
ـ أنا الكاتب ........
*ماذا تريد ؟ سأل المحرر باقتضاب .
ــ بيننا موعد لقاء و..........
أشار له بيده دون مبالاة وقال : اجلس
اختار مقعدا قريبا من طاولة الصحفي . وضع يديه على ركبتيه تأدبا منتظر أن يسمح له الصحفي بالكلام ، فظلّ الصحفي متجاهلا وجوده .
تنحنح ليذكر الصحفي بوجوده .
*ضع مجموعة كتاباتك على الطاولة أمامك ، وإن كان فيها شيء صالح للنشر ، سوف تقوم المجلة بنشرها .
ــ ولكن ..........كنت ........
*مع السلامة قالها الصحفي دون أن يرفع بصره عن أوراق أمامه .
خرج الكاتب ، ولديه الرغبة بالقيء على الصحفي ، وعلى المجلة ، وعلى نفسه ، فأجّل مشروع القيء ، وخرج مسرعا متعثر النظرات . ارتطم بالباب الزجاجي . نهره البوّاب قائلا : هل أنت أعمى ؟ .
قمع الكاتب قهره ، تناول علبة سجائره من جيبه ، أخرج سيجارته الأخيرة . كوّر السجائر الفارغة بقهر . داسها بقدمه . اخترق الحشود الداخلة للمجلة الثقافية ، مسرعا نحو بيته .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى