ليلى مهيدرة - اتحاد كتاب المغرب في مؤتمره 19.. ورحلة البحث عن أفق تنظيمي وثقافي جديد

على بعد أسابيع قليلة من انعقاد المؤتمر التاسع عشر لاتحاد كتاب المغرب بمدينة طنجة، والذي تم تأجيله عدة أشهر لأسباب تنظيمية محضة، ودون الخوض في حيثيات وظروف المسببات الباطولوجية الكامنة وراء ذلك التأجيل، ولا المبررات التي كانت تقدم للمنخرطين، ولا حتى البحث والتدقيق فيها، فالمؤتمر تحدد موعده والحمد لله، ونتمنى ان لايستهلك كل مدته على النقاش حول الأزمة.

لكن قبل ذلك حري بنا ونحن نسترجع الماضي الزاهر و المشرق، استحضار الدور الريادي الذي لعبه هذا الصرح الثقافي العتيد منذ ستينيات القرن الماضي، على يد جيل الرواد الكبار، حين كانت هذه المنظمة والمنارة الفكرية من أهم هيئات الأدباء المستقلة عربيا، إلى جانب اتحاد أدباء لبنان والبحرين التي لا تنضوي تحت أي لون حزبي او حكومي، ونظم العديد من الملتقيات الأكاديمية والندوات الفكرية على المستوى العربي والمغاربي بعدة مدن مغربية متفرقة، ما زال التاريخ يشهد بها، الشيء الذي لم نعد نشاهده في السنوات الأخيرة، ولعل هذا يثبت بأن الإتحاد في وضع متأزم، ويشهد عدة استقالات جماعية، واحتجاجات متفرقة على خط تسييره، وهو المفترض فيه توحيد الجسد الإبداعي المغربي، وخلق حراك ثقافي، والاهتمام بالمشهد الثقافي الوطني، والتموقف من ما يجري على الساحة الوطنية والعربية والعالمية، وإصدار بيانات بهذا الشأن، والاهتمام بوضع المبدع المغربي، في وقت يحس فيه هذا الأخير بأنه محاصر بإكراهات عدة، يظل مكتب الاتحاد مسئولا عنها، إنها نوع من أزمة ثقة، بين المكتب الرئيسي ومكاتب الفروع التي عادة ما تصل إلى الباب المسدود فتلجأ إلى التجميد، هذا إذا لم تولد ميتة من البداية، لانعدام تواصل وحوار بناء، بحيث تكاد تنحصر علاقة العضو بالمكتب المركزي في حالتي التعزية والمطالبة بالرسوم المتفق عليها.

ويتساءل المرء عن مدى فائدة الإتحاد إذا كان لا يخلق جسورا للتواصل بين أعضائه، ولا يساهم في خلق سؤال ثقافي، وتحديد الرؤى بين كل الفعاليات الثقافية، وخلق نوع من اللامركزية، والانفتاح على مدن الهامش بدل التموقع في المدن والحواضر الكبرى، والانفتاح على المؤسسات التعليمية وتشجيع الشباب، ومساعدة الأدباء في نشر أعمالهم الابداعية، وخلق حراك ثقافي يحافظ على الهوية المغربية، خلق نقاش بين أعضاء الفروع الجهوية من خلال إنشاء بنك للإرث الثقافي الجهوي، وخلق مناخ إعلامي غني يساعد الباحثين ويقرب وجهات النظر، وفتح الآفاق أمام الكتاب الشباب، والمشاركة الفعلية في الحراك الفكري العالمي

بانعقاد المؤتمر ومهما كانت الأسئلة الثقافية التي قد يطرحها المؤتمرون ومدى أهميتها ، فالأكيد سينحصر الاهتمام حول المكتب القادم الذي سيتربع على رأس الاتحاد، مكتب قادر على حل الأزمة الراهنة، والخروج منها بأقل الضرر، مع العلم أننا نحتاج في ظل هذا، ابتكار آليات جديدة للعمل من أجل مسايرة متطلبات العصر، وما يفرضه الواقع حتى يصبح جمعية عمومية فاعلة بما تحمله من معنى، كما كان في الماضي، فتعاقب الأسماء والتشكيلات والانتماءات والانحياز لجهات حزبية مهينة، من دون سياسة واضحة وغيرة على الهوية الثقافية المغربية ليس سوى تكريس للوضع القائم وحصد المزيد من الأزمات والركود

المكتب الجديد مطالب بحضور ثقافي مسئول ووازن يشرك أعضاءه في قراراته، ويفتح المجال أمام جميع فروعه من أجل مناقشة الشأن الثقافي، بدل خلق تمركز لا يتجاوز الرباط والبيضاء حتى لا يتحول الشعار الذي طرحه الاتحاد لمؤتمره التاسع عشر "نحو أفق تنظيمي وثقافي جديد" إلى مجرد شعار انتخابوي لا أكثر ، وحتى تحاقظ هذه المؤسسة الثقافية العتيدة على دورها الطليعي والريادي في ظل تواجد الوسائط الاجتماعية البديلة ، وكثرة الفاعلين الثقافيين، وتنامي تأسيس الجمعيات والمقاهي الثقافية، ورابطات المبدعين والمبدعات، واتحادات كتاب الانترنيت وغير ذلك من التنظيمات العشوائية، وذلك بسن سياسة لامركزية من شانها الاقتراب أكثر من المبدعيم ، بتشجيع الفروع الجهوية على خلخلة المشهد الثقافي المحلي ، ودراسة خصوصياتها الفكرية واللغوية والسوسيوثقافية، ومواكبتها بالتأطير والدعم المعنوي، بدل الصراع الحزبي الضيق، والتبعة لدوائر حزبية أو حكومية، الشيء الذي أدى إلى تراجع إشعاعه الفكري ودوره الثقافي الريادي المنوط به

شخصيا لا أهتم بتشكيلة المكتب التي سيفرزها الصندوق بقدر تطلعي لمستقبل وعافية هذه المنظمة الثقافية المغربية العتيدة، ورد الإشعاع والحيوية إليها، وإخراجها الإتحاد من الأزمة والركود الذي تعيشه حاليا"، وأن ينجح في ترتيب بيته الداخلي ويسترجع مجده الضائع، جدد سياسته الداخلية و ينفتح على جميع الحساسيات الفكرية والاثنية، دون إقصاء لأحد أو معتقد


ليلى مهيدرة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى