جمعة شنب - كلاب.. قصة قصيرة

الشّرطيُّ الّذي استوقفني في منتصفِ طريقي إلى عملي، كان فظًّا: سألني ما إذا كان اسمي عبد الهادي محمد أبو ذنب، وما إذا كان اسمُ أمّي وهيبة زيد المربوع، فتيقّنتُ أنّه أنا، وأومأتُ بـ«نعم»، فرفسني شيءٌ في ظهري، وسقطتُ على الأرضِ، وانهالت عليّ هراواتٌ ملساءُ وصلبةٌ، ثمّ فقدتُ وعيي .

صحوتُ في غرفةٍ جرداءَ ضيّقةٍ. وكان كلُّ إنشٍ مربّعٍ في جسدي يخِزُني بصورةٍ مربكةٍ. ولمّا حاولتُ الوقوف، خذلتني قدماي. وسقطتُ على الأرضِ الإسمنتيّةِ، وبكيتُ. وأظنّني غبتُ عن وعيي ثانيةً.

استيقظتُ على صوتٍ رفيع يشتمني ويأمرُني بالوقوفِ، ولما حدّقتُ في وجهِه، وتيقّنتُ أنّه سيرى إيماءةَ حاجبيّ بعدمِ القدرةِ، قال عنّي كلامًا معيبًا، ونادى رَجُلينِ سحباني على وجهي إلى مكتبِه .

في مكتبِه أخبرني أنّني خائنٌ، وأنّني ابنُ كلبٍ ومارقٌ، وقالَ كلامًا غيرَ صحيحٍ، يتعلّقُ برجولتي، وأتبعَ في أمّي كلامًا مخجلًا، ثمّ طلب منّي أن أوقّعَ على ورقةٍ مطبوعةٍ بعنايةٍ شديدةٍ، ولمّا تبيّنتُ الفسحةَ المُعَدّةَ لتوقيعي، وقّعتُ، ثمّ وقَعتُ مغشيًّا عليّ.

عندما صحوتُ وجدتُني ميّتًا على الرصيفِ. وكان كلبانِ كبيران ينبحان حولي، فيما جرؤت بعضُ القططِ على مزاحمةِ تسعةَ عشرَ كلبًا تنهشُ لحمي، فأغمضتُ عينيّ المتورّمتين، وتابعتُ الموت.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى