سعد عبد الرحمن - سلطان في زير

لما توجس السلطان الكامل زين شعبان بن الناصر محمد بن قلاوون أحد سلاطين دولة المماليك البحرية ( 1345 - 1346 م ) خيفة دون مبرر من أخويه سيدي حاجي و سيدي حسين أرسل من قبض عليهما و زج بهما في السجن ، و راح يدبر لقتلهما فحالت دون ذلك أخبار وردت بأن بعض مماليكه الكبار أعلنوا التمرد عليه لما بلغهم أنه ينوي الغدر بهم و أنهم توجهوا إلى قبة الهواء ( مكان بجبل المقطم قريب من القلعة ) لابسين آلات الحرب ، و استدعى السلطان الأمراء و المماليك الكبار لمواجهة التمرد فتثاقلوا و لم يخرج معه من القلعة حين دق طبل الحرب غير بعض صغار الأمراء و أربعة فقط من الكبار هم أرغون العلاي زوج أمه و قطلوبغا الكركي و إيستدمر الكاملي و جوهر السحرتي مقدم المماليك ، و ضرب المماليك المتمردون و هم كثر الحصار حول السلطان و من معه، و وقعت مناوشات بين الفريقين قتل فيها الأمير أرغون زوج أم السلطان فتسحب من حول السلطان أكثر من كان معه، و حينئذ أسقط في يده فلاذ بالهرب متجها إلى القلعة كي يختفي فيها و يحتمي بها ، و أخذ المماليك المتمردون يفتشون القلعة بحثا عنه شبرا شبرا حتى وصلوا إلى بيت أمه فهجموا عليه لكنهم لم يجدوه به ، فهددوا جواري البيت بالقتل إن لم يقلن أين يختبئ السلطان ؟ و لما أيقن الجواري ألا سبيل لتوقي الموت إلا بالكشف عن مخبأ السلطان ، أشرن إلى أنه دخل إلى بيت الأزيار ( موضع توضع فيه أزيار الماء المستعمل للشرب بالقلعة ) فدخل جماعة من المتمردين إلى البيت و فتشوه فوجدوا السلطان مختبئا داخل زير منها فأخرجوه من الزير و ثيابه مبلولة يتساقط منها الماء .
و قد قتل السلطان الكامل شعبان خنقا بعد سجنه بأيام قليلة ، و تسلطن بدلا منه و خلفا له سيدي حاجي و هو أحد أخويه اللذين كان يدبر لقتلهما قبل اندلاع التمرد بوقت قليل ، و تلقب السلطان الجديد بلقب الملك المظفر حاجي .. و سبحان المعز المذل .


( من بدائع الزهور في وقائع الدهور ج1 لابن إياس بتصرف )



من كتاب المخطوط (مائة حكاية و حكاية من التاريخ)..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى