بهاء المري - إبراهيم حمدي بطل رواية وفيلم "في بيتنا رَجُل" إرهابي عتيد(*)

إبراهيم حمدي بطل رواية وفيلم (في بَيتنا رَجُل) والذي هو في الواقع حسين توفيق قاتل أمين عثمان باشا سنة 1946، ليس هو المناضل الوسيم الثوري الذي رأيناه في صورة النَجم العالمي عُمر الشريف، بل هو شاب لديه عيوب جسدية وعصبية، مَهووس بالقتل(1).
حسين توفيق أشهر قاتل سياسي في تاريخ مصر، وسِر شهرته أنَّ الأديب إحسان عبد القدوس كتب رواية "في بَيتنا رَجُل" اقتبس فيها شخصية إبراهيم حمدي من شخصية حسين توفيق القاتل السياسي، ليُحوله إلى بطل وطني عظيم، ويَختار المُخرج هنري بركات الرواية لتُصبح فيلما شهيرًا يقوم ببطولته عمر الشريف وزبيدة ثروت وحسن يوسف.
لقد أحب الناس تلك القصة وتصوَّروا أن البَطل الحقيقي لها شخص يَستحق التقدير والحب، ولكن شتَّان بين الفيلم والحقيقة، ومن يَعرف البطل الحقيقي حسين توفيق يعلم كم من الجرائم تُرتكب باسم الوطنية(2).
كان حسين توفيق وجماعته مُقتصرين في عملياتهم على الحوادث العشوائية غير المُخطَّطة والتي لا تُحدث أي نتائج سوى تخويف بعض جنود الانجليز، إلى أن اقتنع بضرورة التخلص من أمين عثمان وزير المالية في في حكومة الوفد برئاسة النحاس باشا سنة 1943 وهو الذي وصَف علاقة مصر وانجلترا بأنها زواج كاثوليكي دائم.
وُلد حسين توفيق في 27 ديسمبر عام 1925 في بيت أرستقراطي، حيث كان والده أحد كبار موظفي الدولة، ووصل إلى مَنصب وكيل وزارة المواصلات وحصل على الباشوية في ذلك الوقت، وتعلم الشاب الثري في مدرسة الفرير بالخُرنفش، ثم انتقل إلى مدرسة فؤاد الأول الثانوية.
اشترك حسين توفيق في اغتيال مصطفي النحاس باشا زعيم الوفد بدعوى موافقة الوفد على الحكم في ظل الاحتلال، وعندما لم يَنجح قرر اغتيال أمين باشا عثمان وفَعَل(3).
ولم يكن حسين توفيق عضوًا بأي تنظيم سياسي معروف، ولم يتصل بأي حزب من الأحزاب السياسية (4).
وفي عام 1965 وقع حسين توفيق تحت تأثير بعض العناصر من جماعة الإخوان المسلمين، لم يَجدوا صعوبة في إقناعه بالمشاركة في مؤامرة كان من ضِمن أهدافها اغتيال جمال عبد الناصر، وذلك بزرع حزام من المواد الناسفة تحت شبكة المجاري بامتداد شارع الخليفة المأمون من الناحيتين، القادم لمصر الجديدة من البلد وبالعكس، وفي مكان لا يَبعد عن منزل عبد الناصر بأكثر من أربعمائة متر، وعندما تمر سيارة عبد الناصر فوق مكان الحزام الناسف في الطريق يُفجَّر هذا الحزام باللاسلكي من إحدى الشُّقق السَّكنية المطلة على الطريق، وانكشفت هذه الخلية نتيجة تبليغ أحد المشاركين فيها، وتم القبض على المتآمرين الذين اعترفوا على حسين توفيق(5).
- الكاتب إحسان عبد القدوس يُخفي حسين توفيق:
بعد هُروب حسين توفيق بيَومين، تقدَّم الكاتب إحسان عبد القدوس للنيابة بخطاب قال عنه إنه وصل إليه من حسين توفيق على دار "روز اليوسف".
وكان إحسان عبد القدوس قد آوَى حسين توفيق في بيته بعد هروبه قبل محاكمته، وبعد ذلك استلهم من حكايته روايته "في بيتنا رَجُل".
وفي ذلك يقول الضابط في البوليس السياسي محمد عبد العزيز(6): "في اليوم التالي كان هناك حفل بدار سينما استوديو مصر، وكنتُ مَوجودًا في الحفل بحكم عَملي، ووجدتُ الأستاذ إحسان هناك فأقبلَ عليَّ يُحيِّيني ثم وضع يده على كتفي وقال:
- إنت مِش رايح تضبط لنا حسين توفيق بقَى؟ قال ذلك وعلى وجهه ابتسامة عذبة ساذجة.
فوضعتُ يدي أنا الآخر على كتفه، وحملقتُ في وجهه وابتسمتُ وحاولتُ أن تكون ابتسامتي على الأقل عذبة وقلت له:
- كده؟ ما تطلَّعه أنتَ بقَى، أحسن بعدين مش كويس.
فقهقه الأستاذ إحسان كأنَّ الأمر لا يعدو أن يكون نكتة أو هزارًا وتركني وهو لا يزال يُقهقه.
وقلت للأستاذ إحسان عندما تقابلنا ثانية بمناسبة كتابة مذكراتي:
- أخشى أن يأتي ذِكرك في هذه المذكرات.
- قال: عن إيه؟
- قلتُ: عن حسين توفيق، حكاية الجَّواب.
فضحك كما فعَلَ مرَّة من قبل وقال:
- كنت أعرف أنك تشك فيَّ، ولذلك لما قابلتك في سينما استديو مصر أردت أن أبدأك قبل أن تبدأني، فرجوتك في ضبط حسين توفيق، ولما عدتُ إلى منزلي بعد انتهاء الحفل أخبرتهُ بما حصل بيني وبينكَ.
- قلتُ: أخبرتَ مَن؟
- قال: أخبرتُ حسين توفيق.
- قلتُ: إزاي؟
- قال: لأنه كان في بَيتي.
- قلتُ: والخطاب اللي قدَّمته للنيابة؟
- قال: كتبَهُ حسين توفيق في بيتي في غرفة نومي بالذات.
- قلتُ: بإملائك؟
- قال: بمساعدتي، هو كَتب شوية وأنا ساعدته في الأسلوب شوية، وقد أخذتُ الخطاب وألقيته بنفسي في صندوق الخطابات، ووصل إليَّ في اليوم التالي على مَكتبي بروز اليوسف، فأسرعتُ به إلى النيابة، وكنتُ أهدف من ذلك إلى غرضين، الأول أن أبعد البحث عن حسين في القاهرة، وأبعد البحث عنِّي أنا شخصيًا.
- قلت: وكيف وصل حسين إلى منزلك؟
- قال: لم أكن أعرفه، ولكني كنتُ أدافع عنه لأني كنتُ مُؤمنًا بأن الظروف السياسية هي التي أدت إلى قتل أمين عثمان، ولأني كنتُ مؤمنًا بأن دوافعه وطنية، اتصل بي الأستاذ سعد كامل المحامي تليفونيًا ثم حضر إلى منزلي وأخبرني بهروب حسين توفيق، وأنه موجود في مكتب الأستاذ عصمت سيف الدولة المحامي، فنزلتُ مع سعد كامل في سيارتي الأوستن الخاصة، وذهبنا إلى مكتب الأستاذ عصمت ونزل معي حسين وتوجَّهنا إلى منزلي بشارع القصر العيني، وكان حسين يضع على عينيه نظارة سوداء، وقد تعمدتُ أن أبدو طبيعيا، فعندما وصلنا منزلي أوقفتُ السيارة وتعمدتُ أن أُحدث مشاجرة أو خناقة مع واحد كان يُزاحم الطريق بعربة يَد، وكان حسين توفيق قد نزل من السيارة ووقف بجواري ولم يتنبه أحد إليه، ودخلنا باب العمارة أمام البوابين وعامل الأسانسير كأنَّ الأمر كان عاديًا وركبنا الأسانسير.
وتعاونتُ أنا وزوجتي على وضع خطة بحيث لا يَشعر أحد بوجود ضيف عندنا، فكنا في كل صباح نعمل حركة تغييرات وتنقلات وفتح وغلق أبواب الغُرف ودورة المياه؛ حتى يستطيع حسين أن يتنقل من هذه إلى تلك دون أن يحس به أحد من الخدَم، وكان حسين توفيق ينام بجوارى ويَحمل مسدسًا بصفة دائمة ويضعه تحت رأسه.
ومَكث حسين في بيتي على هذا الحال أربعة أيام، اثنان قبل تقديم الخطاب، والثالث الذي قابلتكَ فيه باستديو مصر، وفي اليوم الرابع قرَّرنا ضرورة نقله إلى مخبأ آخر، فقد عَرف أحد الخدم بوجوده وقال للمربية أنا شُفت حسين توفيق هنا، فخشيتُ من السُّفرجي والبوليس السياسي وخصوصًا إن الراديو كان يُعلن عن مكافأة خمسة آلاف جنيه لمن يَضبط حسين، وقد قمتُ ومعي سعد كامل بنقله في سيارتي إلى منزل في المنيل.
- قلتُ: نعم، في منزل المرحوم اليوزباشي عبد الرؤوف نور الدين.
- قال: ومن هناك كان يَتخفى في ملابس ضابط وأمكن بعد ذلك نقله خارج مصر.
- قلتُ: يعني حكاية الحكومة والبوليس السياسي والشائعات اللى قالوها إنهم هم اللي مهربينه.
- قال: لا، دا كلام فاضي!
وعاش حسين توفيق كلاجئ سياسي في سوريا حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952 وبعدها صدر عنه عفو عام سنة 1954.
- ويقول إحسان عبد القدوس:
"ذات يوم اتصل بي تليفونيا في ساعة متأخرة من الليل سعد كامل وكان إذ ذاك من شباب الحزب الوطني المتحمس، وكان حديثه سريعا ولكنه واضح وحاسم، ورغم أن عباراته تفجرت في ذهني كالقنبلة، فلم أضيع وقتا وأسرعت للقائه.
كانت شوارع القاهرة قد بدأت تخلو مع الليل من المارة، وكنت أقود سيارتي بسرعة جنونية، ربما لأخفف بسرعتها من حدة الانفعال الذي كان يثور في داخلي وأعطي نفسي فرصة – بعدها – للتفكير الهادئ في المغامرة المجنونة التي أنا مقدم عليها.
لم تستغرق المناقشة مع سعد كامل أكثر من دقائق قليلة تم بعدها الاتفاق على كل شيء رغم أنه كان يعارضني منذ البداية، لأن خطتي بدت له لأول وهلة شيئا جنونيا أو انتحارا مؤكدا، ولكنه اضطر إلى الخضوع لرأيي، وأنا واثق أن البكباشي الجزار مساعد غول البوليس السياسي ورئيسه "إمام" سيشدان شعر رأسيهما من الغيظ عندما يعلمان الآن - وبعد مضي أكثر من ربع قرن - أن حسين توفيق الهارب الذي كان الراديو يذيع أوصافه كل نصف ساعة ركب سيارتي وجلس إلى جواري علنا، حتى وصلنا بيتي، وكنت أسكن بشارع قصر العيني واستيقظت زوجتي من نومها لتجد معي "ضيفا"!!
ولم يستغرق الأمر بيني وبين شريكة كفاحي وعمري أكثر من نظرة سريعة وفهم كل منا ما بقلب صاحبه، ومدت زوجتي يدها لتسلم على القاتل الهارب وتقول له ببساطة: أهلا يا حسين، أرجوك تعتبر نفسك في بيتك!
ولم يعتبر حسين نفسه في بيته فحسب، بل وجد نفسه شريكا لي في أقدس مكان بالنسبة لكل زوج، لقد تحول إلى شريك لي - برضاي الكامل - في حجرة نومي! كانت حجرة النوم هي المكان الوحيد الذي يمكن إبعاد الخادم والطباخ عنه، ومنعهما من دخولها بعذر مقبول لا يثير شكوك أي منهما، والويل لنا لو ثارت الشكوك في نفس أحدهما، فقد كانت المكافأة التي رصدتها الدولة للإرشاد عن حسين توفيق مغرية، خمسة آلاف جنيه بالكمال والتمام!
ولهذا اتفقت أنا وزوجتي من البداية على أن يقيم حسين بحجرة نومنا! على أن تتكفل هي بكل قدرتها على التحايل بإبعاد "العيون" عن الحجرة بالنهار فإذا عدت إلى المنزل ليلا، اضطررت إلى مشاركة القاتل الهارب في السرير.
- البوليس السياسي كان يشك في إحسان عبد القدوس:
- ويستطرد إحسان عبد القدوس فيقول:
لم يكن البوليس السياسي غافلا عما يجري، كانوا واثقين تمامًا أنني ضالعا في العملية، لكن إلى أي مدى، هذا هو ما كانوا في حيرة منه، لقد كانوا يعلمون جيدا صلتي بالتجمع الثوري المختفي وراء هروب حسين توفيق، ولهذا قرروا مطاردتي بلا رحمة، أملا في أن أقودهم إلى خيط يوصلهم للهارب المختفي، وكان علي إمعانا في تضليلهم أن أمارس حياتي المعتادة بلا أدنى تغيير يثير شكوكهم، وكنت أحس في كل مكان أذهب إليه بعيون البوليس السياسي ترقبني، فإذا تعبوا من المطاردة أقبل على كبيرهم الأميرالاي إمام في استعطاف حقيقي يدعو للسخرية: أرجوك كفاية إذلالا لنا، وأضحك بسذاجة أستعمل فيها كل ميراثي من موهبة التمثيل! ثم أسأله ماذا يقصد؟! فيقسم لي بكل آبائه وأجداده وكل شياطين العالم، إنه واثق تماما أنني أعرف مكان حسين توفيق، وأنه على استعداد لأن يفعل أي شيء لو أرحته وأرحت نفسي من عذاب هذه اللعبة الجهنمية التي ألعبها معه، وساعتها كنت أحس بسعادة غامرة تجتاح كياني كله، وتتحول من مجرد إحساس نفسي بالرضا إلى ما يشبه المتعة الحسية بالشماتة من هذا الغول الذي طالما أرعب الثوار، وأنا أراه أمامي عاجزا، حائرا، ذليلا، وقد تجرع كأس الفشل الذي طالما سقاه لمئات الثوار الذين أوقع بهم!
ويستمر حسين توفيق مختفيا في حجرة نوم إحسان عبد القدوس أربعة أيام إلى أن تجئ اللحظة التي يخشاها هو وزوجته حين تقع عين الخادم على رجل غريب في حجرة نومه! فيسرع الأستاذ ويبلغ الخبر إلى شركائه الثوار فيقررون بعد مناقشات بينهم اعفاء إحسان من تلك المهمة الوطنية التي كان يقوم بها هو وزوجته على أكمل وجه، ونقل حسين توفيق فورا إلى منزل آخر بالجيزة، فيخرج بالفعل مرتديا ثياب ضابط من شرفة منزل أستاذنا بالقصر العيني إلى منزل آخر بالجيزة، ومنها يتم ترحيله إلى سوريا(7).
- الخطاب الذي ادعاه إحسان عبد القدوس:
كان الخطاب الذي قدمه إحسان عبد القدوس إلى النيابة مؤرخا في 11/6/1946 أي بعد يومَين من هروبه، وجاء فيه فيه: "عندما تصلك رسالتي هذه أكونُ في طريقي إلى فلسطين لأساهم في تطهير الأرض المقدسة من عصابات الإجرام الصهيونية، وقد ظن بعضهم أنني تركتُ السجن فرارًا من وجه العدالة، ولكن ليعلم هؤلاء أنني ما أقدمتُ على هذا العمل إلا لأتمكن من مواصلة الكفاح ضد الاستعمار وأذنابه، فما كنتُ لأخشى يومًا ما حكم القضاء، إلا إذا كانت الوطنية جريمة يُعاقب عليها القانون، وحتى في هذه الحالة؛ فإنَّ إشفاقي لن يكون على نفسي ولا على إخواني في الجهاد، وإنما إشفاقي على مصر من أن تهوي هذه الهاوية السَّحيقة، قل لي بالله عليك، ما الذي تجنيه مصر من سجن وتشريد أبر أبنائها بها، أمَا كان الأولى أن تُشجع وتُنمي هذه الروح الفتيَّة الثابتة؛ حتى تجني البلاد ثمارها وتُحقق الآمال التي تجيش في صدر كل مصري، لقد قرأتُ في صحف الصباح تصريحًا للنقراشي باشا يقول فيه عن هربي إنه حادث مُزعج، ولا أدري لماذا ينزعج دولته مع أن خروجي من السجن لا يزعج أحدًا إلا الخونة وأعداء البلاد، وإني واثق أن دولته ليس منهم، وقد أرسلتُ لكَ هذا الخطاب لأني أعلم أنكَ الصديق الصحفي الوحيد الذي يَفهمني ويُقدر ظروفي، وشكرًا لدفاعك دائما عَنِّي، وإلى اللقاء إن كان هناك أمل في اللقاء".
ولكن النيابة لاحظَت أن أسلوب الخطاب يفوق أسلوب المتهم وهو ما زال طالبًا في السنة الثالثة ثانوي وتعلَّم في مدارس أجنبية ولم يصل إلى هذا المستوى من إجادة العربية، ولكنها لم تتشكك في إحسان عبد القدوس(8).
__________________________________________
- الهوامش:
(*) التحقيقات والحكم في القضية رقم 1129 لسنة 1946 جنايات عابدين المقيدة برقم 202 لسنة 1946 كلي.
(1) الأستاذ منير عتيبة: في تقديمه لكتابنا (القتل باسم الوطن والدين).
(2) مصطفى عبيد: أفكار وراء الرصاص، كنوز للنشر والتوزيع الطبعة الأولى 2014 صـ 65.
(3) مصطفى عبيد: أفكار وراء الرصاص، كنوز للنشر والتوزيع الطبعة الأولى 2014 صـ 66.
(4) أشرف مصطفى توفيق: الحرس الحديدي، الملف الغامض للملك فاروق، وكالة الصحافة العربية 2019 الحلقة 3.
(5) سامي شرف: سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر، الكتاب الخامس، المكتب المصري الحديث 2016 صـ 1451.
(6) محمد عبد العزيز: مذكرات ضابط في البوليس السياسي، كنوز للنشر والتوزيع، طبعة 2015 صـ 174 وما بعدها.
(7) د. أميرة أبو الفتوح: إحسان عبد القدوس يتذكر، الهيئة العامة للكتاب 1983 صـ 86.
(8) الحكاية باختصار من قصة اغتيال أمين عثمان باسم الوطنية، من كتابنا "القتل باسم الوطن والدين".



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى