عبد المجيد مومر الزيراوي - سرديات كورونا .. أيُّها الآلي

نحنُ في زمن الثوْرَة الصناعية الرَّابِعة! .. أيُّها المُتَفَلْسِفُون : الصمتُ حِكْمَة ، أيُّها المُتَفيْقِهُون : الجهل نقمة، إعادة تدوير الأحقَاد ! مَالِيَ أسْمعُكم تَتَنابزُون ؟. سَأُعِيد تركيبَ التَّاريخ! أينَ المُحرِّك البُخاري؟ أين دُخان طاقَة الاحتِراق؟ ماذَا فعلَت الأُوتُومَاتِيزْمَات بِالبَالَة وَ الفَأْسِ ؟ و أينَ إرَم ذاتُ العِمادِ؟. هَاكُم إذن تَمَظهُرات الجائِحة؛ الفيروس كائنٌ مَيِّتٌ! كورونا لمْ يسبِق مِثلُهَا في البِلادِ! وَ فينَا السّكارَى يَتَبادَلون التَّنَمر ، وَ فِينَا الكهَنَة يَحُضُّون على التَّخَمُّر . أنَا مَعَ الإِنْعِزالِ الصِّحِّي! وَ لله في خَلقِه شُؤون ..

الألسِنة الهمّازَة لا تَذكُر عدَا الهُراء، العيون اللَّمَّازة لا ترَى سوى العَماء، الأوَّل : يسْتهزِئُ بِالدُّعاء، الثاني : بالجَهل يَفْتري على رب السَّماء، هيَّا وَ كلٌّ يعملُ بالمُصْطَنَعِ من الذكاء! هيَّا .. هيَّا تباعَدوا يرحَمكم الله! ريح الجائِحَة ؛ ضَعُفَ الطالِب و المَطلوب ! ربَّاه يَا رَبَّاه ؛ برنامجُ تغيِير العَاداتِ، فلا تَجْحَظي أيَّتُها العيون ! ..

وَحْيُ الثَّورَة الرابِعة: أنا جِئتُكُم أُعَلمَّكُم ضُمُورَ ثَقَافَتِكُم، رَبُّنا الواجِدُ ! بالعَقلِ رَجَونَاهُ؛ لِقاحُنا الواعِدُ ! بالعقلِ إسترغبناه؛ هَيَّا .. تباعَدوا! كتابُ الرفيقِ ذكاءٌ إصْطناعِي، لوحَة و شَرِيحَةٌ .. تباعُدٌ اجتماعي، الأنَا جَليسُها أنا ! مُؤانَسَة التَّأمُّل! الأنْتِرنيتْ لكلِّ الأشْياءِ، أنا لاَ شيءَ لِي! الورَق لَم يَعُد مَالِي، أَسْتَحضِرُ لُوغارِيتْماتِ الغَباءِ! داوِنِي أيَّها الآلِي، آتِنِي خَوارِزْميَّات الدَّواءِ! أَفْتِني أيُّها الآلِي، مَا هُو مقدارُ زكاةِ البِيتْكوِينْ ؟ وَ أُدْعُ لِي حسن رقمنَةِ الدُّعاءِ! هَا .. أنا .. ذَا صِرتُ آيةَ أنَا ! أيُّها الآلي : هل إنْهارَ سَهْمُ الحَضارَة ؟ برنامج البشَر أرقامٌ ! ما هي الإحتِمَالاتُ بالحسابِ وَ بالهندَسَة؟ وَ كمْ مُتَوَاليةً سَتكُون ؟ ..

أَيُّها الآلِي : إنتَظر هُنَيْهَةً ؛ أنا الآن معَها! فإيَّاكَ و قطْعُ الصَّبيب، أنا أُعانقُ صورَتَها، أنا الذي أرَاها من وراءِ حجابٍ! أسْمَع أَنفاسَها شَمُّهَا ليسَ النَّصيب! حَظِّي لمْسُ الشاشَة، فَيَا لَهَوْلِ العِقابِ ! قَالَتْ : غابَ الحبيبُ ، غابَ دونَ الغيابِ ! قُلْتُ : طَالَ بِكِ المَغيبُ؛ وَ أنَا المُشْتاقُ، يا أَغْلَى الأَحبَابِ ! قَالَتْ : هَلَعٌ فَالزَّمَانُ الغَرِيبُ، أَحِنُّ إلى القُبُلاَتِ، لكن الفِيرُوس يَتَزَحلقُ بِاللُّعَابِ! العِفَّة عن بُعْد، الأَصابِعِ حارِقُها اللَّهيبُ، هَا هيَ رَاقِصَةٌ فَمَتَى إِكْتِمَالُ النِّصابِ؟ قُلْتُ : أُحِبُّكِ جِدًّا ! و صَبْرِي جَمِيلٌ، بِالهُولُوغْرَامِ مَعًا سَنَكُون !..

قالتْ : ميلادُ حضارَة جديدَة! أَمْ هذا ربيعُ إنقِراضِ البَشَريَّة؟ ترَيَّثْ يا حَبيبي ! هَاكَ يومُ المِيعادِ : مَوعِدٌ بعدَ كورونا! الرَّصيفُ نَظيفٌ، لنْ ترَى أعقابَ السَّجائِر! وَ لاَ جرائدَ وَرَقيَّة ! طَفْرَة الطِّباعَة رقْمِيَّةٌ أبعادُها الثُّلاثِيّة !. فَقلْتُ لِحَبيبَتي؛ سَتَحيا هذهِ الإِنسَانيَّة ! فقَطْ تَذَكَّرِي ؛ أنتِ و أنَا ، الآلِي القادمُ ثَالِثُنَا ! شَفّافَةٌ تَفاصِيلُنَا اليَوْميَّة! فلاَ خُصوصِيَّة بعدَ الغَدِ، لاَ مَقهَى وَ لاَ هُمْ يُنَمْنِمُون! ..

نعَم آفَاقُ الجَمَالِ من تَجَلِّياتُ الجَلالِ؛ الرحمان أكبر ! يفسَح لي في المَجالِ، العلمُ نورٌ ! يُضيء ظُلماتِ المُحالِ، عقلُ الانسانِ و مَلْحَمَة الإِسْتِبْسالِ! طَبْعًا .. طبعا سَنَنْجُو مَعًا! آهٍ .. بالقلْبِ بَسْطَةُ الآمالِ و حديث ذو شجون ،.

عشنا الطَّوارئ الصحيَّة ! أوزار الحرب الوَبائِيَّة ! إِخْوَتُنا في ميدان الوَغَى! حاصَروا عَدُوَّنَا .. إذن بِمُنْتَهَى الإِعتِدالِ! إرفعوا اللواءَ الأحمرَ؛ حَيُّوا مَعي تَضْحِيَّاتِ الأَبْطالِ، و السَّلامِ عليكم فوقَ قمم المَنازِل! سَلامٌ للنِّساءِ الحَرائِرِ ، سَلاَمٌ لنَشامى الرِّجالِ، نَسْتَدرِكُ الخَسَائِرَ بالتَّضامُنِ وَ الإنْضباطُ غُرَّة الأَفْعالِ! بَخٍ .. بَخٍ فَسَلام لكل الأَجيالِ، تَفاءَلوا بِالإِنْتِصارِ علَى كُورونا الجَائِحَة، بُشْرَى لَكُم ! عِنْدَ أقربِ الأَجالِ، ها نَحنُ فِي خِدمَتِكُم ! لا تغَادِروا مَنازِلَكُم! نعَمْ .. إنَّكُم بِالبَالِ أَيَّتُها المواطنات أيُّهَا المُواطنُون ..

عبد المجيد مومر الزيراوي
شاعر و كاتب مغربي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى