غريب عسقلاني - عن الرجال الذين يبيضون

في الهزيع الأخير من الليل الصيفي أيقظتها لسعة البرد، عصرت ثدييها إلى صدرها فاستكانت الحلمتان الشاخصتان تحت اللحاف الخفيف.. رجلهاعار ينام على ظهره بكامل طوله.. نملتها ريح البكارة الغابرة, وتسربت إليها أشواق الصبابة الأولى في بحر فحولته الذي كان.. وتبدد النعاس..
جسد رائق يتفصد عرقاً، وحمرة خفيفة تصعد إلى صفحة الوجه.. غرفت ثدييها وهمست:
" انه حر الصيف، والرجال تطاردهم العافية يطردون الأغطية، يتخلصون من حصار الملابس"
تماوج الفراش أو هكذا خيل إليها.. ضوء المصباح الأزرق البارد يغلف لحم الرجل، خفر عذري يسكن

الوجنتين، يباعد ما بين الساقين، ترتج الاليتان مع موجة الضوء، وتلين عظام الحوض، تتشكل بيسر غريب، يذكرها بطقوس الميلاد.. حدثت نفسها:
"عجيب أمر الرجال عندما يعبرهم الشيق، كيف يتهدل شعر الصدر وتفر منه الفحولة", الرجل
العاري يدخل الطقس.. يندمج.. يتأوه, زحفت بعينيها إلى ما بين الفخذين, لم تجد أثراً لعضو أو خصية.. فتحته السفلى تتلبسها حال انقباض وانبساط.. يرتفع وجيب اللهاث.. كأكأ بفرح، وانزلق شيء مستدير دافئ، أخفاه بسرعة تحت الوسادة.. همد وعاد إلى حالته, يستدعي ذكورته ويصلب عوده.. نهض حذرا,ً أودع الشيء في الخزانة, وارتدى ملابسه الداخلية، تمدد إلى جوارها بكامل طوله, شد لحمها إليه وراح في سبات عميق.
صاح الديك! صحت على وخزات شعر صدره الإبري، وطوق عضلاته الفجة، وجهامة تنعقد بين الحاجبين، لم يكن هناك أيّما أثرٍ لتورد الخدين, وليونة عظام الحوض..
مضى الرجل إلى عمله عجولاً كعادته، وانطلقت هي وعلى غير عادتها إلى المكتبة، وعادت بكتاب عن أصول تربية الدواجن، واستغرقت في باب لهاث الديكة، والتغيرات التي تنتاب الدجاجة عند وضع البيض.. حاصرتها الشهوات, وبهرتها حقائق لم تدر بخلدها يوماً.. غافلها الوقت, لم تجهز الغذاء للزوج الذي يعود نزقاً آمراً..
وعندما رجع لم يهدر ولم يملأ البيت زعيقا.. فقط آوى إلى الفراش, ووزع شخيره في أرجاء المنزل..
***
على فنجان قهوة العصر, اشتكت جارتها الثرثارة من زوجها, الذي ينام فور عودته من العمل, أنبت الجارة:
- دعيه ينام متى يشاء, اتركيه على راحته, رجالنا يتعبون في العمل .
- من يسمع شخيره يظن أنه يقضي الليل في المحجر..!!
- هل يؤرقه الليل ؟
همست في سرها " غبية ", ثم سألتها:
- وهل تتغير حالته في الهزيع الأخير مع لسعة البرد؟
- ماذا تقصدين ؟
احتارت، واختارت, فأمسكت عن الكلام, ولم تنتظر رد الجارة التي استغرقت في قراءة فنجان القهوة الفارغ .
* * *
كاد المدير يصرخ, عندما وقعت عيناه على رئيس القسم المرشح المنصب نائب مدير:
"أين ذهبت خدوش الوجه، ومتى تراجعت بثورالأنف.. ومن له أين صفاء البشرة..",حدّق في صدره النافر, رأى ظلال دوائر بنية لامعة لحلمتين منتصبتين خلف القميص الأبيض الشفاف.. أنهى المدير المقابلة:
- سنبحث في أمر الترقية قريباً.. تفضل ودع الباب موارباً.
غادر رئيس القسم, يتجلى غنج أردافه على إيقاع مشيته الناعسة, وجلس في مكتبه وراح يفرك أصابعه الطرية، يطرقعها ثم يمرر راحته على صفحة خده، يسبل جفنيه, ويسرح شعره على جبين وضّاء.. خرج من مكتبه, وفي الطرقة التي تؤدي إلى الحمامات، قابل الموظفة المشاكسة، حيّاها فخرج صوته رقيقاً ناعساً، عقدت الموظفة حاجبيها ومصمصت شفتيها "سبحان الله .." وكتمت صهيل شقاوتها.
خرج من الحمام، كان العرق يغسله, يسيل ويتجمع في بثور الجدري العتيق الذي ينمش وجهه ، ويتراقص على بثور منخريه.. ويلمع على شعره الاكرت المنتصب مثل خيوط سلك الجلي.. صرخ المدير:
- أغلقوا الباب..
وظل يفتش في ملف الترقية، حتى نهاية الدوام.. وفي البيت فوجئ المدير بقفص العصافير الذي حلّ محل الثريا في حجرة نومه، وذهل إذ وجد ديكاً تطوقه أشرطة حمراء، ولم يجد طير الكناري ووليفته وأفراخه.. غلبه النعاس وغط في النوم، ولكنه سرعان ما صحا على صوت الديك يزوم،.. طوقته الحالة.. أسبل جفنيه, وفزع من دفق الشهوة التي داهمته نهاراً, تحت سمع وبصر الديك الذي تحول إلى صياح متواصل.. تخلص من ملابسه، وباعد ما بين الاليتين، فسحلت بيضة دبقة دافئة، رقد عليها, فقد فوجئ بزوجته تتلصص عليه من فرجة الباب الذي ظل موارباً .
* * *
عندما نزل الراكب غريب الأطوار من سيارة الأجرة ، نسي أو تناسى " والله أعلم " شنطة جلدية صغيرة، سلمها السائق الأمين لشرطي المرور, الذي ينظم حركة السير في ميدان المدينة, وفي المخفر حصروا محتويات الشنطة، التي اقتصرت على دفتر فقير قليل الوريقات, سطر عليها ما يشبه الرسائل أو المذكرات جاء فيها:
الورقة الأولى :
في السوق، يتحدثون عن زوجات كبار الموظفين, اللواتي يتهافتن على اقتناء ديكة حمراء الريش، منتصبة الأعراف، ويقايضنها بعصافير الكناري والببغاوات وطيور الحب والثريات النفسية، ويتحدثون أيضاً عن ولع الزوجات بالأشرطة الحريرية، والقلائد الصغيرة والأساور وخرزة عين الحسود الزرقاء, إكسسوارات للديكة في الأقفاص .
الورقة الثانية :
عن بعض كبار الموظفين، كيف تتغير طبقات أصواتهم في ساعات معينة، تصبح رقيقة حالمة تصاحبها بحة العذارى في ليلة مقمرة, وفي هذه الساعات تحديداً يهرولون إلى الحمامات, ولدى خروجهم منها يشدون السيفون, وتعود إليهم خشونة الحناجر، وتنتابهم رعونة طاغية، فيكثرون من إصدار الأوامر.
الورقة الثالثة :
تخطيط سيناريو .
عن اللواتي يقطعن الوقت في العناية بالديكة حمراء الريش، منتصبة الأعراف، ويثرثرن حول قهوة العصاري, تتباهى الواحدة منهن بديكها الجميل، الذي يأخذه الغناء كلما وقع على الرجل في سريره .
تسأل الثرثارة :
- كم مرة تسحب الواحدة منكن السيفون ؟
يتبادلن النظرات، ثم ينفجرن ضاحكات ماجنات, تحتد الثرثارة:
- أسحب السيفون أربع مرات في اليوم .
يقلن وبصوت واحد :
- وما الغرابة في ذلك ؟
تقول إحداهن وقد انتصب طرف شاربها:
- لا يكف ديكي الجميل عن الصهيل ، طالما عزيزي في الفراش .
الورقة الرابعـــة :
لم أصل حتى الآن إلى مادة المسلسل، رغم أني اعتمدت العنوان، وحسمت عدد الحلقات .
* * *
وعلى الشاطئ, سحب رجال الإنقاذ رجل غريق, وعلى الشاطئ لفظ الغريق آخر أنفاسه, ولم يتعرف عليه أحد سوى سائق السيارة, الذي ذرف دمعة واحدة فقط على غريق غريب الأطوار"



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى