أنيس منصور - هذه هي السعادة

رأيي الخاص: أن أي شيء.. أو ورق يقع في يدك يجب أن تقرأه، المهم أن تكون القراءة عادة. وأن تصاحبها لذة المعرفة.. ولا خوف على هذا القارئ الذي يبحث عن الكلام اللذيذ .. عن الموضوعات الممتعة. لأن هدف القراءة هو أن تتحقق المتعة والبهجة لديك.. وهذه المتعة هي التي تجعلك لا تتوقف عن القراءة ولذلك فالآباء يجب ألا يخافوا من أي شيء يقرؤه الابن صغيراً كان أو كبيراً .. المهم أن يكون هناك كتاب.. وأن يكون هناك حرص على شرائه والاحتفاظ به بعد ذلك نواة لمكتبة خاصة..

حتى لو قرأ قصصاً بوليسية أو حكايات غرامية أو رحلات علمية أو رحلات تاريخية أو فلكية ؟! نعم المهم أن يشغله الكتاب وأن يشعل النار في خياله ويجدد أحلامه ويفتح شهيته على دنيا جديدة في أي اتجاه أدبي أو علمي أو جغرافي أو فلكي.. لقد كان العالم الفيزيائي الكبير أينشتاين يحب قراءة القصص البوليسية.. وله رأي مشهور وهو: أنني أحسد كل مؤلفي القصص البوليسية لأنهم يعرفون الحل ولكنهم يخفونه عن القارئ ويدوخونه وينشفون دمه .. ثم يتقدمون بالحل في النهاية .. أما أنا فدائخ وريقي ودمي نشف ولكن لا أعرف حلا لكل هذه المشاكل بين السماء والأرض!

وكان الفيلسوف الألماني العظيم «كانت» يقول إنه عندما يكتب فإنه ينظر إلى الآثار التاريخية القديمة التي أكلها الزمان والمكان.. لماذا؟ لأنه يريد أن يعيد بناء القديم وأن يبني صروحاً عقلية جديدة!!

وكذلك كان الفيلسوف الإنجليزي برتراند رسل يقول:عندما أشرف في الكتابة فإنني أعود إلى الكتب القديمة والأساطير القديمة .. وأجد متعة في ذلك: فمن آمالي ألا أكتب مثلها.. وألا أكون غامضاً مثلها.. وإنما أن أشيع النور والمنطق في كل سطر أكتبه..

المهم أن يجد الإنسان الجو المناسب. هذا الجو يجيء من الكتاب ومن المؤلف ومن الموضوع ومن الاستعداد الذي لا يشبع لاستيعاب كل ما تقع عليه العين.. وأن يكون القارئ صابراً بل يجب ألا ينفد صبره..

فإذا أحس بأنه قد شعر بشيء من الملل فمعنى ذلك أنه قد تعب. وأن كل حيل المؤلف لم تعد قادرة على فتح عينيه وشهيته فليقفل الكتاب فوراً.. ولينظر إلى شيء آخر.. أو يقلب في كتاب آخر!!

وإذا سافرت فأنت تقرأ الدنيا كلها بقدميك وعينيك.. افتح عينيك وأذنك وأنت سوف تجد العجب.. وهذه هي السعادة!


أنيس منصور

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى