قحطان جاسم - الاسلاميون والعلمانية وموت الله..!

لم تتوفر فرصة افضل من الفرصة الحالية لعلمنة الدين والحياة . وقد سرّع الاسلاميون بهذه العلمنة .. بل انهم سهلوا كسر تابو الحلال والحرام و القدسية لبعض البشر، بما فيهم الائمة وآيات الله ومشايخ الفتاوى..فقبل عقود او حتى فترة قصيرة من الزمن لم يجرأ اي شخص بمساءلة او نقد اطروحات لشخصية دينية او البحث في قضايا الدين كما نلمسه في الوقت الحالي .. وهذا بحد ذاته امر ايجابي .لكن ثمة مسافة بين الخلط بين تدين الاسلامويين وفضح سلوكهم العملي والفكري والنقد المعرفي للدين وتفكيك المفاهيم الدينية . فالدعوة الى فصل الدين وجعله قضية روحية يختارها الانسان الفرد واعتبارها علاقة شخصية بين الانسان وخالقه ينبغي الاّ تقودنا الى الرفض الفوضوي للايمان بصورة مطلقة ..لا يمكن للانسان ان يعيش بدون ايمان روحي باختلاف صوره وتنوع مضامينه ..و حتى عبارة الفيلسوف الالماني فرديريك نيتشه التي اطلقها ، والتي سبقها الفيلسوف الالماني فردريك هيجل اليها ، والتي تقول ب "موت الله" لم تكن سوى دعوة للنظر في الحضارة الاوربية وما تسببته المسيحية في تدهورها ، وبالتالي ، فهي في حقيقتها، على عكس ما يفهمه العديد بصورة سطحية ، دعوة الى اعادة هذا الاتزان الحضاري والانساني لاوروبا . حتى دعوة ماركس القائلة"بأن الدين افيون الشعوب" لم تكن تدعو الى الغاء القيم الروحية للانسان، ورفضت الالغاء القسري لها..بل أنه تأويل ساذج أو خاطيء لفهم ماركس .. فنحن نعرف أن الماركسية لم تنظر الى الدين بشكل مطلق ، حتى ان فردريك أنجلز قيم دور الدين في حرب الفلاحين في المانيا ،كما ان لينين حذر من شق العمال بتقييمهم على اساس ممارساتهم الدينية وتقديمها على نشاطاتهم و عمق و عيهم السياسي والطبقي.
اما الشعوب العربية والاسلامية فانها تشهد حقا "موت الله"، لكنه الله" المشوّه"، الذي قام بتسويقه الاسلاميون على مدى مئة عام ،على يد حسن البنا وقيادة الاخوان المسلمين، وفيما بعد بظهور حركات اسلامية قريبه منهم، او تلك التي استفادت من خبرتهم ، مثل الحركة الاسلامية في ايران التي سهلت لمجيء الخميني الى السلطة عام 1979، وما اعقبه من جرائم ضد الشعب الايراني ، و ظهور حزب الدعوة الاسلامي في العراق وما تفرع عنه من حركات اسلامية، حيث قامت كل تلك الحركات والاحزاب في استخدام الدين والله في سبيل خدمة مصالحهم واكاذيبهم وسرقاتهم وجرائمهم ومؤامراتهم ضد شعوبهم، إذ هي لا تؤمن بالله الذي يعني المحبة ..
لقد بقي الانسان بحاجة الى ايمان روحي بغض النظر عن شكل وجوهر هذا الايمان، وسيبقى يبحث عنه رغم الكوارث والحروب التي تسببتها العقائد الدينية..والمتاجرة بها من اجل السلطة والنفوذ والثروات.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى