عامر الطيب - أمشي ببطء لأنني أفكر بك

أمشي ببطء لأنني أفكر بك
وهذا الحزن و الفزع الجميل يباعد بين خطوتي
أو يثقلهما
محاولاً أن أتعافى
محاولا أن أجعلك أقل فتنة لروحي
أزيد سرعتي قليلاً في المشي
ثم أتعلم حبكِ
كما أتعلم أي فنون شاقة
مثل المصارعة أو الرسم
محاولاً أن أجعلك محبوبة
الأيام المقبلة أيضاً
أقلل من سرعة أقدامي
لأطير !

فاتنة و مغلوبة
بهية و خاطئة و زائفة
كل ما أعرفه عنك
أحبك لأجله
فاِكذبي علي الآن و غداً
أنا منذور لهذه الضلالة
منذ نشوء مدينتنا الرمادية هذه.
أنا أقوم بأي شيء
لأجعله جيداً:
عشاق النساء الفاتنات
لا يتأملون نواياهن
و عشاق المدن الحزينة لا يبكون!

موسيقى غريبة في بيتي كأنك منزعجة
من مظهري و قوتي ،
كأنك تودين مقابلتي مرة أخرى
في وقت سريع.
تحبين صمتي و إشاراتي
تحبين أنني يائس
مثل قدر يغلي
و رصين مثل شعلة متململة.
موسيقى غريبة في بيتي
لكنها فاتنة أيضاً
لعل العازف يبارك لي حبك الأليم
لكني منطو
على نفسي
كغرفة عالية
اخرجي أيتها الأرواح الطيبة
اخرجي أيتها الأضواء
أريد أن أرى العتم صافياً كهبة مبتكرة
لقد فاتتني حياة نادرة وأنا أفتح عيني!

هذه هي حكمتي
أعرف أوان اللحظة التي أكتب بها
التي أندب أو أطير
أو أحب بها
أهاجر أو أعثر أو أموت بها
أعرف اللحظة التي أبدو بها ماجناً
أو قديساً،
محبباً أو شريراً.
هذه هي حكمتي
أعرف أوان كل شيء
و لأن ذلك لن يستمر طويلاً
سيكون لي مصير الغرباء جميعاً
مصير الذي يجدون
و يضيعون
يبكون و يتأسفون
مصير الآلهة الحزينة و الصافية
الآلهة التي تغفر النوايا
و تبارك لنا الأخطاء!

غالباً ثمة بلابل راهبة
تغرد خارج السرب
و بلابل مفتونة
تغرد خارج الأقفاص !

أنا هنا أصرخ بإستمرار
مثل إرث شعوب قديمة من الإسفنج .
أنا هنا
و ثمة أصوات بعيدة
لأشخاص يحبونني
لكني أتلهف
لالتقاط صوتكِ
وانت تخطئين باسمي أيضاً !

عندما أحببتك في الغابة
لم يكن طريقنا آمناً ، أعني أن جسدك لم يكن ممكناً،
كانت القبلة تكلفني حياتي
القصيدة الآثمة أيضاً.
عندما أحببتك لم تكن الأمطار
تهطل على البحار و الشلالات،
لم يكن ثمة من يقول
"أن الموت لا بد منه"
فلأدع حياتي تندب ببطء.
لم تكن هناك طريقة واحدة
ليحب بها المرء
كان هناك حبي الذي
يطأ الأرض الوعرة
و قليل من الأشباح التي تترقب آثاري!

ها هي روحي مشوشة و مخدوعة
تهبك كل شيء لتسندها
ضعفها و جلالها
جراحها و حسنها
أيها الرب إن بقيت
رباً إلى الغيب المجهول ،
إن كنت صانع مصائرنا المؤسفة
أو الآمنة غداً.
فحاول أن تعذب جسدي الماهر
و تصفح عن روحي !

يمكننا جميعا أن نتعرف
على نساء حائرات أو طيعات
أو فاتنات للغاية
يمكننا أن نهبهن حياتنا
أو نوهمهن أننا نفعل ذلك
يمكننا أن نكتب لهن أو عنهن
أو من أجلهن
إلا أن المجد
ليس في الحب
ولا في اللطف العابر
أنه في الدقة التي لا نتحلى بها
لحظة ما نخبرهن،
أننا سعداء معهن تماماً
و نحن متعافون من الخيبة فقط !

أصدقائي الأعزاء لا أستطيع أن
أحبكم جميعاً
أن هذا الأمر يتعب يدي
و قلبي.
لا يمكنني أن أرعاكم كما أرعى محبوبتي
أو حجرتي
أو شجرتي الضالة
حكايتي مضحكة اليست كذلك ؟
أصدقائي الأعزاء
على عدد الأصابع
أو على عدد الأسنان
أنني حذر من أن أبكي أحداً منكم.
لقد وضعت ثقتي
في الترحال.
أحد يموت هو أحد يهاجر
نحو أرض مضاءة و قصية.
حسناً لن أقطع كل تلك المسافة
لأجد النور !

من الأفضل أن تكون لك
امرأة واحدة
ليست زوجة أو أماً أو ابنة.
ليست رفيقة
أو عارفة بجنونك و سأمك و سعادتك
الواهية.
امرأة بإمكانك أن تخبرها
أنك أخفقت
كثيراً.
نزلت من الحصان و عثرت،
نسيت المفتاح و غادرت الجلسة،
غضبت من الكتب
و النزلاء و الأكل.
من الأفضل أن يكون
كل شيء هادئاً
أن يصبح كل شيء هادئاً.
يجب أن ندع الحب
يتدبر طريقه وحده
و نأخذ بيد الشعر إلى النبع !

اسمي عامر لكنّ الإنجليز
و الفرنسيين
لا يلفظون الإسم كما هو.
أنني أعذرهم
لأن العربية مارقة للغاية.
لكل الأمم
قدر كبير من الحزن
لكن ليس إلى هذا الحد من الإثم.
اسمي عامر
لكن حياتي ليست رائعة
لكن دموعي هينة
لكن الإنجليز
و الفرنسيين لا يلفظون العين!

أعرف الندم و أسميه
عدوي المخادع.
أعرف الشر و أسميه ظلي في غرفة نومي.
أعرف الحكمة و اللوم
و البربرية و العافية،
أعرف الروح و الثمالة و الإصغاء.
أعرف أي شيء مضاء
أو زائف
و يمكنني أن أحبَ ما شئتُ
أو أبغض ما شئت
أما ذلك الغباء المرير فلا يلزمني،
تلك الرفيقة العابرة
التي تود أن تجعلني سعيداً إلى الأبد!


عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى