حمزة باشر - ليت الفتى حجرُ

ربما شيء يستصعب أمره، في ظل قفزات اللغة، أبدأ بتميم بن مقبل، القائل
ما اطيبَ العيشَ لو ان الفتى حجرٌ/ تنبو الحوادثُ عنهُ وهو ملمومُ’
هذا الشاعر الجاهلي، في حالة مواساة ذاتية، عندما فقد زوجته التي انتقلت إلى الإسلام، نسبة للمعايير التى رسمها وحددها المجتمع آنذاك، فلم يجد ما يرثي به حاله التي تشظت أمامه، وابتسرت بين قادم يغرقه وبقوة، وماض لا يعود، وحاضر، يتشظى، وغير قابل للقبض، فلو كان الفتى حجرٌ ما احتاج للحنين، والحب، وإعادة ترسيخ الماضي الذي يشده، باعتباره بنية، وركيزة للأنا، التي تتمحور دائما بين أزمنتها الثلاث.
ليت الفتى حجر
يا ليتني حجر
هنا درويش أيضا، يعيد بن مقبل، ليستعيد تبعثر الذات الفلسطينية، إثر نكباتها، والخذلان المستمر من قبل الدول العربية، فليت الفتى حجر، هي أزمنة الخذلان المستمر، والجرح الذي لا يفتأ ينكأ من طعنات الذات، وتجسيد لروح لا تكاد تكابد العذاب الممنهج، والخذلان المستمر، وتشظي الذات، إثر الأزمات التي لا تزال تنكأ روح الفلسطينيين ولا تزال.
في ذات السياق استعيد بيت آخر، لشاعر يتساءل حول قدوم العيد، وحول ذاته، وذات الشعراء، والذات الإنسانية، حين لا يجد أثر الإنسان مغروسا في داخله، يتساءل أبو الطيب:
أصَخرَةٌ أنا مالي لا تُحَرٍكُني/ هَذي المُدامُ وَلا هَذي الأغاريدُ؟
عيد بأية حال عدت يا عيد؟؟
هنا يفضي التساؤل المستمر إلى استرجاع الماضي، والأحبة الذين تحُول بينهم البيداء، والخمر التي تفقد الطعم، والعيد الذي جاء كغيره من الأعياد.
فهل بات التسآل في حلقة الأحجار الفتية، التي يحضنها الفتى، تتحول إلى شيء واقعي، عندما نغوص في الجمال والحب، والإنسانية؟ هل هناك ما يحرك الإنسان، عندما يفقد كل معنى الحراك، بحيث لا يسترجع الماضي، ولا يعقل الحاضر، ولا يسعى لفهم المستقبل؟؟
اتمنى أيام سعيدة للجميع، بمناسبة العيد السعيد. ولو كانت الأماني مقدمة، فما حمله المقال، من أبيات حزينة، لهو من حالات الشعراء، الذين يسعون دائما للبحث عن ذات إنسانية تؤثر وتتأثر. وتفهم ذاتها/تلك التي لا تتكشف إلا في سياق الآخر، والمختلف، والضد.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى