جمال نصرالله - الإسلام لم يأمرنا بذبح الناس في الطرقات

عن حادثة ذبح أستاذ التاريخ بفرنسا أتحدث:

تابعت كغيري من الجزائريين واقعة هذا الأسبوع والتي كما هو معلوم خلفت ضحيتان. أستاذ في مادة التاريخ يدرس شمال غرب باريس. يدعى (صاموئيل باتي 47عاما) وشاب من أصول شيشانية (عبدالله أنزوروف 18عاما) والذي وصلت عائلته طالبة اللجوء إلى باريس عندما كان بعمر ست سنوات... هذا الأستاذ قام بداية الشهر الحالي بعرض صور كاريكاتورية للنبي الكريم محمد.وهي نسخ مما تم نشره في مجلة شارلي أبدو المعروفة .وهي التي قبل شهر فقط تعرض مقرها إلى هجوم من طرف شاب باكستاني كان يحمل ساطورا أسفر عن جرح شخصين . أستاذ التاريخ والذي وصفته كثيرا من الجهات بالوغد لأنه فهم حرية التعبير حسب قدراته العقلية و فهما مغلوطا , راح أثناء الحصة يطلب من التلاميذ المسلمين رفع أيديهم ثم طلب منهم أن يغادروا القاعة لأنه سيعرض أمرا حساسا إلا إحدى الفتيات التي فضلت البقاء (والتي أخبرت أباها فيما بعد بالأمر) وروت له كيف أن أستاذهم بيّن لهم صورا ساخرة و إباحية وفظيعة عن المسلمين والنبي الكريم.والد الفتاة نشر فيديو له به تصريحا تحذيريا وكذا إسم الأستاذ. الذي بادر بزرع الكراهية فانتشر الخبر كالنار في الهشيم حتى سمع هذا الشاب الشيشاني بالواقعة فترصد الأستاذ أثناء الخروج وقام بذبحه وهو يهتف : الله أكبر ... الله أكبر. أولا جمهور العقلاء من المسلمين تنكروا بشدة لهذا الأمر وراحوا يلصقون التهم بالطرفين أي أن الأستاذ لم ولن يحق له أن يزدري الأديان أو يخدش فيها مهما كان وزنه وبأية حجة, لأنها مقدسات وتابوهات عند معتنقيها . ضف فهو تجاوز حدوده وصلاحيته لأنه مكلف بتدريس التاريخ والجغرافيا. وهذا على مقاس ليس الحق لأحد أن يعتدي على الغير بحجة حرية التعبير. وأن احترام وتبجيل كل الأنبياء خط أحمر. والثانية أن الشاب الذي قام بهذه الجناية ليس له كذلك الحق أن يتصرف هكذا بأفكاره المتشددة المتطرفة. وأنه لا يعدو إلا من أولئك الشباب المبرمجة عقولهم والمخدرين بل المشحونة رؤوسهم بفتاوى ما أنزل بها من سلطان. بل أن ما حدث يؤكد للجهات التي تبغض الإسلام عن أنه دليل دامغ بأن الإسلام هو دين آمر بالذبح وسفك الدماء وهذه ليست حقيقة الإسلام السمحة بل هو نوع من التهور والفكر الخاطئ.. الحادثة هذه سوف تستغلها كثير من الأطراف المعادية لتثبت للعالم بأن الإسلامافوبيا هي حقيقة على أرض الواقع وأن كل عمل إرهابي في العالم هو من رحم النصوص الإسلامية. وهذا بعد أسبوعين فقط من مقول الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي قال بأن الإسلام يعيش أزمة... كان على هذا الشاب الشيشاني إن كان فعلا محبا ومدافعا عن الإسلام أن ينحو نحو ألف طريقة منها مثلا أن يتصل بالأستاذ ويصحح ما بداخل رأسه عن مغالطات مسبقة عن الإسلام. يتقرب منه ويحاول هدايته؟ا ـ وجادلهم بالتي هي أحسن ـ أو يتصل بعدة منظمات إسلامية في فرنسا منها رابطة العالم الإسلامي. التي من حقها أن ترفع بدعوى قضائية ضد الأستاذ وبعدها تُتخذ الإجراءات الردعية ضده. أو يقوم بالرد عليه ردا وافيا ومقنعا. مجتهدا قدر الإمكان من أجل إثبات العكس له. وليس الانخراط والتوغل تحت فتاوى بعض الشيوخ المتشددين الذين أغلبهم يزعمون بأنهم يطبقون السنة حرفيا. وأن ما جاء يها يجيز قتل المرتد على شاكلة( من بدل دينه فأقتلوه وأُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ـ وبُعثت بين يدي الساعة بالسيف ـ وجعل رزقي تحت ظل رمحي) وكل أحاديث ردها كبار الفقهاء والمفسرين وقالوا بأنها مدسوسة حتى وهي مكتوبة وموثقة في كثير من المساند والصِحاح. وإلا ماذا نفعل بهذه الآيات القرآنية الصريحة . كقوله تعالى ( لا إكراه في الدين ـ ومن شاء منكم فليؤمن ومن شاء فليكفر ـ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ـ وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا (وليس لتتقاتلوا) صدق الله العظيم. أنعمل بهذه الأحاديث المشكوك في صحتها ونترك الآيات التي هي من كتاب الله عز وجل أما ماذا ؟ا
تحضرني الآن واقعة فتح مكة في السنة الثامنة من العام الهجري لما وقف الرسول الكريم أمام الكعبة.والتف من حوله أهل قريش ممن أذوه وأهالوا التراب على رأسه الشريف وهو ساجد وحاصروه في شُعب أبي طالب ثلاث سنوات,حتى أكل هو ومن معه ورق الشجر وعذبوا أصحابه وسلبوا أموالهم وديارهم وأجلوهم عن بلادهم. قال ساعتها النبي الكريم (يا أهل قريش ما ترون أني فاعل بكم ـ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم... فقال الرسول صاحب الأخلاق العالية والعظيمة (إذهبوا أنتم الطلقاء) دون أن ننسى حادثة الطائف التي رُشق فيها النبي بالحجارة حتى سالت الدماء من رجله وكثيرا مما عاناه من أعمامه وكفار قريش. حتى فكروا في قتله ثم ينجيه الله سبحانه من ذلك رفقة أبي بكر الصديق في غار حراء كما هو معروف تاريخيا... إذا صفات السماحة والعفو متجذرة في سيرة النبي والذي هو خير البشر والأنبياء لا يضاهيه أحد وهو المصطفى.. كل هذا لم يستسغه في هذا العصر بعض المتشددين في الأفكار وما أكثرهم.. وكأنهم أجبروا أو تُركت لهم وصية عن أن يكونوا خير حماة ومدافعين عن الدين.. والأصل هو أن الإسلام دين الله يحفظه ويصونه مهما بلغت شدة الكارهين والبُغضاء به.. لأنه يدخل القلوب بعد القناعة والاقتناع .وهذه مهمتنا نحن اليوم وغدا . وليس استعمال العنف اللفظي ولا حتى المادي لإجبار الناس على اعتناقه (إنك لان تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) نحن هنا لسنا ضد الدعوة ومواصلة نشر الإسلام بطرق يسيرة ودقيقة ومقنعة. بعيدا عن العنف والكراهية. التي لا محل لها من الإعراب في أحكام وشرائع الدين الحنيف. ولا أحد من حقه أن يعتبر نفسه وارثا للرسالة... الرسالة الحقيقية هي إعطاء وإلباس ديننا لبوس العظماء يوم يتحلى المنتسبين إليه بالأخلاق السامية والعظيمة ويؤكدوا للعالمين بأنه دين رحمة وهداية ودين علم وتدبر وتبصر وليس ظلامية وقهر وهلع وخوف ورهاب ـ والأكيد أن الإسلام ليس نفسه في مضامينه ونصوصه هو الداعي لمثل هذه السلوكات والتصرفات.وإنما معشر الكثير من المتأسلمين الذين حملوا المشعل بمحض إرادتهم . وكان جل ما قاموا به هو تثبيت العديد من التصورات لدى الغربيين عن أنه دين الموت والقتل لمجرد أنني أختلف معك في الرأي؟... نحن نعلم علم اليقين لماذا في الغرب وأغلب الأوربيين يكرهون الإسلام والنبي محمد بالذات لا لشيء سوى أنه دين وفي تعاليمه يحد من شهواتهم واباحياتهم المطلقة بل يضبطها في إطار من الطهارة والعفة . وهم باسم الحريات الفردية والعبثية لا تساعدهم هذه الأمور في حياتهم. ولأن المسيحية في أناجيلها الأربعة وفي والتلمود يجدون مبتغاهم يوم تُباح لهم كثيرا من متاع الدنيا حتى فيما تعلق بالأصول والعياذ بالله.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى