هدى الغول - فص التوت..

في منتصف أبريل… هناك أسفل يمين أرنبتي، تبزغ فوق شفتي العليا ، شامةٌ موسميةٌ، بطعم التوت..

تعود الحكاية عندما كنت جنينًا أنام في جوف أمي، يومها أيقظتني رائحة زكية، إذ مرت بي قرب بيتِ عجوزٍ، تتدلى من سوره عروق التوت الأسود، كانت في منتصف السابعة عشر من سنيها، فكرتْ لو تَشبّثتْ بحافة السور، لكن لا بأس لو تخلت عن طفولتها لأجلي…

في البيت تتناسى، تعود إلى دورة ركضها اليومية، بينما تكوي قميص أبي، تتقافز حبات التوت في رأسها، تخمن بلذة سُكَرهِ، تحك بظفر سبابتها فوق شفتها العليا وتكمت عبرتها…

كثيرًا رأيتها تفعل ذلك، وبالأخص تلك الليالي التي ينبثق من غرفتهما الضوء الأصفر الخافت، حين يصلني صوت بعض الصفعات قبل أن يعصرها أبي وهو يكمم فاهّا، لا تمضي برهة حتى تجيء لمعانقتي، وتداعب بإصبعها شامتي إلى أن تنام… ولم يتغير شيء حتي عندما طُلقت وعدنا إلى بيت جديّ…

استحالت تلك الشامة الموسمية مدعاة سخرية أقراني إلى سني مراهقتي، ولم أحسب يومًا أنها ستكون سر تميزي…

حدث ذلك وأنا في عمر أمي وقت حِبلها بي، عندما قَدِم إلى مدرستنا من جنوب الغرب شابٌ زنجي البشرة، لينتخب منا مذيعةً لقناته الخاصة ، تنافست الفتيات على الإيقاع بقلبه، وذات صباحٍ من أبريل الناعم كانت حبتي السوداء في عز نتوئها، وقف أمامنا يطالعنا، فيما تواريت خلف الفتيات، أشار بإصبعه العريضة ناحي

”نعم أنت، يا أم فص التوت” .. بينما انبثقت أسنانه كهلال.. وأنا أهش امتعاض قريناتي، أخاله يلعق التوت حد عباقة جسدي.

14/ اكتوبر / 2020



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى