د . محمد سعيد شحاتة - الذات الأنثوية بين الاستلاب والمواجهة.. قراءة في قصة (اغتصاب) للكاتبة أماني منصور

إن الإشكالية الجدلية للإبداع النسائي التي طرحت نفسها بقوة في الأوساط الأدبية والثقافية العربية جعلت من هذا الإبداع ظاهرة استقطبت اهتمام القراء والنقاد على حد سواء، وقد مارست معظم الكاتبات العربيات كتابة الشعر والقصة القصيرة قبل الاتجاه إلى الرواية التي رأت فيها الكاتبة العربية فضاء أرحب، وليس معنى ذلك عجز القصة القصيرة أو الشعر عن التعبير عن المرأة وفضاء عالمها الإشكالي الكبير، ولكنها الرغبة في تجريب متن حكائي أرحب مدى تراه الكاتبة العربية قادرا على استيعاب مخزون الذاكرة النسائية بتفاصيلها المختلفة والمتنوعة، وأصبحنا أمام مجالات متعددة تستقطب الكاتبة العربية، فهناك الكاتبات اللاتي تمارسن الكتابة في الشعر والقصة القصيرة والرواية، وهناك الكاتبات اللاتي تمارسن الكتابة في الشعر والقصة القصيرة فقط، والكاتبات اللاتي تمارسن الكتابة في الشعر فقط، أو تمارسن كتابة القصة القصيرة فقط، أو الرواية فقط، وهكذا وجدنا خريطة الكتابة النسائية متنوعة وإشكالية في الوقت نفسه، ولم تدخر الكاتبات العربيات وسعا من خلال الإدراك الواعي لخصوصيتهن الإبداعية في تطوير الكتابة النسائية، وتعميق أفقها الجمالي والنظري من خلال إبداع سعى إلى فرض وجوده بقوة على الساحة الثقافية العربية، ونقد سعى قدر طاقته إلى قراءة الكتابة النسائية من منظور مختلف، ودعا إلى ذلك بوسائل شتى.
وتبقى الإشكالية الكبرى التي تواجه الكتابة النسائية عندما تقتحم مجالات إشكالية تخصُّ المرأة، وهي النظر إلى كتابة المرأة في هذه المجالات الإشكالية على أنها صورة لحياتها، فإذا كتبت المرأة عن علاقة مشبوهة بين رجل وامرأة تتجه الأنظار مباشرة إلى الكاتبة على أنها عاشت تلك التجربة وتكتب عنها، ولكن هذه النظرة لا نراها عندما يكتب الرجل في الموضوع نفسه، وهو ما يعبر بشكل من الأشكال عن قصور المتلقي العربي عن استقبال الإبداع النسائي باعتباره رؤية مفتوحة على فضاء العالم بقضاياه وجدلياته المختلفة.
وسوف نتوقف أما قصة (اغتصاب) للكاتبة أماني منصور، وهي قصة إشكالية تقتحم مجالا شديد الحساسية في المجتمع العربي، وينبغي تلقيه بحذر شديد؛ فهو مكتوب بقلم امرأة، ويتعرض للعلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة، كما ينبغي النظر إلى الموضوع باعتباره رؤية مفتوحة على العالم الإنساني، ومعالجة فكرية وإنسانية لقضية شديدة التعقيد في مجتمعات ما زالت تتعاطى هذه الموضوعات بحساسية خاصة رغم الانفتاح الكبير الذي تتمتع به.
عتبة الولوج:
يمثل العنوان (اغتصاب) نقطة ارتكاز في القصة؛ فهو يختزل رؤيتها كاملة في تموجاتها الفكرية المختلفة، وتضاريسها المتنوعة صعودًا وهبوطًا، وينبئ العنوان (اغتصاب) عن المدخل الحقيقي لرؤية القصة من الداخل، والتجوُّل عبر حجراتها المتعددة، وردهاتها المختلفة، وسراديبها التي تختزل آهات المتأوهين، وأنات الموجوعين، وترتسم عليها ملامح الذين مروا بها؛ إذ يتألف العنوان من حيث البنية الشكلية (... اغتصاب) من جملة خبرية لفظًا ومعنىً، وهو ما يقودنا إلى البنية المضمونية للقصة، فهو يمثل المدخل الحقيقي لها، ومن ثم كان الخبر غالبًا على القصة؛ ليتناسب ذلك مع العنوان الذي قدَّم نفسه في صورة خبرية؛ لتحمل القصة بعد ذلك أجواء السرد. وإذا نظرنا إلى مكونات العنوان نجده لفظا واحدا (اغتصاب) وهو يتألف من حيث البنية النحوية من جملة اسمية (هذا اغتصاب) حذف اسمها، واستبقت الكاتبة على الخبر، ومن ثم فإن لفظ العنوان (اغتصاب) هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره (هذا) والمحذوف هو اسم الإشارة الذي يشير إلى الفعل المراد التنبيه عليه، وإذا دققنا النظر فسوف نجد أن المبتدأ المحذوف والخبر المذكور يشيران إلى شيء واحد هو فعل الاغتصاب، وكأن القصة تورد في العنوان الفعل المادي الذي ستتحدث عنه، وتترك توصيف هذا الفعل لسير الأحداث في القصة، وكأنها تجيب عن سؤال ضمني: ما هذا؟ لتقول: هذا اغتصاب، ولهذا التصور ما يبرره من خلال استقراء حركة المعنى في القصة؛ فالقصة لا تتحدث إلا عن فعل واحد/الاغتصاب، ولذلك فهي لم تترك للمتلقي فرصة لتصور شيء آخر يمكن أن يراه في النص، فالنص يلتقط فكرة واحدة ينسج حولها خيوط الرؤية، ويشير من خلالها إلى مجموعة من العلاقات المعنوية المرتبطة بها بوشائج صلة، وخيوط تواصل. وينتمي لفظ (اغتصاب) إلى الجذر اللغوي (غ ص ب) ويدور حول الاستيلاء على الشيء ظلما، فقد جاء في لسان العرب (الغَصْبُ: أَخْذُ الشيءِ ظُلْماً. غَصَبَ الشيءَ يَغْصِـبُه غَصْباً، واغْتَصَبَه، فهو غاصِبٌ، وغَصَبه على الشيءِ: قَهَره، وغَصَبَه منه. والاغْتِصَابُ مِثْلُه، والشَّيْءُ غَصْبٌ ومَغْصُوب. الأَزهري: سمعت العرب تقول: غَصَبْتُ الجِلْدَ غَصْباً إِذا كَدَدْتَ عنه شَعَرَه، أَو وَبَره قَسْراً، بِلا عَطْن في الدِّباغِ، ولا إِعْمالٍ في نَـدًى أَو بَوْلٍ، ولا إِدراج. وتكرّر في الحديثِ ذِكْرُ الغَصْبِ، وهو أَخْذُ مالِ الغَيْرِ ظُلْماً وعُدْواناً. وفي الحديث: أَنه غَصَبَها نَفْسَها: أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً، فاستعاره للجِماع)، وفي معجم اللغة العربية المعاصرة: ( غَصْب :مصدر غصَبَ |• بالغَصْب/ غَصْبًا عنه: على كُره منه، ضدّ إرادته، دون رضاه، عَنْوة., غصَبَ يَغصِب ، غَصْبًا ، فهو غاصِب ، والمفعول مَغْصوب | • غصَبه مالَه أخذه منه قهرًا وظلمًا وعَنوةً :-غصَب القراصنةُ السفينةَ، - {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} .|• غصَب المرأةَ: زنَى بها كرهًا منها أو عَنْوة. |• غصَب خصمَه على الاعتراف بجريمته: قهره وأكرهه عليه :-غصَبه على مغادرة منزله( ومن الواضح أن الدلالة اللغوية في النص السابق تدور حول (الظلم – القهر – العدوان – الاستيلاء – المواقعة كرها – زنَى بها كرهًا منها أو عَنْوة) وكلها معان سلبية تتعدى سلبيتها من النفس إلى الغير بقهره وظلمه والاستيلاء على حقه المقرَّر له عرفيا وقانونيا ودينيا، والعدوان عليه، وحين انتقلت الدلالة إلى مجال العلاقة بين الرجل والمرأة وجدناها تعني مواقعتها كرها، وقد ورد ذلك في الحديث الشريف (وفي الحديث: أَنه غَصَبَها نَفْسَها: أَراد أَنه واقَعَها كُرْهاً، فاستعاره للجِماع) فالإكراه هو نوع من الظلم والاعتداء على حق الغير، فإذا انتقلنا إلى النص نجد أن المرأة/بطلة القصة قد تم اغتصابها بعقد شرعي؛ وهنا تأتي المفارقة؛ فالعقد يجعل العلاقة بين الرجل والمرأة في إطارها المشروع دينيا ومجتمعيا وأخلاقيا، ولكن القصة تنقلنا إلى خلاف هذا المفهوم، فترى أن العقد وإن كان شرعيًّا يبيح للرجل علاقة مع المرأة فإن القصة ترى أن هذا العقد لا قيمة له إن خرجت العلاقة الزوجية عن إطارها الإنساني، بمعنى أن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة هي علاقة تبادلية يسودها احترام رغبات الطرفين، فإن بغى طرف على الآخر تحولت العلاقة إلى نوع من الاغتصاب، وفقدت شرعيتها التي أنشئت من خلالها؛ لأن الرجل/الزوج لا ينظر إلى المرأة/الزوجة على أنها كيان إنساني مستقل، وهنا تصبح العلاقة بين الزوج والزوجة مجرد حالة من حالات الاغتصاب، وهذا يحيلنا – كما ترى القصة – إلى ضرورة تقرير عقوبة على ذلك؛ لأن الاغتصاب هو اعتداء على الغير، ويستدعي عقوبة مقرَّرة شرعا وقانونا، ونبذا أخلاقيا واجتماعيا.
لقد اختزل العنوان الجانب المضموني في القصة فأحالنا مباشرة منذ اللحظة الأولى إلى الدلالة المضمونية التي ستتحرك فيها القصة، وتختزل من خلالها مجموعة من المفاهيم المغلوطة أحيانا، والقاهرة أحيانا أخرى.
حركة المعنى وأفق التوقع:
عند القراءة الأولى للعنوان يتشكل في ذهن المتلقي أفق للتوقع من خلال اللفظ الذي تضمَّنه هذا العنوان (اغتصاب) فينطلق/المتلقي في القراءة متتبعا ملامح هذا التشكُّل، باحثا عنه ومدلِّلا عليه من خلال مجموعة من الألفاظ والجمل، أو التلميحات والإشارات المتناثرة هنا وهناك، محاولا ملء الفراغات التي تركتها القصة لخياله؛ كي يشارك المبدع لذة الإبداع ومعاناته، وقد تتوافق حركة المعنى مع ذلك التوقع الذي تشكَّل في ذهنه، وقد لا تتوافق مع هذا الأفق فيجد المتلقي نفسه وقد خدعته القصة وأخذته في واد لم يكن ليتوقعه، وهنا ينكسر أفق توقعه، ولكنه لا يشعر بخيبة أمل، وإنما يشعر بمتعة فنية مضاعفة؛ إذ دفعته القصة إلى تتبع تضاريسها المنسوجة بعناية حتى وصل إلى نهاية لم تكن في ذهنه، فكانت لحظة التنوير مفاجئة وكاشفة عن رؤية مغايرة، وسوف نقسِّم القصة إلى مقاطع نحاول من خلالها رصد حركة المعنى، وأثر التشكيلات اللغوية بشقيها النحوي والصرفي في تشكيل الإطار العام للقصة، ومحاولة ملء الفراغات المتروكة لخيال المتلقي.
تضع القصة في المقطع الأول ذهن المتلقي على حافة شديدة من التشويق، فتقول (تحاول التخلص من ذاك الشعور، ينقبض صدرها فتزيد شدة انهمار الماء على رأسها. تدعك رأسها ووجهها بيديها بقوة علها تتخلص من تلك الصور العالقة برأسها. صوت الماء القوي وهو يدق أرضية البانيو يزيد دقات قلبها وهي تحاول الفرار. تغسل شعرها علها تسقط أوساخ الذكريات عنها تواصل نفض الماء عن رأسها بيديها عله يزيل كل ما علق به). تسيطر على المقطع السابق الجمل الفعلية بشكل لافت للنظر، وحتى الجمل التي جاءت اسمية في هذا المقطع جاء الخبر فيها جملة فعلية مما ينبئ أننا أمام نمط نحوي مسيطر على النص، وإذا دققنا في الجمل الفعلية نجد أن الأفعال المضارعة ذات حضور طاغ؛ ففي الوقت الذي اشتملت الفقرة على ثلاثة عشر فعلا وجدنا أن اثني عشر فعلا في صورة المضارع (تحاول – ينقبض – تزيد – تدعك – تتخلص – يدق – يزيد – تحاول – تغسل – تُسْقِط – تواصل – يزيل) بينما جاء فعل واحد في صورة الماضي (علق) والأفعال المضارعة تدل على التجدد والاستمرار والحركة، ويرى بوزيمان "أن الكلام الصادر عن الإنسان الشديد الانفعال يتميز بزيادة عدد كلمات الحدث على عدد كلمات الوصف، ويصحب ذلك بالضرورة زيادة النسبة، وذلك في مقابل تميز الكلام الصادر عن انفعال هادئ بالصفة المعاكسة مما يؤدي إلى انخفاض النسبة) (الأسلوب، د. سعد مصلوح، ص 74) ومعنى ذلك أنه كلما زادت نسبة الأفعال إلى الصفات دلَّ ذلك على زيادة الانفعال، وقد اكتشف بوزيمان "وجود ارتباط مرتفع بين زيادة هذه النسبة واتصاف الشخصية بخصائص مثل الحركية والعاطفية" (الأسلوب، د. سعد مصلوح، ص 76) وهذا يدل على أننا منذ البداية أمام شخصية شديدة الانفعال تتصف بالحركية والعاطفية، كما أشار إلى ذلك بوزيمان في كلامه السابق، وقد بدا ذلك أيضا من خلال نوعية الجمل؛ فهي جمل متنوعة من حيث الطول والقصر مما يتوافق مع الشخصية الحركية التي لا تسير على وتيرة واحدة، كما أنها جمل لا تستخدم أدوات الربط بينها، وتتسارع في إطلاق المعاني كالأنفاس المتلاحقة، (تحاول التخلص ... ينقبض صدرها ... تدعك رأسها ... صوت الماء القوي ... يزيد دقات قلبها ....تغسل شعرها ... تواصل نفض الماء عن رأسها بيديها ...) فالقصة لم تستخدم أدوات ربط بين جملها الرئيسة، وحين لجأت إلى استخدام أداة ربط فإنها استخدمت أداة العطف الفاء الدالة على الترتيب والتعقيب (ينقبض صدرها فتزيد شدة انهمار الماء على رأسها) لتحمل أيضا معنى السرعة الشديدة بين المعطوف والمعطوف عليه، وكأن القصة لا تريد أن تترك مسافات زمنية للمتلقي، فتلقي إليه المعنى متتابعا دون استخدام أدوات ربط بين الجمل، أو باستخدام أداة ربط دالة على التعقيب؛ ليتوافق ذلك مع الدلالة العامة المرادة، وتمثل الأفعال (تحاول – تتخلَّص – تواصل - تزيل) بؤرة الفعل الدرامي في الفقرة، وقد لاحظنا أن الفعل (تتخلص) قد جاء بين تكرار للفعل (تحاول) ففي المرة الأولى (تحاول التخلص من ذاك الشعور) وقد أتت الجملة مستخدمة اسم الإشارة للبعيد (ذاك) وبعدها لفظ (الشعور) ولكننا لا نجد حديثا سابقا عن الشعور الذي تحاول التخلص منه، وهنا تضع القصة المتلقي في حالة توهج ذهني وتساؤل مشروع عن ذاك الشعور الذي تحاول التخلص منه، ويتضاف إليه سؤال آخر، وهو: من هي تلك التي تحاول التخلص من ذاك الشعور؟ إن الجملة الأولى إلى جانب استخدام الفعل (تحاول) تضع المتلقي في حالة تأهب وتشوق لفهم مضمون الرسالة التي بدأت القصة بها، والفعل (تحاول) دال على الحركة والاستمرار نتيجة كونه فعلا مضارعا، وإلى جانب ذلك دال على الإصرار، فالمحاولة تدل على أن هناك تحديا يحتاج إلى جهد للتغلب عليه، أما الفعل (تحاول) في الجملة الثانية فقد جاء في إطار مضموني مختلف (وهي تحاول الفرار) فالمحاولة هنا مختلفة عن المحاولة هناك، وإن كانت كلتاهما تدلان على الجهد المبذول والتحدي الماثل في المحاولتين، فالمحاولة الأولى هي محاولة للقضاء على ما يرهق الذهن، ويتعب الوجدان، أما المحاولة الثانية فهي محاولة للهروب مما يرهق الذهن ويتعب الوجدان، وبينهما اختلاف كبير، وإن اتفقتا في أن هناك محاولة مبذولة، وهناك اختلاف آخر بين الجملتين، فالجملة الأولى وردت في سياق إخباري عادي، أما الجملة الثانية فقد وردت حالا، أي أنها تمثل حالا لفعل آخر (صوت الماء القوي وهو يدق أرضية البانيو يزيد دقات قلبها وهي تحاول الفرار) أي أن دقات قلبها تزداد حالة كونها تحاول الفرار، ونلاحظ كذلك أن الشيء الذي تحاول الفرار منه جاء مجهولا في الجملة كما جاء الشيء الذي تحاول التخلص منه في الجملة الأولى مجهولا، ويأتي بين المحاولتين الفعل (تتخلص) ورغم أنه يحمل معنى الخلاص إلا أنه لم يشبع رغبة الشخصية المحورية التي تحاول التخلص من ذاك الشعور؛ لأنه قد سُبِق بما يدل على الترجي، وليس على الجزم (علها)، وقد جاء هذا الفعل (تتخلص) بعد فعل حاد الدلالة (تدعك) فقد جاء في معجم اللغة العربية المعاصرة (دَعْك :مصدر دعَكَ., دعَكَ يَدعَك ، دَعْكًا ، فهو داعِك ، والمفعول مَدْعوك | • دعَك الجلدَ وغيرَه دلكَه وليّنه :-دعَك صَدْرَه بمرهمٍ.|• دعَك الخَصْمَ: ليّنَه وذَلَّله حتى استسلم. |• دعَك المعدِنَ بالتُّراب: جلاه ليُكْسِبه بريقًا. |• دعَك عَدُوَّه في الوَحْل: مَرَّغَه. |• دعَك الثَّوبَ ونحوَه. فركه عند الغسيل- ألان خُشَونَته( وهي المعاني نفسها الواردة في لسان العرب وغيره من المعاجم، فالفعل يحمل معنى الإلانة بعد الخشونة، أي أن الشيء المدعوك خشن يحتاج إلى إلانته، ولذلك قلنا عن الفعل إنه حاد الدلالة، ثم يأتي الفعل الأخير (يزيل) وقد يفهم من هذا الفعل أن الهدف الذي أرادته القصة في الجملة الأولى قد تحقق، ولكننا نفاجأ أن الفعل مسبوق أيضا بما يدل على الترجي (عله) وتتخلل هذه الأفعال أفعال أخرى ذات دلالة مسايرة للدلالة المرادة، ولكنها كلها تدور في فلك المحاولات والرغبة في التخلص من (أوساخ الذكريات/الصور العالقة/كل ما علق به) فكلما لاحت صورة فشل للمحاولة زاد إصرار المحاولة، ومن ذلك (التخلص – شدة انهمار الماء – صوت الماء القوي – بقوة – نفض الماء – الصور العالقة – دقات قلبها – الفرار – أوساخ الذكريات) إن حركة المعنى في الفقرة السابقة قد ارتبطت بصورة عميقة بحركة الجمل وتشكيلها النحوي، فإذا ذهبنا إلى الأشياء التي ترى القصة ضرورة التخلص منها، أو تسعى الشخصية المحورية في القصة إلى ضرورة التخلص منها نجد هذه الأشياء إما جاءت في صورة الجمع (أوساخ – الذكريات – الصور) دون تحديد لكينونتها، أو في صورة كلمات دالة على العموم (كل) في قولها (كل ما علق به) ولم نجد تحديدا لهذه الأوساخ من الذكريات، أو توصيفا للفظ (أوساخ) يتيح لنا الحكم عليه، ويندرج ضمن ذلك أيضا قولها (الصور العالقة) فلم نستطع تصور الملامح الحقيقية أو المتخيلة لهذه الصور. لقد جاء المقطع الأول من القصة ليعطينا دلالات عامة، وإن كانت مشوِّقة، عن الشخصية المحورية التي ستكون محور الأحداث والفاعل الرئيس فيها، وعما يعتمل في ذهنها من أحداث، وما تريد التخلص منه من ذكريات، وبذلك نجحت القصة في وضع ذهن المتلقي في حالة تأهُّب لاكتشاف سراديب النص وما تحمله من أسرار، كما أعطت إشارة واضحة أن النص مفتوح على عالم المرأة بكل جدلياته وإشكالياته، وليس متوجِّها إلى امرأة بعينها، أو حدث بعينه لامرأة بعينها تريد القصة معالجته، إنها الكتابة النسائية المفتوحة على العالم وقضاياه.
وتنتقل القصة إلى المقطع الثاني وفيها تبدأ الحركة الديناميكية المتنقلة بين الحاضر والماضي في سرعة لافتة بين الأحداث، فلا يكاد يمر حدث بسيط في حاضر الشخصية المحورية حتى تنقلنا بسرعة شديدة إلى ما يوازيه من الذكريات المرتبطة بالإطار العام لهذا الحدث، أو هذه اللمحة، ويمكن رصد ست حركات انتقالية في هذا المقطع، وقد تشتمل الحركة الانتقالية الواحدة على لمحتين من الحاضر والماضي بحيث لا نستطيع الفصل بينهما بسبب التواشج القوي بينهما داخل نسيج القصة، وبنائها اللغوي، ففي البداية ترصد القصة ملمحا جماليا ماديا للشخصية المحورية سوف يكون هو محور الرؤية في هذا المقطع يتمثل في شعرها الطويل الذي يرهقها طوله دوما، وبخاصة في الأوقات الحارة، وكم كانت ترغب في قصِّه تخلصًا من إرهاقه لها، تقول (شعرها طويل، يرهقها دوما خاصة في أوقات حارة كهذه. كلما همت بقصه منعها.. يخبرها أنه يريده طويلا. يخبرها برغبة تلح عليه أن يجرها من شعرها بقوة ويقتحم جسدها عنوة وهي تقاوم. يتجهم وجهها، لطالما سألته عن سبب رغبته الغريبة تلك وهي لا تمنعه نفسها) إن الجملة المحورية في هذه الفقرة هي (شعرها طويل) وسوف تتبلور حولها ملامح الحدث، وتتشكل من خلالها الرؤية، وتدور حولها أحداث هذه الفقرة، وما يتشكل حولها من دلالات، وإذا كانت هذه الفقرة من المقطع الثاني قد بدأت بجملة اسمية إخبارية مثبتة بسيطة التكوين/مبتدأ وخبر (شعرها طويل) فإنها انتهت بجملة اسمية حالية ولكن خبرها جملة فعلية منفية (لا تمنعه نفسها) وبين بساطة الجملة وخبريتها في البداية وتركيب الجملة وحاليتها في النهاية تدور أحداث هذه الفقرة في تطور لافت، ليدل من خلال ذلك على أن الشخصية التي بدت بسيطة ومباشرة كالجملة الاسمية في البداية انتهت مركبة المشاعر ومتداخلة الأحاسيس في النهاية، ويدخل الآخر/الرجل في هذه الفقرة كعنصر فاعل ومؤثر سواء في الشخصية المحورية، أو في الأحداث، أو في تطور الرؤية وتنامي الحدث الدرامي في القصة، ويتداخل الحاضر والماضي في ذهن الشخصية المحورية بحيث يصعب الفصل بينهما في (شعرها طويل، يرهقها دوما خاصة في أوقات حارة كهذه. كلما همت بقصه منعها.. يخبرها انه يريده طويلا) فهي/الشخصية المحورية تقف في الحمام تحت (الدش)/الحاضر، تغسل شعرها الطويل الذي يرهقها دوما وبخاصة في الأوقات الحارة كهذه، ووسط هذا الحدث الحاضر يدخل الماضي/كلما همَّت بقصِّه منعها، هكذا تنتقل القصة بين الحاضر والماضي دون فواصل لغوية، أو أدوات ربط من أي نوع من الأنواع، وكأن الحاضر والماضي لا ينفصلان في ذهن الشخصية المحورية، فالماضي ماثل في الحاضر لا ينفك عنه، وقد جاء استخدام لفظ (كلما) دالا على تكرار المحاولة منها وتكرار المنع منه كذلك، والمنع هنا حالة من حالات اغتصاب الرأي الشخصي، وقهر الآخر وإلزامه بغير ما يريد، ويتضح ذلك في الجملة التالية مباشرة (يخبرها أنه يريده طويلا) وإذا كانت القصة استخدمت الفعل (يخبر) فإن هذا الفعل يحمل معنى الرأي القاطع الذي لا يقبل نقاشا، وقد بدا ذلك من خلال التوكيد (إنه) والتوكيد هنا ناشئ من استخدام (إن) الدالة على التوكيد، واستخدام الضمير الهاء المتصل بها الدال على حضور الآخر من خلال حضور الضمير الدال عليه، فالآخر هنا يفرض حضوره المادي والمعنوي بقوة، فالحضور المادي يتمثل في الضمير والفعل الذي اتصل به/يخبرها أن يظل الشعر طويلا تعبيرا عن مصادرة الرأي، والحضور المعنوي يتمثل في الرؤية التي صارت واقعا متحققا، فهي قد خضعت لما يريد، وتختم القصة هذه الفقرة بجملة تعمق ملمحا من ملامح الآخر سيتطور فيما بعد ليصبح بعدا من أبعاد شخصيته، فتقول (يخبرها برغبة تلح عليه أن يجرها من شعرها بقوة ويقتحم جسدها عنوة وهي تقاوم. يتجهم وجهها، لطالما سألته عن سبب رغبته الغريبة تلك وهي لا تمنعه نفسها) إن الرغبة التي تلحُّ عليه تحمل دلالة القسوة مهما كانت هذه الرغبة، وقد بدت القسوة على المستويين اللفظي والمعنوي، فعلى المستوى اللفظي اختارت القصة ألفاظا دالة على ذلك (يجرها – بقوة – يقتحم – عنوة) وهنا تبدو شخصية الآخر عنيفة قاسية في ممارسة العلاقة مع زوجته، فهو – وإن لم يفعل ذلك فعليا- تظل الرغبة كامنة في نفسه، واستخدام الفعلين (يجرها – يقتحم) يدلان بوضوح على هذه القسوة إلى جانب اللفظين (بقوة – عنوة)؛ فالفعل الأول يدل لغويا على الإهانة، فإذا أضفنا إلى ذلك (من شعرها)/مظهر جمالها تتضح القسوة والعنف، أما الفعل (يقتحم) فهو يحيلنا مباشرة إلى معاني الصراع؛ فالاقتحام يكون لمواقع الأعداء، وقد ورد في المعجم المعاصر (اقتحمَ يقتحم ، اقتحامًا ، فهو مُقتَحِم ، والمفعول مُقْتَحَم | • اقتحم المكانَ هاجمه، دخله عنْوةً ) فالفعل يحمل دلالة (عنوة) في العلاقة التي يُفْتَرَضُ أن تكون قائمة على توادد وتراحم واحترام، ولم يقتصر الآخر على استخدام الاقتحام/القسوة في العلاقة، ولكنه أضاف إلى ذلك ملمحا آخر هو أن تبدو وهي تقاوم أثناء اقتحام جسدها، وهنا تتجلى بوضوح ملامح معركة، فهناك من يقتحم الجسد عنوة، وهناك من تقاوم هذا الاقتحام، والآخر يرى لذته (يخبرها برغبة تلح عليه) في هذا المشهد الصراعي الرهيب، وكأنها معركة حربية لابد أن ينتصر فيها، وهو ما عبَّرت عنه القصة صراحة فيما بعد بقولها عند الحديث عن ذكريات ليلة الزفاف (مازالت تذكر كيف ارتمى جانبها مزهوا بنفسه دون أن يلتفت لها) إن صورة الصراع بينه وبينها في ممارسة العلاقة الزوجية تسيطر على تفكيره منذ الأيام الأولى للارتباط بينهما، وهنا يكون استغرابها البادي في ختام الفقرة (يتجهم وجهها، لطالما سألته عن سبب رغبته الغريبة تلك وهي لا تمنعه نفسها) فقد وصفت رغبته بالغريبة في الوقت الذي لا تمنعه نفسها، فما الداعي للمشهد الصراعي الماثل في ذهنه إذا كان يمكن أن يحصل على ما يريد طواعية منها دون عنف، ولكنها لا تدري أن لذته الحقيقية ليست في أن يحصل على ما يريد، ولكن في أن يثبت لنفسه قوته الذكورية من خلال اقتحام جسدها بقوة، وتبدو هي تقاوم هذا الاقتحام، ولكنه لابد أن ينتصر في النهاية، ويُبرز المشهدُ التنافرَ بين الشخصيتين الذي تجلى بوضوح على المستويين اللفظي والمعنوي، فعلى المستوى اللفظي بدا ذلك من خلال اختيار كلمات تدل من جانبه على القسوة والعنف/يجرها/بقوة/يقتحم/عنوة ومن جانبها كلمات الاستغراب/يتجهم وجهها/رغبته الغريبة، وكلمات اللين/لا تمنعه نفسها، وبدا كذلك على المستوى المعنوي من خلال الدلالة في الموقفين؛ فهو يميل إلى العنف في العلاقة الزوجية، وهي تميل إلى التودد واللين، وكلاهما موقفان متناقضان في النظر إلى العلاقة الزوجية.
وإذا كانت الفقرة السابقة قد بدأت بالحاضر وانتهت بالماضي، فإن الفقرة التالية من المقطع قد بدأت بالماضي وانتهت بالماضي كذلك، أما الحاضر فقد وقع بينهما، في دلالة واضحة على ديناميكية الحركة في التنقل بين الماضي والحاضر التي أشرنا إليها سابقا، وأن كل واحد منها ماثل في الآخر، فلا يحضر أحدهما إلا ويحضر معه الآخر، وفي دلالة كذلك على أن الحاضار محاصر بين فكَّيْ الماضي فلا يستطيع الفرار منه، ولا يستطيع الانعتاق من أسره وسيطرته، وتعتبر هذه الفقرة امتدادا معنويا للفقرة السابقة، تقول (تذكرت كيف كادت تزهق روحها ليلة الزفاف، حين أطبق كفه على فمها وهو يقتحمها بقوة. لم تستطيع التنفس من قبضته المحكمة، لم تستطع الحركة. مازالت تذكر كيف ارتمى جانبها مزهوا بنفسه دون أن يلتفت لها. ترج رأسها بقوة، يتطاير شعرها تحت الماء ثقيلا ويخبط جسدها.. تنتبه له ، يذكرها بيده الطائشة حين تهوي عليها لأتفه الأسباب) تعود القصة بنا إلى ليلة الزفاف؛ لتكشف أن العنف والقسوة والاقتحام سمات أساسية في شخصية الآخر/الرجل، ففي تلك الليلة التي تعبر عن اللقاء الأول بينهما، ومن المفترض أن يتودد إليها بدا في أشد صور العنف، فتستخدم القصة كلمات (تزهق روحها – أطبق كفه على فمها – يقتحمها بقوة – لم تستطع التنفس – قبضته المحكمة – لم تستطع الحركة) في وصف الليلة الأولى للعلاقة الزوجية، فهي بداية عنيفة قاسية غرست ملامحها بعمق في نفسها، وتركت آثارا بارزة في ذاكرتها لم تستطع نسيانها، ونتوءات حادة في روحها، لقد بدا مزهوا بنفسه حين أنجز المهمة، وحصل على ما يريد، أو لنقل انتصر في المعركة، واستطاع هزيمة الطرف الآخر، ولكن الحقيقة أن صورته انهزمت وتشوَّهت ملامحها، ولم تعد تلك الصورة التي رسمتها له، وهنا يطل الحاضر برأسه ليعاقب تلك الصورة القاسية، ويحاول إسقاطها من الذاكرة، تقول (ترجُّ رأسها بقوة، يتطاير شعرها تحت الماء ثقيلا ويخبط جسدها .. تنتبه له) إنها تحاول أن تتخلص من صورته من خلال رجِّ شعرها بقوة لعلها تستطيع أن تسقط صورته الماثلة في ذهنها، وحين يتطاير الشعر الثقيل تحت الماء، ويخبط جسدها تتذكر اليد القوية الثقيلة الطائشة التي كانت تهوي عليها لأتفه الأسباب، فتأخذنا بذلك إلى ملمح جديد من ملامح الآخر/الرجل ينضاف إلى ملمح القسوة في العلاقة الزوجية التي صورتها كأنها معركة، ولابد أن ينتصر فيها ويقتحم جسدها، وهو ملمح القسوة في ضربها والاعتداء عليها لأتفه الأسباب، وهنا تنقلنا القصة إلى زاوية أخرى أشد قسوة وأكثر عنفا، فتمد يدها للتخلص من شعرها الذي كان يراه مظهر جمالها ومتعته، وكأنها بذلك تنتقم منه، تقول (تمد يدها لمقص تحتفظ به في خزانة الحمام. تقف امام المرآة وتتخلص من ذاك الطول. تقص ويتساقط شعرها أمامها على الأرض، تبكي وتمسح دموعها بيدها وتواصل القص. انتهت منه، لكن ذلك الوجع مازال يسكنها. تضع رأسها تحت ماء الدش ثانية.. تتقافز الصور داخل رأسها.. خيباتها متوالية. تلك الليلة، طلب منها وهو يشاهد المباراة أن تهيء نفسها له كعروس في ليلة الزفاف. دخلت غرفتها، ارتدت قميصا جديداً يظهر مفاتنها، علّه يلين معها.. صورته وهو جاثم على صدرها تثير اشمئزازها، كان فظا خشنا يؤلمها كلما اقترب. لم يثر بها شيء سوى الألم. وضعت بعض أحمر الشفاه ليبرز جمالها. خرجت عليه فوجدته نائما. أيقظته بابتسامة فأخبرها أن تنتظره للغد. كان قد غير القناة و المذيع يتحدث مع ضيفه عن حقوق الزوجة. صوت كسر خاطرها لا يغيب. احساس القرف مازال يلازمها، تسكب بعضا من سائل الاستحمام على اللوفة وتدعك جسدها بقوة، يؤلمها جلدها لكنها تواصل الدعك علها تتخلص من رائحة جسده وآثار يديه) نلاحظ أن الفقرة تتناوب الانتقال بين الحاضر والماضي لتعود مرة ثانية إلى الحاضر، وهي حركة معاكسة لحركة الفقرة السابقة، ففي الفقرة السابقة انتقلت القصة من الماضي إلى الحاضر ثم عادت إلى الماضي ثانية، ولكنها هنا تبدأ من الحاضر/ تمد يدها لمقص، ثم تذهب إلى الماضي/ تتقافز الصور داخل رأسها، ثم تعود إلى الحاضر مرة ثاني/ تسكب بعضا من سائل الاستحمام على اللوفة، وكأنها بذلك تحاول أن تحاصر الماضي بين فكَّيْ الحاضر، كما حاصرت الحاضر بين فكَّيْ الماضي في الفقرة السابقة، وهو تطور ملحوظ في حركة المعنى، وبين هذه النقلات بين الماضي والحاضر ترتسم ملامح الشخصية المحورية وعلاقتها بالآخر، وهي ملامح تؤكد بعضها ما ذكرته القصة سابقا، وتضيف بعضها جديدا لم يُذْكَر من قبل، ولكن اللافت في هذه الفقرة لجوؤها إلى استخدام رغباته الجنسية في التخفيف من معاناتها، ومحاولة الفوز ببعض الاحترام (طلب منها وهو يشاهد المباراة أن تهيء نفسها له كعروس في ليلة الزفاف. دخلت غرفتها، ارتدت قميصا جديداً يظهر مفاتنها، علّه يلين معها) وهنا تصبح العلاقة الزوجية علاقة مهترئة؛ لأنها تحولت في نظرها إلى محاولة للتخفيف من معاناتها سواء النظرة المهينة أو الضرب، ومع ذلك لم يكن يهتم بها أو بمشاعرها الأنثوية وأحاسيسها الإنسانية، فتجد نفسها شيئا مهملا لا قيمة لها، وحتى عندما تقدم له ما يريد عله يلين معها نجده/الآخر غير مهتم (وضعت بعض أحمر الشفاه ليبرز جمالها. خرجت عليه فوجدته نائما .. أيقظته بابتسامة فأخبرها أن تنتظره للغد) هكذا تعبر القصة عن الصورة التي وصلت إليها العلاقة الزوجية المهترئة، ولذلك نجد الشخصية المحورية تعبر عن خيبتها صراحة (تتقافز الصور داخل رأسها.. خيباتها متوالية – صورته وهو جاثم على صدرها تثير اشمئزازها – كان فظا خشنا يؤلمها كلما اقترب. لم يثر بها شيء سوى الألم) وهذا التطور الدرامي هو الذي سيقودنا إلى النهاية المحتومة، لقد تحولت علاقتها به إلى ما يشبه علاقة الجواري بأسيادهن، ولم تعد علاقة زوجية قائمة على المودة والرحمة والسكن كما كانت تتصورها وترسمها في ذهنها، ثم تلجأ القصة إلى كشف ملمح جديد من ملامح الآخر، وهو التناقض الشديد؛ ففي الوقت الذي طلب منها أن تتزين له كعروس في ليلة الزفاف ففعلت لعلها تفوز ببعض اللين في التعامل وليس بلذة العلاقة الزوجية، ولكنه ينام ويطلب منها أن تنتظره إلى الغد في إشارة واضحة إلى عدم اهتمامه وإهانتها؛ إذ لم تعد لها قيمة وتحولت العلاقة الزوجية إلى ما يشبه الشيء الروتيني الذي يمارسه عندما يرغب هو، وفي هذا الوقت الذي خرجت فيه إليه متزينة وجدته (قد غير القناة و المذيع يتحدث مع ضيفه عن حقوق الزوجة) وهنا تتجلى المفارقة الشديدة في شخصية الآخر/الرجل، ولذلك وجدناها تعبر عن رؤيتها بوضوح قائلة (صوت كسر خاطرها لا يغيب. إحساس القرف مازال يلازمها) لقد تحولت العلاقة الزوجية إلى خيبات متوالية، وكسر خاطرها، وإحساس القرف صار يلازمها، وهنا نستطيع القول بأن العلاقة الزوجية فقدت مصداقيتها ومشروعية وجودها؛ لأنها قد وُجِدت لتحاط بالسكينة والمودة والرحمة والاحترام المتبادل، وقد أصبحت هذه العناصر مفقودة تماما، ومن ثم قلنا إن العلاقة الزوجية فقدت مشروعية وجودها، لقد اتخذت القصة من الاستحمام معادلا موضوعيا للتخلص من العلاقة الزوجية، فالماء الذي يتساقط يخلصها مما علق في رأسها من ذكريات وصفتها في بداية القصة بأنها (أوساخ الذكريات) وليس خافولا تخفى العلاقة ما بين الأوساخ والماء، فالماء ينظف الجسد من أوساخه، ولكنها هنا تستخدمه رمزا لتنظيف أوساخ الذكريات التي علقت بذاكرتها، وهو ما عبرت عنه صراحة في قولها (تسكب بعضا من سائل الاستحمام على اللوفة وتدعك جسدها بقوة، يؤلمها جلدها لكنها تواصل الدعك علها تتخلص من رائحة جسده وآثار يديه) فهي تسكب سائل الاستحمام وتدعك جسدها بقوة ليس للتخلص من أوساخ هذا الجسد، ولكنها ترجو التخلص من رائحة جسد الآخر وآثار يديه التي مرت على جسدها، وهنا تأخذ المياه واللوفة وسائل الاستحمام رمزية مهمة في القصة، لقد نجحت في قص شعرها/مظهر جمالها من وجهة نظره، وغسل جسمها/التخلص من أوساخ الذكريات، فهل نجحت في التخلص من معاناتها كاملة؟
يأتي المقطع الثالث قصيرًا من حيث المساحة اللغوية، ولكنه عميق من حيث الرؤية والدلالة الفكرية في القصة؛ إذ يعبر عن ملامح شرائح جديدة للآخر، لا تقل أهمية عنه ولا خطورة في ممارسة الاغتصاب لها بصورة من الصور، فتقول (أخبروها أن واجب الزوجة ألا تمتنع عن زوجها أبدا ، أن رفضها يستوجب غضب الرب. ليس عليها أن تفكر في رغبتها أو ميلها له، يجب ألا تمنعه ليتعفف. جسدها يؤلمها.. تواصل الضغط والدعك، تدعك ثدييها وبطنها وفخذيها) تعبر القصة في هذا المفطع عن الثقافة السائدة، وهي ثقافة تمارس شكلا آخر من أشكال من الاغتصاب الذي تتعرض له، إنه اغتصاب لها ولشخصيتها وروحها ووجودها وكيانها كله حين تهمِّشها وتجعلها ظلا للآخر/الرجل، ليس عليها إلا أن تسعده حتى وإن شقيت هي، وأن تهبه جسدها؛ ليستمتع، ولا تفكر في رغبتها أو ميلها له؛ فذلك ليس مهما، ولكن المهم أن يستمتع هو، وأن يتعفف هو، ثم يأتي الربط غير المنطقي بين ذلك كله وبين الدين حين قالت إن رفضها يستوجب غضب الرب، وهو ربط مرتبط بالثقافة السائدة وليس بالدين، لقد تحولت الثقافة السائدة بأنسجتها المختلفة إلى ما يشبه الدين، بل رأت في نفسها/الثقافة السائدة وما تشكَّل عبر سنوات طويلة من بنى اجتماعية صورة للدين، ولذلك وجدنا القصة تورد بعد هذا الكلام مباشرة ما يعبر عن ألم الشخصية المحورية، ومحاولتها التخلص مما يؤلمها (جسدها يؤلمها.. تواصل الضغط والدعك، تدعك ثدييها وبطنها وفخذيها) إن الدعك – وهو فعل حادة الدلالة كما أشرنا سابقا – هنا له دلالة رمزية، وبخاصة إذا دققنا في الأماكن التي اختارتها القصة للدعك هذه المرة (تدعك ثدييها وبطنها وفخذيها) وهي أماكن ذات دلالة خاصة في العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة، لقد مارست الثقافة السائدة نوعا من الاغتصاب للمرأة من خلال غرس الأفكار التي تهمِّشها وتقضي على شخصيتها وروحها وكيانها، وتنظر إليها على أنها مجرد زينة لحياة الرجل، ومتعة له، وليس لها الحق في التفكير في رغباتها وميولها؛ لأن ذلك يستوجب غضب الرب، ومن ثم الضياع في الدنيا والعذاب في الآخر.
ثم يأتي المقطع الرابع ليكون أشد عنفا، وإبرازا للتناقض في شخصية الآخر/الرجل فكرا وأخلاقا، فتقول (تذكرت كيف كان ينكر عليها استدارة ثديها وإغراءه وكيف كان يتدخل في اختيار حمالات صدرها حتى لاتظهر فتنته، وكيف ضبطته يلتهم بعينيه امرأة مرت أمامهما في الطريق. تذكر أين استقرت عيناه، وأطال النظر وهي تمشي بجانبه. يؤلمها كتفها وظهرها، تتحسسهما مازالا متورمين. لقد دُكا بقوة وكأنها محاولة لهدم عمارة متعددة الطوابق. يحمل جلدها ألوانا متداخله ، مابين الزرقة والحمرة وبعض من اللون الأخضر والبنفسجي. ضربت بقسوة وبلا رحمة ومازالوا يحاولون اقناعها بوجوب عودتها إليه، على الزوجة الصالحة ان تتقبل زوجها في كل أحواله وتسامحه) ويحمل هذا المقطع توزيعا بين المعاناة التي مرت بها والثقافة السائدة، وكأنها تريد أن تقول إن كل ما مرت به من معاناة وقهر واستلاب إنما هو نتيجة نتيجة الثقافة السائدة التي كرَّست فكرة القهر والاستلاب للمراة، كما أبرز المقطع التناقض بين القول والفعل في شخصية الآخر/الرجل، وهو ملمح قد أشارت إليه القصة سابقا حين تحدثت عن تغيير القناة الفضائية وحديث المذيع عن العلاقة بين الرجل والمرأة في إشارة إلى أن ما يقوم بها الزوج معها لا علاقة له نهائيا بما يستمع إليه، وأنه ينطلق من ثقافته السائدة التي تنظر إلى المرأة على أنها مجرد متعة للرجل، وعادت القصة في هذا المقطع إلى الإشارة للفكرة نفسها (لطالما كان يتحدث عن احترام الزوجة أمام الناس ثم يعود ليذيقها ألوان العذاب) فالتناقض واضح جدا في شخصية الرجل، فهو حين يتحدث أمام الناس تتجلى كل مظاهر الاحترام للمرأة، أما عندما يخلو بزوجته فإنه يذيقها ألوان العذاب، ثم تلجأ القصة إلى آلية أشد حدة في إبراز التناقض حين تقول (تذكرت كيف كان ينكر عليها استدارة ثديها وإغراءه وكيف كان يتدخل في اختيار حمالات صدرها حتى لاتظهر فتنته، وكيف ضبطته يلتهم بعينيه امرأة مرت أمامهما في الطريق. تذكر أين استقرت عيناه وأطال النظر وهي تمشي بجانبه) ففي الوقت الذي ينكر عليها مظاهر جمالها (استدارة ثديها وإغراءه) ويتمادى فيختار لها حمالات صدرها؛ حتى يخفي فتنتها، وكلها مظاهر تحاول بيان حرصه عليها، وعلى القيم الأخلاقية، ولكن هذا الحرص ينهار تماما، وينكشف الوجه الحقيقي للشخصية الذكورية الناشئة في ثقافة ذكورية سائدة حين تقول القصة (ضبطته يلتهم بعينيه امرأة مرت أمامهما في الطريق. تذكر أين استقرت عيناه وأطال النظر وهي تمشي بجانبه) لقد سقطت تماما صورة الرجل المحافظ عليها، وعلى القيم الأخلاقية، وتجلت صورة النظرة الذكورية للمرأة، ورغم أنها تسير بجواره فإنه لا يتردد في النظر إلى امرأة أخرى، ويلتهمها بعينيه، وتستقر عيناه في مكان بعينه، ويطيل النظر إليه، ثم تنقلنا القصة مباشرة إلى الحاضر، حين تقول (يؤلمها كتفها وظهرها، تتحسسهما مازالا متورمين. لقد دُكا بقوة وكأنها محاولة لهدم عمارة متعددة الطوابق. يحمل جلدها ألوانا متداخله ، مابين الزرقة والحمرة وبعض من اللون الأخضر والبنفسجي. ضربت بقسوة وبلا رحمة) ولكنها لا تتوقف هنا أمام المعاناة والقسوة والضرب الشديد كما كانت تفعل في الفقرات السابقة، بل تربط ذلك بالثقافة السائدة حين تقول بعد الكلام السابق مباشرة (ضربت بقسوة وبلا رحمة ومازالوا يحاولون اقناعها بوجوب عودتها إليه، على الزوجة الصالحة ان تتقبل زوجها في كل أحواله وتسامحه) لقد بدا الاغتصاب النفسي والروحي والبدني في أشد صوره في الثقافة السائدة حين طلبوا منها أن تتقبل كل هذه المعاناة من ضرب بقسوة وإهانة وتقزيم لها والنظر إليها على أنها مجرد متعة للرجل، وليس لها أن تنظر إلى رغباتها، بل يجب أن تتخلى عن كل رغباتها، وتزداد المأساة عمقا حين يطلبون منها أن تتسامح أيضا؛ لأن ذلك مرتبط بمفهوم المرأة الصالحة، وهنا تعود فكرة الربط بين الثقافة السائدة والدين (على الزوجة الصالحة أن تتقبل زوجها في كل أحواله وتسامحه) إن مفهوم الزوجة الصالحة في الثقافة السائدة هي الزوجة المقهورة والمستلبة والمتخلية عن رغباتها ووجودها لحساب وجود الرجل ورغباته، والزوجة التي تضرب بقسوة وعنف، ولكنها لا تبدي أي اعتراض، بل تعفو وتتسامح لتبدأ الكرة من جديد، وتظل تدور في هذه الدائرة إلى أن ترحل عن هذا العالم، فهل ترضى الشخصية المحورية بهذا المفهوم؟
هنا ينكسر أفق توقع المتلقي، وتصل الشخصية المحورية إلى قمة انفعالها ورفضها؛ فالتطور الطبيعي أن تنهار هذه الشخصية المحورية نتيجة القهر المستمر والاستلاب الدائم، والضرب الشديد، ومحاصرة الثقافة السائدة لها، وتهديدها دائما بغضب الرب، فهي محاصرة بين قهر واستلاب الرجل وسيطرة الثقافة السائدة، والتهديد بغضب الرب، وكلها آليات تؤدي إلى الرضوخ والتسليم بالأمر الواقع، والسير في ركب السائرين وفق هذه الأطر الفكرية السائدة والمتحكمة، ولكنها/الشخصية المحورية تفاجئ المتلقي بما يكسر أفق توقعه، فيأتي المقطع الأخير ليحمل رفضا لكل هذا الواقع المعاش، من نظرة سلبية لها، وثقافة سائدة تقهرها وتهمشها وتستلبها، فتواجه كل ذلك بصرخة رفض واستنكار،حيت تقول (تبا لهم..لن تعود.. لطالما اغتصبت بعقد شرعي. أغلقت مياه الدش ولبست البرنس فوق جسدها المتورم، سترتدي ملابسها وتذهب للكوافير؛ ليعيد قص شعرها وتهذيبه. ليتها علمت منذ البداية أنه لم يكن لزاما عليها أن تتزوجه فقط لأنه قبّلها و لامس جسدها قبل الزواج. تبا له ولهم ولبراءتها الغبية) بدأ المقطع بالرد القاسي المعبِّر (تبًّا لهم) ثم بالحكم الذي لا يقبل المناقشة (لن أعود) فاستخدمت حرف النفي (لن) الدال على التأبيد، فنفيها للعودة إلى هذا القهر والاستلاب نفي مؤبَّد لا رجعة فيه؛ فهي قد اتخذت قرارها بإلقاء كل ذلك وراء ظهرها، ثم تبرر ذلك بأنها اغتصبت بعقد شرعي، ومع رفضها للعودة رفضت كذلك كل أشكال الهيمنة للثقافة السائدة التي تستلبها، وبدأت فعليا في ممارسة حياة جديدة تاركة وراء ظهرها كل هذه الأشكال، ولكنها لم تنسَ أن تلوم نفسها أيضا؛ فقد كانت جزءا من تلك المنظومة التي استلبتها وقهرتها (ليتها علمت منذ البداية أنه لم يكن لزاما عليها أن تتزوجه فقط لأنه قبّلها و لامس جسدها قبل الزواج) لقد لامت الجميع، وأدانت الجميع بما في ذلك إدانة نفسها أيضا (تبا له ولهم ولبراءتها الغبية) لقد الآخر/الرجل بصورته الذكورية، ورفضت الثقافة السائدة التي تكرِّس قهرها واستلابها، كما رفضت نفسها الراضية بالاستلاب، وكأنها تحدد بذلك الأسباب الحقيقية لاستلاب المرأة وقهرها، وهي الرجل والثقافة السائدة والمرأة نفسها حين ترضى بواقعها المستلب والمقهور، وأن الخلاص يكون برفض كل هذه الأشكال، وليس رفض صورة الآخر/االرجل فقط وإدانته، بل إدانة الجميع بدون استثناء؛ فالكل مشترك في جريمة الاغتصاب بأشكالها المختلفة التي تعرضت لها.
لقد عبَّرت حركة المعنى في النص عن التطور الدرامي للقصة، والتطور الفكري المتنامي للشخصية المحورية بدءا من وصف الحدث مرورا بتوثيق صور الاغتصاب التي تعرضت لها وانتهاء برفض الواقع، وتجاوزه، كما عبَّرت حركة المعنى عن الرؤية الفكرية المتخفية وراء شبكة العلاقات اللغوية في النص.

اغتصاب

أماني منصور

تحاول التخلص من ذاك الشعور، ينقبض صدرها فتزيد شدة انهمار الماء على رأسها. تدعك رأسها ووجهها بيديها بقوة علها تتخلص من تلك الصور العالقة برأسها. صوت الماء القوي وهو يدق أرضية البانيو يزيد دقات قلبها وهي تحاول الفرار. تغسل شعرها علها تسقط أوساخ الذكريات عنها تواصل نفض الماء عن رأسها بيديها عله يزيل كل ما علق به.
شعرها طويل، يرهقها دوما خاصة في أوقات حارة كهذه. كلما همت بقصه منعها.. يخبرها انه يريده طويلا. يخبرها برغبة تلح عليه أن يجرها من شعرها بقوة ويقتحم جسدها عنوة وهي تقاوم. يتجهم وجهها، لطالما سألته عن سبب رغبته الغريبة تلك وهي لا تمنعه نفسها. تذكرت كيف كادت تزهق روحها ليلة الزفاف، حين أطبق كفه على فمها وهو يقتحمها بقوة. لم تستطيع التنفس من قبضته المحكمة، لم تستطع الحركة. مازالت تذكر كيف ارتمى جانبها مزهوا بنفسه دون أن يلتفت لها. ترج رأسها بقوة، يتطاير شعرها تحت الماء ثقيلا ويخبط جسدها.. تنتبه له ، يذكرها بيده الطائشة حين تهوي عليها لأتفه الأسباب. تمد يدها لمقص تحتفظ به في خزانة الحمام. تقف امام المرآة وتتخلص من ذاك الطول. تقص ويتساقط شعرها أمامها على الأرض، تبكي وتمسح دموعها بيدها وتواصل القص. انتهت منه، لكن ذلك الوجع مازال يسكنها. تضع رأسها تحت ماء الدش ثانية.. تتقافز الصور داخل رأسها.. خيباتها متوالية. تلك الليلة، طلب منها وهو يشاهد المباراة أن تهيء نفسها له كعروس في ليلة الزفاف. دخلت غرفتها، ارتدت قميصا جديداً يظهر مفاتنها، علّه يلين معها.. صورته وهو جاثم على صدرها تثير اشمئزازها، كان فظا خشنا يؤلمها كلما اقترب. لم يثر بها شيء سوى الألم. وضعت بعض أحمر الشفاه ليبرز جمالها. خرجت عليه فوجدته نائما. أيقظته بابتسامة فأخبرها أن تنتظره للغد. كان قد غير القناة و المذيع يتحدث مع ضيفه عن حقوق الزوجة. صوت كسر خاطرها لا يغيب. احساس القرف مازال يلازمها، تسكب بعضا من سائل الاستحمام على اللوفة وتدعك جسدها بقوة، يؤلمها جلدها لكنها تواصل الدعك علها تتخلص من رائحة جسده وآثار يديه.
أخبروها ان واجب الزوجة الا تمتنع عن زوجها ابدا ، أن رفضها يستوجب غضب الرب. ليس عليها ان تفكر في رغبتها او ميلها له، يجب الا تمنعه ليتعفف. جسدها يؤلمها.. تواصل الضغط والدعك، تدعك ثدييها وبطنها وفخذيها .
تذكرت كيف كان ينكر عليها استدارة ثديها وإغراءه وكيف كان يتدخل في اختيار حمالات صدرها حتى لاتظهر فتنته، وكيف ضبطته يلتهم بعينيه امرأة مرت أمامهما في الطريق. تذكر أين استقرت عيناه وأطال النظر وهي تمشي بجانبه. يؤلمها كتفها وظهرها، تتحسسهما مازالا متورمين. لقد دُكا بقوة وكأنها محاولة لهدم عمارة متعددة الطوابق. يحمل جلدها ألوانا متداخله ، مابين الزرقة والحمرة وبعض من اللون الأخضر والبنفسجي. ضربت بقسوة وبلا رحمة ومازالوا يحاولون اقناعها بوجوب عودتها إليه، على الزوجة الصالحة ان تتقبل زوجها في كل أحواله وتسامحه. لطالما كان يتحدث عن احترام الزوجة أمام الناس ثم يعود ليذيقها ألوان العذاب
. تبا لهم..لن تعود.. لطالما اغتصبت بعقد شرعي. أغلقت مياه الدش ولبست البرنس فوق جسدها المتورم، سترتدي ملابسها وتذهب للكوافير ليعيد قص شعرها وتهذيبه. ليتها علمت منذ البداية أنه لم يكن لزاما عليها أن تتزوجه فقط لأنه قبّلها و لامس جسدها قبل الزواج. تبا له ولهم ولبراءتها الغبية.



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى