إبراهيم بجلاتي - الأسنان البيضاء..

١-
الأسنان البيضاء
في وجه امرأة أو رجل أفريقي
تضيء
كأنها ابتسامة الطبيعة
وهي تقضم شجرة
أو تمضغ الطين في الغابات
والأسنان البيضاء
التي تلمع
في ابتسامة هوليود
المصنوعة من قشرة الخزف
يمكنها أن تعض الشفة السفلى بطريقة مثيرة
أن تؤرخ لسرقة الحياة والألماس
لكنها -حسب أوامر الطبيب-
لا تقضم الأظافر
لا تفتح غطاء زجاجة محكم
ولا تغص على الشفة السفلى -نفسها-
عضة الندم
٢-
بالنهار
تحدثت إلى صديقين هاتفيا
كلاهما في القاهرة
وأنا في الجنوب
-أدخن
في شرفة
لا ترى البحر-
وكلاهما قال لي ضاحكا: يا غريب
كأن القاهرة مركز الكوكب
أو نهاية العمران
وربما كان علي أن أغير المكان
لكي يعرف الأصدقاء
أنني غريب
غريب وحزين
ليس من أجل شيء
وليس لأن الحزن جزء من شخصية العالم
حزين
لأن طفلي الصغير يبكي
على باب المدرسة
كل يوم
ويقول لي:
لا أحد يلعب معي
وليس عندي أصدقاء
٣-
ما العلاقة بين الأسنان البيضاء
وطفل ينام وفِي حضنه
دمية
اسمها بوجي
يسرح شعرها
يحكي لها الحواديت
ويقول إنه أخي وابني وصديقي الوحيد
دمية برتقالية
بقميص أحمر وأزرق
وبنطلون سماوي
دمية بعينين كبيرتين
وضحكة واسعة جدا
كانت حلما في طفولة آخرين
٤-
يبدو الأمر صعبا
أو بلا جدوى
فكر كأنك في رواية
وكن حقيقيا
أكثر من رأس تنين برقبة طويلة
أو فراشة منسية
في كتاب
٥-
سأزيل المقطع الأول في الطبعة القادمة
لم أَجِد علاقة بينه وبين طفلي
لكنني لست مغرما بالتماسك
ولا بالعصمة الدرامية للبناء
فأنا واحد من ضحايا الاستقامة
والعالم من حولنا
ينهار
٦-
بالليل
قالت أختي
اعتدت الغربة يا أخي
قلت: بم التعلل
بيننا عام ونصف
ستمائة وخمسون كيلو متر
وأدعية على الخاص
في الصباح
وفِي المساء
و كن بخير
كوعاء على النار
٧-
في الْيَوْمَ التالي
كنت أقود سيارتي ببطء
والبرنامج الموسيقي
يذيع أغنيات قديمة لجين مانسون
ليس من بينها:
قبل أن نقول وداعا
حين عدت إلى البيت
بحثت عنها
وسمعتها ثلاث مرات
وأنا أقول لنفسي: نحن لا نفعل ذلك
نحن نصفق الباب
بعنف
وبعد عشرين عاما
نصدق الأغاني
ونبحث عن سبب حقيقي
للبكاء
٨-
لم يكذب عليه الحب
لكنه يكذب علي
ولا أعرف كيف أكمل
أو كيف أبدل ملاءة السرير
ومن الذي سيقلب ساعة العالم
ويتركني
أراقب
كيف تسقط -في الزجاجة-
الرمال
٩-
يخيل اليّ
أن كلمة الوداع الفرنسية أديو adieu
مكونة من مقطعين
يعنيان حرفيا مع الله
أو مع السلامة
وهذا يعني أنك لن تكون وحيدا أبدا
كلاعبي كرة القدم
ويعني أيضا
أن التحليل يفسد كل شيء
حتى العدم
١٠-
اصفرت الأسنان من الرحلة الطويلة والدخان
وهذا مبرر كاف لاستعارة البياض
لوصل الصباح بالمساء
دون حاجة
لتربيع الدوائر

٢٢ أكتوبر ٢٠١٨

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى