جاسم أحمد الحمود - كنتُ ذا وطنٍ

منْ أخبرَ الدروبَ بأنّي بلا وطنٍ
فاستباحتْ المسافات البعيدة دمي
منْ أخبرَ البحارَ بأنّي بلا كفنٍ
فاستلذَ الموجُ لعبةَ الموتِ معي
منْ أخبرَ ولاةَ اللهِ في الأرضِ بأنّي بلا سندٍ
فصارَ قتلي سنةٌ حسنةٌ
السماواتُ سبعٌ سماءٌ تُظِلُ سماءً
و أنا تحتَ سبعِ سماواتٍ بلا ظلٍ
بيتي على الماءِ و لا خبزَ فيه و لا ماء
كلُّ البلادِ تطردني و أنا ظِلُ أشلاءٍ
اُلْبِسُ الأملَ طوقَ نجاةٍ لطفلي
و أمـخرُ بحاراً و لا عصا بين يدي تفلقها
أنا ما كنتُ هكذا يا صاحبي
كنتُ ذا وطنٍ
ذا بيتٍ دافىءٍ
افترشُ حصيرةً وقتَ العصاري تحت دالية العنب
أخدّرُ الشاي على نارٍ صغيرةٍ
و طفلي كشادنٍ يدورُ حولي يلاحقُ قوسَ قزحٍ
كان عندي حقلٌ و ساقيةٌ
كان عندي حبيبةٌ
أختبىءُ بين أعوادِ الذرة لأرى كاحليها و هي تجتازُ الساقية
كان لي أهلٌ و جيرانٌ
كلُّ بيوتِ القريةِ أكلتُ من زادها
كانَ لي عرسٌ دبكَ الناسُ فيه حدَ الثمالة
و أنا الآن بلا وطنٍ
تنهضُ في روحي المنافي حرائقاً
كلُّ الأوقاتِ سواءٌ لا فرقَ بين عصرٍ أو ضُحى
و الشايُ لا تـُخدِّرهُ كلُّ نيرانِ المنافي
و طفلي منطفىءٌ عيناهُ في الأرضِ
لا حقلَ لي هنا و لا ماءَ
و النساءُ تغتسلُ في الطرقات
لا حبيبةَ لي و لا أهلٌ و لا جيرانٌ
و العرسُ عويلٌ و بكاءٌ
و الثمالةُ دون مزمارٍ هنا
رفقاً بي يا صاحبي فأنا كنتُ يوماً ذا وطنٍ
-انتهى-
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاسم الحمود -

3-6-2020

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى