إدريس الروخ - دمى من ورق

سرير كبير يتوسط المسرح ..

زوج وزوجته نائمان.

صخب في الخارج..موسيقى.. ضحك.

تنهض الزوجة ..

تتجول في أرجاء الغرفة..

إضاءة خافتة.

الزوجة: تنام؟..بالطبع نعم..لا شيء يقلقك.. رجل (تضحك) لو مرة واحدة في حياتك تسهر معي إلى الصبح.. ما الذي سيحدث؟..لاشيء.. نعم لاشيء.. ليلة واحدة تكفيني.. ليلة قد تغير أشياء كثيرة في حياتي..اسمع الجيران.. يمرحون..كل ليلة.. وأنت..

الزوج: (بصوت خشن) هل ستستمرين على هذا الحال مدة طويلة؟

الزوجة: كنت تسمعني إذا !

الزوج: كل ليلة.

الزوجة: انهض إذا

الزوج: عودي إلى الفراش؟

الزوجة: أرجوك

الزوج: عودي إلى الفراش ونامي؟

الزوجة-سئمت النوم والفراش..أريد شيئا آخر.

الزوج: مثل ماذا..

الزوجة: لا أدري ..أي شيء..لآيهم..نرقص مثلا..نلعب..

الزوج: نصرخ..

الزوجة: نصرخ..

الزوج: (يصرخ) نامي حالا.. واتركي هذه الليلة تمر على خير.

الزوجة: لا أريد النوم

الزوج: اقفلي فمك إذا واتركيني أنام

الزوجة: بماذا يفيدك النوم..؟

الزوج: وبماذا ستفيدني حماقاتك؟

الزوجة: لو فقط تجرب..

الزوج: لا أريد..

الزوجة: لماذا؟.. لماذا؟

الزوج: لدي عمل..

الزوجة: غدا يوم عطلة..

الزوجة: (ينهض بعصبية) أي شيء يرضيك الآن..نرقص.. حسن.. لنرقص إذا (يرقص بطريقة سيئة للغاية) ننظر إلى بعض (يحس بنوع من القلق) أحكي لك نكتة.. اسمعي ستعجبك..اعتقد إنها ستعجبك.. (لحظة) لن تعجبك أنا متأكد..على العموم اسمعي.. يحكى أن رجلا.. مسنا.. يعني كبيرا في السن.. (يفكر) وصل إلى .. لا لم يصل بعد.. لا أ عرف.. أعتقد أنني نسيت..-تقترب منه-أرجوك اتركيني..

تعترض طريقه فيلقيها جانبا..

يعود إلى السرير متوترا..

أرجوك .. اتركيني كما أنا.. لا تحاولي مرة أخرى.. أرجوك.. أنت لا تعرفين الحيوان الذي بداخلي..

الزوجة: ما لذي يحدث لك .. تكلم.. ماذا بك..تريد أن تقنعني بأنك لا تعرف اللعب.. لم ترقص مرة واحدة في حياتك..

الزوج: أرجوك..أريد فقط أن أنام

الزوجة: لماذا؟ لماذا؟

الزوج: قلت لك لا أعرف.. لا أعرف..

الزوجة: هذه الليلة ليلتي.. أحببت أم كرهت..

الزوج: اتركيني في سلام أرجوك..

الزوجة: لن تنام الليلة.. أنت تعرف ما لذي يحدث لو اتصلت الآن بابي..لو قلت له.. إنك لم تلمسني بعد..لم تنم معي ليلة واحدة.. هه.. ماذا سيحدث لو ع أبي الخبر .. تريد أن أخبرك.. حسنا اسمع.. سيبعث بأسرتك إلى الجحيم.. واحدا واحدا.. وأنت.. تعرف مصيرك.. السجن.. لن تفلت من قبضتي أبي..

الزوج: ولكني زوجك..

الزوجة: وأنا ابنته الوحيدة..

(صمت)


الزوج: حالما كنت أسكن بجانب سور عال.. سور طويل جدا.. أخرج إليه كل صباح.. وأنظر إليه.. كان ذلك رائعا حقا.. وكنت أرى نفسي مثل حمام وحشي.. أطلق جناحي للريح.. أجوب الصور.. لكن في كل مرة تفاجئني رياح وأمطار غزيرة ترغمني على النزول إلى تحت.. نعم تحت.. كانت السماء تلاعبني كما تشاء.. وتبصق علي.. وفي كل مرة اشعر برغبة شديدة في الطيران لأصل فوق. نعم فوق.. الصور لم يكن حاجزا بالنسبة لي.. لكنها الرياح والأمطار..

الزوجة: أنا لم أكن في يوم ما شريرة.. لم أحقد على إنسان في حياتي بالقدر الذي أحقد على نفسي.. تصور أن تشعر بأنك إنسان غير مرغوب فيه.. وأنك جئت بطريقة خطأ.. والكل حواليك يكرهك.. تصور أنك تعيش فقط لإرضاء الآخرين.. يمنعونك حتى من الموت.. يريدونك أن تعيش.. لكي تحقق لهم حلما تافها.. ماذا يربطك بهم إذا.. لاشيء.. هم لا يحبونك.. يحبون أن تكون وسيلة.. لتنجب لهم ما يريدون.. مجرد وعاء.. لا غير..

الزوج: لكن بمقدورك أن ترفضي..

الزوجة: وأنت أيضا بمقدورك أن ترفض..

الزوج: صدقيني لا.. أنا لا شيء مختلف تماما..

الزوجة: هل تقصد العقد الذي وقعته لأبي؟..

الزوج: لا ليس العقد..

الزوجة: إذا بالتأكيد مصير والديك.. تخاف أن يلحقهما أذى .. هو هذا ما في ذلك شك. إذا اسمعني جيدا ستنفد كل أوامري الليلة.. وقبل أن تصل الشمس سريرك هذا.. تكون روح ثانية بداخلي.. شيء منك بداخلي..يغير كل حياتي.. ويجعل مني انسانة سعيدة..

الزوج: لا أعتقد ذلك وأنت تعرفين السبب..

الزوجة: لا يهم أن اعرف السبب أو لا أعرفه.. ولا يهمني ما تعتقده..

الزوج: صدقيني.. ستجعلينهم يفرحون لانتصارهم..

الزوجة: على الأقل سيجدون شيئا آخر يتحدثون عنه.. فرصة لكي أرتاح.. لكي أعيش حياتي بطريقة أخرى..

الزوج: والوعاء.. بطنك..

الزوجة: سيخرس ألسنتهم..

الزوج: بالعكس.. سيجتمعون حوله كل لحظة.. ستشعرين بأن ما تحملينه ليس لك.. ستسمعين أبيك يتحدث بلسانك..هذا ابني خلفي.. الآن أشعر بأنني حي.. لن يموت اسمي..

الزوجة: اصمت.. لا أريد أن أسمعك..

الزوج: لكنك ستسمعين حقيقة قد تؤلمك..

الزوجة: لا يهم.. لا يهم.. قلت لك لا يهم..

الزوج: (يعود إلى النوم).. حسنا..سأعود إلى النوم..

الزوجة: (بصوت مرتفع) إلى أين أنت ذاهب؟

الزوج: كما ترين

الزوجة: هل تعرف ماذا سيحدث لك لو عدت إلى السرير؟

الزوج: (مبتسما) ماذا سيحدث..؟

الزوجة: هل تعرف غضب أبي..؟

الزوج: لم يحدث أن التقيت به.. لكن على ما أعتقد.. غضب أسود.. بشارب أسود.. وصلعة مثل الرخام..

الزوجة: أنا لا أمزح معك..

الزوج: وهل ترينني أمزح؟

الزوجة: أنت الخاسر..

الزوج: وأنت أيضا..

الزوجة: قد يجد لي شخصا غيرك..

الزوجة: لا أعتقد أن تقع عينيك على شخص سواي..

الزوجة: أنت لا شيء بدوني وبدون أبي..

الزوج: (غاضبا) أبي.. أبي.. أبي.. من يكون أبوك هيه..من يكون.. عزرائيل.. يأخذ الأرواح.. إذا كان كذلك... ولا أعتقد أنه كذلك.. فلا بأس.. مصيرنا واحد.. وعزرائيل واحد.. وموت واحدة ستزورنا.. إذا من يكون.. سأقول لك من يكون.. هذا الأب العظيم.. الشهم.. هيم.. أليس هكذا ترينه.. لكنه ليس كذلك.. إنه واحد من الذين يتاجرون في أرواح الناس.. وأعراضهم.. وشرفهم.. أبوك يا ابنة السيد.. لص.. محتال.. مجرم.. يستغل ضعف إنسان بسيط مثلي لكي يسطو علي.. أرغمني علي توقيع أوراق لم اكتشف كنهها إلى بعد فوات الأوان..أريد منك أن تتزوج ابنتي.. لكي تنجب لي ولدا..وتنتهي مهمتك.. هذا ما يريده السيد الوالد.. أن أنجب له ولدا مع ابنته.. وتنتهي المهمة بسلام.. أهذه رغبتك أنت أيضا؟

الزوجة: نعم هذه رغبتي

الزوج: رغبتك..

الزوجة: رغبتي..

الزوج: تريدين طفلا لست راغبة فيه..

الزوجة: أبي يريده..

الزوج: وأنت؟..

الزوجة: أريد أن أطفئ غضب أبي..

الزوج: ومن يطفئ غضبي أنا..

الزوجة: لن تندم.. مجرد ليلة و ينتهي كل شيء..

الزوج: من يطفئ غضبك أنت..

الزوجة: مجرد ليلة..

الزوج: كيف تفكرين.. ماذا أصابك؟.. هل تعتقدين أنني وبكل بساطة.. اترك شيئا مني لغيري.. اترك ابني ينمو بعيدا عني..

الزوجة: مسألة سهلة للغاية..

الزوج: كيف؟ أريد أن أفهم كيف..

الزوجة: الليلة.. نمرح.. نشرب نبيذا.. يسكرنا.. ثم تداعبني.. امتنع.. فتضمني إليك بالقوة.. و.. و..

الزوج: و.. و.. تابعي.. و.. بالقوة.. هه.. قلت لك أن الحيوان الذي بداخلي سيتحرك الآن.. وأنت لا تفكرين إلا في…

يشدها بالقوة إليه ويحاول خنقها..في لحظة هيجان..

موسيقى..

الزوجة: لم تترك لي خيارا.. سأتصل بأبي..

تأخذ الهاتف تدير القرص..

ثم تنزل السماعة على الهاتف

الزوج: وبعد..

الزوجة: لا أدري..

الزوج: ماذا سيحدث بعد ذلك؟ يرغمني على النوم معك.. على مضاجعتك.. سيأمرني السيد بصوته الخشن قبلها.. لا ليس من هنا بل من هنا.. ممتاز.. الآن.. ضمها إلى صدرك.. بالقوة.. كن رجلا وأمرها أن.. أتابع..

الزوجة: لا أدري كيف.. سيرغمك أن تدخل علي..

الزوج: سيغتصبني... الإرغام على ممارسة الجنس.. يعتبر اغتصابا.. يعني مخالفة قانونية.. أبوك سيغتصب رجولتي.. وهذه ستسبب مشكلة لرجال القضاء.. لن يجدوا لها حلا .. من يحميني من الاغتصاب؟.. من؟ أي قانون في العالم يحمي الرجال من الاغتصاب؟ كيف أبرر موقفي إذا ماسئلت؟ سيعتبرونني مجنونا.. كيف يصدقون شخصا مارس الجنس مع زوجته مرغما؟ كيف؟ شيء لا يصدق.. نتزوج لكي ننام في فراش واحد.. نقبل بعضنا البعض.. يختلط جسدي بجسدك.. ونصنع أولادا.. هل خلقنا لنتكاثر؟ نتناسل؟ نحمي صنفنا من الانقراض.. من الضياع؟ لكن لماذا؟ لماذا؟..

الزوجة: إنها الحياة.. سنة الحياة.. لا بد أن يعيش آخرون..

الزوج: لماذا؟

الزوجة: هل تستطيع أن تعيش لوحدك؟ تصور أنك من غير أولاد.. أصبحت فقط.. كتلة من لحم هرم.. من سيؤنس وحدتك..

الزوج: الأولاد بالطبع..

الزوجة: نعم الأولاد بالطبع..أولادك..

الزوج: لكن هذه مهمة سهلة.. أي عابر سبيل يقوم بها.. وربما على أحسن وجه.. لماذا أنا بالذات؟

الزوجة: أبي لم يكن مخبولا عندما اختارك أنت بالذات..أنت شخص مؤهل عقليا.. ذكي.. قوي.. باختصار شخص يصعب أن نجد مثله في هذه الأيام.. ثم كبرت بيننا.. وأصبحت واحدا منا.. صحيح أنك خادم ابن خادم ابن خادم.. ولكن هذا ليس مهما.. ثم من نعرفه أفضل بكثير من غريب لا نعرف ما تخفيه سريرته.. قد ينقلب على أبي ويطمع في استغلال الموقف.. و.. و.. وتحدث بعد ذلك مصائب.. فهمت.. أنت لن تسبب أذى لأبي.. صحيح..

الزوج: ما الذي يجعلك متأكدة من ذلك؟

الزوجة: يعني.. أنت من الذين يحبون المبادئ..

الزوج: الكل يتغير.. الكل قابل للتحول..

الزوجة: أنت الاستثناء

الزوج: وأنت القاعدة..

الزوجة: والاستثناء يلغي القاعدة.. ومعناه.. أنت لست قابلا للتحول ولا للتغيير..

الزوج: أراك متأكدة..

الزوجة: هل تعرف نقطة الاختلاف بيني وبينك..أنت تعيش على حلم تريده أن يتحقق لوحده.. وأنا مضطرة لكي أرى الواقع كما هو..

الزوج: يعني أصبحت بدون قلب..

الزوجة: (تضحك ضحكا هستيريا)

الزوج يكاد يختنق ..ينصرف

تنادي عليه.

يتوقف.

الزوجة: لا تحاول إقناعي بأنك كنت تحب..هل كنت تحب..يعني كنت فقط ترى نفسك تحب..

الزوج: نعم كنت أحب.. كنت أحب.. أحببت.. حتى أصبح الليل يختلط بالصبح.. لم أعد أفرق بين الوردة والسيدة التي أحببتها..عنفوان واحد..وجمال واحد.. وعطر واحد.. كنت أخاف أن المس الوردة بيدي فالحق بها الأذى.. كنت حريصا أن أكون مثل نسيم هادئ.. فقط أمرر يدي علي وجنتيها.. مرة واحدة لأحس بنشوة.. لا مثيل لها.. كانت رائعة الجمال.. لا زلت أذكر كيف التقيت بها أول مرة.. أرسلني أبوك لأشتري له السمك من عند السيد موسى.. ذهبت إلى البيت لم أجد سوى زوجته.. أخبرتني بأنه لا يزال يصطاد وسط البحر..عرجت على هناك.. أنت تعرفين أباك يريد سمكا كل صباح.. عندما وصلت لم أجد السيد موسى.. واستحوذ علي الهلع .. سيصاب أباك بالجنون إذا لم أحضر له سمكا.. لا أحد يصطاد السمك سوي السيد موسى.. والنزول إلى المدينة يستغرق وقتا طويلا.. فما العمل.. جلست أمام البحر أفكر.. فجأة.. ياإلاهي.. يا إلاهي .. كم كانت رائعة.. جميلة.. نسيت السمك وأباك.. وما قد يحدث لي.. بدأ قلبي يدق.. وجحدت عيناي.. رأيتها تمشي كأنها عصفور من الجنة.ترتدي فستانا ناريا شفافا.. يظهر كل محاسنها.. كانت تمشي.. باتجاه صخرة.. ثم اختفت.. تمنيت في تلك اللحظات أن أكون مثل الحمام الوحشي وان أطير فوق الصخرة.. لأرى أين اختفت..

الزوجة: والسمك ؟

الزوج: كدت أنساه كلية

الزوجة: ما لذي فكرك به؟

الزوج: صراخ.. أبوك.. ووجهه.. عند العودة.. قلت لا بأس أن أسأل مرة أخرى عن السيد موسى.. طرقت الباب.. و يا للمفاجأة.. كاد يغمى علي.. فتحت الباب.. كانت هي نعم هي.. تسألني تريد أبي في شيء لو تعرف من أريد حقا..

الزوجة: وأخبرتها بأنك تريدها

الزوج: قلت لها الحاج أرسلني لأشتري السمك.. فضحكت ونادت علي السيد موسى..

الزوجة: بهذه الطريقة أحببتها.. برافو.. شيء مدهش..

الزوج: كان لقائنا يتكرر كل يوم..

الزوجة: أصبحت تحب السمك..

الزوج: بالفعل.. السمك شدني إليها

الزوجة: لكنك لم تتزوجها وتزوجتني أنا.. بدون سمك..

الزوج: أنت تعرفين السبب..

الزوجة: لا.. لا أعرف.. صدقني لا أ عرف..

الزوج: لا تعرفين أن أبوك الشهم أبعدها عني نهائيا عندما علم بالخبر..

الزوجة: ليكن.. يحبك.. ويحب أن تكون زوجا لي.. ويحب ابنته.. ويرغب في ولد.. تضحك

الزوج: لم يكن في نيتي أن أخبرك بالتفاصيل.. ولكن إصرارك هذه الليلة.. أيقظ مشاعري.. وأعادني إليها.. كنت فعلا أحبها.. وكنا فعلا نهيئ للزواج.. والسفر بعيدا.. نهاجر إلى أي مكان يبعدنا عن أبيك.. هل تعلمين إلى أي مكان.. كانت تحلم أن ترحل.. هل تعلمين؟

الزوجة: عادة أمثالكم يعشق المدن..

الزوج: ذات يوم.. جاءت إلى الفيلا خفية.. وانتظرتني تحت شجرة البرتقال.. الموجودة في الحديقة.. سمعت صوتا ينادي.. أسرعت إلى الحديقة.. عندما رأيتها أصابني الذهول.. أمسكتها من يديها وجرينا حتى شعرنا بالتعب جلسنا قرابة البحر.. هناك قدمت لي صورة.. أعتقد أنها مأخوذة من مجلة أو جريدة.. قالت: «هنا أريد أن أعيش بقية حياتي»..

الزوجة: قل ما هي هذه المدينة ؟ أرجوك أن تخبرني..؟

الزوج: لا لن أخبرك.. لأنك لن تفهمين..

الزوجة: أخبرني.. أريد أن أتعلم..

الزوج: كانت تحلم بالرحيل إلى قرطبة.. إلى إسبانيا.

الزوجة: كيف؟ ستركب لها جناحي الحمام الوحشي..

الزوج: كانت أحلامها صادقة.. ومشاعرها نحوي صادقة.. وكنا نستطيع أن نهاجر إلى إسبانيا.. لولا أن...

الزوجة: لا تحاول أن تنال من أبي أكثر من اللازم..أبي ليس نذلا إلى هذا الحد.. قد تجده عنيفا.. وشرسا.. لكنه ليس خبيثا..

الزوج: لولاه لما اختفت أسماء..

الزوجة: لولاه لما كنت أنت..

الزوج: لولاه لما تزوجت إنسانة بليدة..

الزوجة: لولاه ما رضيت بك زوجا.. ولا خادما حتى..

الزوج: لولاه ما كنت مرغما على مضاجعتك..

الزوجة: ومن قال بأنني أرغب في مضاجعتك.. أنت يا كلب.. يا حقير.. يا نصف رجل.. انظر إلى وجهك في المرآة.. لكي تعرف حق قدرك..

الزوج: عرفت قدري.. عرفته.. وعرفني..

الزوجة: عرفت أنك لا تساوي.. درهما واحدا.

الزوج: عرفت ذلك.. وأنت تتقلبين في الفراش.. وتتوسلين إلي كي أقبلك.. وأن أضع شيئا مني بداخلك.. ورفضت.. (يبتسم)

تصاب بالهيستيريا.. وتصفعه..

ثم تبصق عليه.

الزوج: لآخر مرة.. أقول لك.. ولن أعيد ذلك أبدا.. اتقي شري.. وابعدي عني.. وإلا فسأكون مضطرا لكي أغادر البيت في هذا الليل ولن أعود..

الزوجة: لن تستطيع.. فأنت جبان..

يرتدي ملابسه بسرعة..

مستعدا للخروج من البيت..

الزوج: عرفت في حياتي امرأتين.. والدتي.. و سناء.. وكلتاهما كانت ملاكا.. ولكن أنت.. أنت.. تثيرين في داخلي.. نوعا من التقزز.. لا شيء يربطني بك.. لا شيء.. كأنك من صلب شيطان..

الزوجة: لن تستطيع.. أنا أ عرفك.. أكثر مما تعرف نفسك..

الزوج: ستجعلينني هذه الليلة أفقد أعصابي..

الزوجة: ولما لا مادمت أنا قد فقدت أعصابي منذ مدة..

الزوج: (يحاول الخروج) سأخرج لم أعد أحتمل..

الزوجة: ماذا تنتظر؟ !.. اخرج..

الزوج: سأخرج..

الزوجة: تريد أن أفتح لك الباب..

الزوج: أنت امرأة حمقاء..

الزوجة: لم تكتشف هذا إلا الآن؟

الزوج: أنت أيضا كنت تعلمين بحبي لأسماء.. لأجل هذا تنتقمين مني الآن..

الزوجة: لا.. لا.. هذا أمر مستبعد.. لا تهمني أسماء في شيء…(تغير مجرى حديثها) رأيت..؟

الزوج: ماذا؟

الزوجة: لم تخرج..

الزوج: لم أعد أرغب في ذلك..

الزوجة: كنت دائما هكذا.. تخاف من كل شيء.. مازلت أذكر كم مرة رأيتك فيها.. شاحب اللون.. ترتعد فرائصك.. وعندما أسألك تشيح بوجهك عني.. وتنصرف.. كنت تخاف من أبي ..

الزوج: كنت..

الزوجة: ولازلت.. هل تنكر ذلك؟

الزوج: أبوك لم يكن يوما لطيفا معي.. كنت بالنسبة له حشرة.. كان يذلني أكثر من اللازم.. يصرخ في وجهي.. أمام والدي.. أمامك أنت.. أمام الجميع..

الزوجة: اهدأ.. باستطاعتك أن تستريح.. وأن ترحل عنه.. أن تبتعد عنه..

الزوج: كيف؟ وأنا أعرف أنه قادر على مسحي من الكرة الأرضية..

الزوجة: أعدك وعد شرف.. لن يتعرض لك بسوء..

الزوج: والثمن؟

الزوجة: يريد طفلا يحدث في البيت صخبا.. طفل وينتهي كل شيء..

الزوج: أعتبره وعدا منك..

الزوجة: نعم..

الزوج: ولن يمسني سوء بعد ذلك..

الزوجة: سينساك إلى الأبد..

الزوج: ووالدي..

الزوجة: كما ترغب.. تأخذهما معك.. أو تتركهما معنا..

الزوج: حسنا..

الزوجة: هل أنت موافق؟..

الزوج: تريدين أن نبدأ الآن..

الزوجة: لا.. ليس الآن.. سنحتفل.. سنرقص.. نأكل.. نشرب حتى نسكر.. وبعدها.. يأتي دور الطفل..

تبدأ موسيقى احتفالية في الصعود تدريجيا..

يلعبان كأطفال..

يجوبان الغرفة جيئة وذهابا..

ضحك.. رقص.. شراب..

كلمات طائشة في الفضاء..

الزوج: سكرانا باسم كل ملذات الدنيا .. أدعوك.. يا سيدتي الجميلة.. إلى المختبر البيولوجي.. أنت على أتم الاستعداد.. وفي عينيك.. حرارة.. ويداك ملتهبتان.. لذا.. سيكون لي الشرف العظيم أن أدخل عليك.. لنقوم بالتجربة.. ونصنع لأبيك حامل اسمه..

يحملها علي كتفه..

وبطريقة استعراضية.. يأخذها إلى الخارج..

نسمع.. ضحكات.. وكلمات متقطعة..

صمت طويل.

ظلام تدريجي

يمر وقت طويل..على وجودهما بالداخل..

تخرج الزوجة في حالة يرثى لها..

بلباسها الداخلي..تحمل في يدها

قنينة خمر.. تجلس القرفصاء..

تشرب ..

الزوجة: رجل.. رجل.. من هو الرجل الآن.. أنا أم أنت؟ أردت أن أكون فراشك الليلة..أرخيت جسدي على السرير..وانتظرت..انتظرت طويلا..كي تكون رجلا فعلا.. تضمني بين ذراعيك الطويلتين إلى صدرك.. أرغب في حنان لم أجده.. حب.. شيء منك بداخلي.. بذرة.. أنت… (تشرب بنهم) عندما.. تشعر بدخوله لا شيء.. لاشيء.. مجرد من القدرة على الإنجاب.. أو إعطاء حياة.. هذا حقي كزوجة.. كامرأة.. أن تنام معي في الفراش وأن تكون قادرا على.. منذ شهور.. منذ أول ليلة الزفاف وأنا أنتظر..أنتظر فرصة لقاء حقيقية ..أبي يسألني كل صباح.. فلا أجد ما أجيبه به.. اختلقت مبررات عديدة.. لا فائدة .. صديقاتي يسألنني عنك.. كرجل.. كيف هو في الفراش؟.. قوي؟.. ممتع؟..ماذا أقول لهن؟ بأي وجه ألقاهن؟ أأقول لهن زوجي ليس مستعدا بعد.. أم ربما تريدني أن أخبرهن بالحقيقة.. ببساطة زوجي لا يستطيع ممارسة الجنس.. والعار الذي سيلاحقني..من الكل.. كيف سأتخلص منه؟.. وأبي.. والطفل.. وحياتي.. إنك تحرقني من الداخل..

الزوج: أعتذر..

الزوجة: وبعد؟

الزوج: لا شيء..

الزوجة: لاشيء؟ !

الزوج: لو أستطيع أن أحقق لك شيئا مما ترغبين فيه..

الزوجة: لكنك لا تستطيع..

الزوج: هذه هي الحقيقة..

الزوجة: كنت تعرف؟

الزوج: نعم..

الزوجة: منذ متى؟

الزوج: منذ مدة..

الزوجة: كم؟

الزوج: لم أكن لأعرف لولا.. تلك الليل.. في الإسطبل.. كانت أسماء تلح أن.. أن.. حاولت في المرة الأولى.. لم أقدر.. ثم عاودت.. وحاولت.. لا فائدة.. كنت ميتا من الداخل.. مجرد قشرة.. أحسست بأنني نصف رجل.. وخرجت من الإسطبل كفأر أعدو بعيدا.. أسماء تلاحقني.. وتصرخ بأعلى صوتها.. لا عليك.. سنزور الطبيب غدا0

الزوجة: وزرت الطبيب؟

الزوج: لم يكن سهلا أن أسمح لأحد أن يعلم بالخبر..

الزوجة: هل زرت الطبيب؟

الزوج: ألحت أسماء أن نزوره..

الزوجة: في النهاية.. ذهبت أم لا؟

الزوج: ذهبت..

الزوجة: وبعد..؟

الزوج: لاشيء..

الزوجة: لاشيء.. يعني.. ماذا؟..

صمت


الزوجة: ممتاز.. سأكون مضطرة.. للبحث عمن يقدم لي هذه الخدمة.. البحث عن رجل قادر على إلا نجاب.. سأنشر إعلانا في الجريدة.. بل في كل جرائد البلد.. لعلني أجد رجلا.. وأنت ستساعدني..

الزوج: أنا !.. لا

الزوجة: لماذا ..؟

الزوج: سيعلم أبوك الخبر..

الزوجة: ألا يرغب في ولد؟

الزوج: بلا..

الزوجة: إذا انتهى الأمر ..

الزوج: لا لم ينتهي..

الزوج: أبوك يرغب في طفل من صلبي ..خوفا من الفضيحة..

الزوجة: وهذه أليست فضيحة الفضائح..يكتري رجلا غير قادر..

الزوج: أنت لا تفكرين إلا في أبيك.. فكري قليلا في نفسك.. مستقبلك..

الزوجة: مستقبلي أن أجد رجلا قادرا.. لماذا لا أستطيع أن أكون مثل بقية النساء.. أن أرى بطني مثل الكرة.. ينتفخ.. ينتفخ.. ثم بعد شهور أشعر بالألم.. وعندما يحين الوقت.. أستلقي على ظهري.. لأفسح المجال.. له.. يخرج إلى الوجود.. ويخلصني من العذاب..

الزوج: باستطاعتك أن تحققي ذلك..

الزوجة: كيف؟

الزوج: ترحلين.. إلى أي مكان وتبدئين حياتك من جديد.. كما تحبين أنت.. ومع من تحبين.. لا أ حد سيقف في طريقك.. لا أبوك.. ولا أنا..

الزوجة: إلى أين تريدني أن أرحل؟

الزوج: لا أدري..غدا قبل أن تشرق الشمس.. تغادرين البيت.. لا أحد سيشعر بذلك.. لا تخبري أحدا.. ولا أنا.. خذي سيارتك.. وانطلقي.. عندما يأتي أبوك.. في الصباح.. لن يجدك.. ولن يبحث عنك.. فأنت تعرفينه..

الزوجة: وأنت؟

الزوج: سأرحل بدوري..

الزوجة: إلى أين..؟

الزوج: لا أدري إلى أين.. سأرحل.. أبتعد من هنا..أجد لنفسي طريقا آخر.. ربما بعد سنوات نلتقي.. وأجد حولك أطفالا.. يلعبون.. ويأكلون السمك.. كجدهم..

الزوجة: أنت لست قادرا على فعل أي شيء.. مجرد أحلام.. أليس كذلك؟

الزوج: دعينا من كل هذا.. واستمعي إلي جيدا.. لم يتبق لديك إلي ساعات قليلة.. قليلة جدا.. بعد ذلك.. سيأتي أبوك مبكرا..كعادته.. وبوجهه الخبيث.. سيبتسم لك.. سيسألك.. مرة أخرى.. عن النتيجة.. عن.. الليل.. عني.. عن حلمه.. لك أن تختاري بين حلين.. أن تخبريه حقيقة الأمر.. وهذا أمر مستبعد.. أو أن تكذبي كعادتك.

صمت


بقي حل أخر.. سيعجبك كهذه الليلة.. تريدين معرفته؟ هل تعرفين ما هو؟ هل تعرفين؟ لا؟ طيب.. سأخبرك..قبل أن يسألك سأخبره بالحقيقة..مهما كلفني الأمر..

الزوجة: أعرف أنك جبان ولن تجرأ على فعل ذلك..

الزوج: سترين عندما يأتي..

الزوجة: أنت غير قادر..

الزوج: سأثبت لك العكس.. والآن تصبحين على خير..

الزوجة: أمنعك من النوم..

الزوج: كيف؟

الزوجة: أنت قدر.. وسخ.. زبالة.. لو أستطيع قتلك..

الزوج: لكنك لا تستطيعين.. أ رأيت كلنا خلقنا مشوهين.. ليس هناك في العالم إنسان كامل..

الزوجة: قدر.. وسخ.. وضيع.. وضيع.. أنت وضيع..

الزوج: وأنت ابنة عاهرة..

الزوجة: وضيع.. جبان

تردد هذه الكلمات لمرات عديدة..تحت ضحكات الزوج.-

صمت طويل.

موسيقى هادئة في البداية..

ثم تشتد حدتها مع تصاعد مونولوج الزوجة.

الزوجة: (تأخذ قنينة الخمر، تتجه قرابة النافذة) لا تستطيع أن تتصور كيف يمكن أن نصبح ضحية أخطاء لم نرتكبها..كيف نفقد الثقة في أنفسنا وفي الآخرين من جراء ما نسمع ونرى.. أهذه هي الحقيقة؟ !.. أن نقع في مصيدة الزمن.. في خيوط القدر.. أن نكون مجرد دمى ورقية تلاعبنا أياد خفية.. أن نكون ما يريده الآخرون لا ما نريده نحن.. هل ما يقع لي هو الصواب.. أو أنني فقدت الشعور بالصواب.. ثمة أشياء تجعلني عاجزة على الفهم.. أصرخ.. أبكي.. أهرب.. أقتله.. لا أدري.. لا أستطيع أن أقرر لو حدي.. ربما أنا فعلا تلك الدمية الورقية.. لو فقط كنت كأمي.. أمزق كل الخيوط التي تحركني.. وأهرب بعيدا.. عن هذا العالم.. أستنشق هواء آخر وحياة أخرى.. أختار ملابسي بنفسي.. وألبس الحذاء ذو الكعب العالي وقتما شئت.. أنام بالليل أو بالنهار.. كما أحب.. أسافر في أي وقت.. لأي مكان في العالم.. لو.. لو.. لو.. منذ رحيل أمي.. لم أعد أفكر إلا في لو.. كنت أعتقد أن الأشياء قد تتغير بسرعة.. لكن على ما يبدو أن قدري يدفعني لكي أكون تلك الدمية..

تشرب الخمر وتصبه فوق

رأسها..ثم تلقي بالقنينة أرضا

أنا تلك الدمية..القذرة..وأنت عزيزي ..ترغم نفسك أن تكون رجل.. كيف لست أدري.. بالجسد لا أعتقد.. بصوتك القوي.. لا أظن.. بانفعالاتك.. بغرورك.. قلي كيف؟..إذا كنت حيوانا كما تدعي دائما..يا حيوان ..فلك فرصة اليوم أن تثبت ذلك..

الزوج: لست مرغما على ذلك.. ثم إني قد رضيت بقدري.. الأمر يخصك الآن..

الزوجة: سترغمني على ارتكاب حماقة..

الزوج: أنت تعرفين جيدا أنني لست ناقما عليك.. أنا لا أكرهك.. صدقيني..

الزوجة: ولا تحبني..

الزوج: لو فقط لم التق بأسماء..

الزوجة: حتى ولو لم تلتقي بها.. أنت لا تحبني.. أنا أعرف ذلك.. كنت أرى في عينيك حقدا دفينا

الزوج: حسن ما لذي تنتظرينه مني الآن.. أن تعرفين حقيقتي.. أعتقد انك رأيتها بعينيك الآن.. أنا لست قادرا على تلبية رغبتك في خلق حياة أخرى.. كيف لميت مثلي أن يحيى الآخرين.. أن يقدم الحرارة وجسده كقطعة ثلج.. لعلني مثلك دمية ورقية.. أنت لا تستطيعين أنت لا تستطيعين أن تخرقي قوانين أبيك.. لا تستطيعين فعل شئ.. وأنا لا ألومك.. أعرف جيدا من يكون ذلك الرجل.. أعرف قوته.. دهاءه.. خبثه.. أعرف أنه مثل الشبح.. وأنه قد يكون بيننا الآن.. من يدري ربما يستمع لحوارنا.. وسيتدخل في الوقت المناسب.. من يدري.. أعرف أنه يتلذذ بعذابنا الآن .. ربما يضحك ..يخيل إلي في بعض الأحيان.. أن أراه واقفا وراء الباب.. أو تحت السرير.. كأنني أراه في كل مكان.. نحن مجرد دمى من ورق.. صنعها أبوك لنملأ عليه فراغه..

الزوجة: بعد ساعات قليلة سيقتحم أبي الباب ويسألني من جديد.. سيكتشف أمرك.. وتحدث الكارثة..

الزوج: اهربي إذا..

الزوجة: إلى أين؟

الزوج: إلى أي مكان.. ابتعدي عنه.. لا تربطي مصيرك بمصيره

الزوجة: إلى أين؟ سيلحق بي أينما حللت..

الزوج: تغلبي على عجزك…

الزوجة: (تقاطعه) وهل تغلبت أنت؟..

الزوج: أنا لست عاجزا..

الزوجة: ولست قادرا..

الزوج: لو كان بإمكاني..

الزوجة: لو..

الزوج: نا لم أختر أن أكون هكذا..

الزوجة: وأنا؟

الزوج: أنت مسألة مغايرة..

الزوجة: كيف؟.. قل لي كيف؟

الزوج: أنت لست مثلي وفقط..

الزوجة: تعترف بعجزك..

عند كلمة عجز يصاب الزوج

بهستيريا حادة، فيصرخ.

تصعد موسيقى صاخبة وحادة

رعد.. أمطار قوية بالخارج

الزوج: أنا عاجز.. كما ترين.. لا أستطيع أن أكون مثل الآخرين.. لن أحس باللذة مرة واحدة في حياتي.. جسدي كقطعة خشب حطت عليها يد نجار مشلولة..النجار لم يختر شلل يديه.. وأنا لم أختر عجزي.. هل يستطيع الإنسان أن يختار نهايته بنفسه؟ هل يستطيع أن يغير مصير الأشياء؟ فقط لو تشعرين بعذاب إنسان عاجز على تلبية رغبة جسده.. كلما أحس بالضمإ.. لو تحسين ولو للحظة واحدة أن النهاية تقترب.. كلما تشعرين بعدم القدرة على الإنجاب.. على خلق حياة.. هل تعرفين الله؟ أسألك هل تعرفينه؟ أجيبي؟

الزوجة: نعم أعرفه.

الزوج: تعرفين قوته؟

الزوجة: نعم أعرف.. أعرف..

الزوج: الله وحده قادر على أن يغير مصيرنا..

الزوجة: وأبي.. عندما يعلم بالخبر..

الزوج: أبوك عاجز هو الآخر على تغيير مصيرنا.. ليس باستطاعته أن يجعلني دميته الورقية الأبدية..سترحل الدمية عنه.. وستحيى حياتها بعيدة عن سلطة الإرغام.. لن تكون مرغمة بعد اليوم على تلبية رغبات جاهل كأبيك.. سأرحل لأي مكان في العالم.. سأرحل بعيدا عن هذه الفوضى .. أريد أن أكون أنا كما أريد أنا لا كما يريد أبوك.. أحس بذراعي كجناحي الطائر الوحشي.. أستطيع أخيرا أن أحلق فوق السور.. وأن أقاوم الرياح.. والأمطار.. وأن أشاهد ما عجزت على مشاهدته منذ كنت صغيرا.. سأرحل..

يدخل بسرعة إلى الكواليس.

تاركا زوجته تبكي بكاء الأطفال

فجأة.. يخرج مرتديا معطفه وقبعته

وبيده معطف زوجته وقبعتها

و حقيبتي سفر.. يتجه نحو الباب..

موسيقى هادئة.

الزوجة: قررت.. ترحل الآن.. تتركني لأبي.. سيمرقني إربا..

الزوج: تعالي معي.. واتركي كل شيء.. نرحل بعيدا…

الزوجة: وبعد ذلك.. هل ستظل معي؟ هل ستبقى زوجي؟

الزوج: لا..

الزوجة: لا؟ !..

الزوج: أريد أن أنسى كل شيء..

الزوجة: كل شيء.. وأنا ..

الزوج: عيشي حياتك من جديد..ستصبحين حرة..

الزوجة: أية حياة هذه.. أنا لا أعرف شيئا.. لو أخرج لوحدي ولو لدقيقة واحدة.. أموت.. لم أتعود أن أكون وحيدة..

الزوج: ارتدي معطفك وتعالي ..بسرعة..

الزوجة: لا أستطيع..

الزوج: بسرعة.. أبوك قد يطل علينا الآن..

الزوجة: لا أستطيع.. لا أستطيع..

الزوج: أنت فعلا دمية من ورق..

الزوجة: وأنت أيضا..

الزوج: بسرعة أرجوك..

تصاب الزوجة بهلع مريب.

يحاول الزوج تهدئتها.

دون فائدة.. فجأة.. تصرخ..

صوت الأب مصحوبا بموسيقى صاخبة.

الزوجة: أبي. (تنهار على الأرض)

الزوج: وصل.. يا إلهي... كأننا نحلم.. أهكذا يتحكم في مصائرنا شخص واحد.. نبقى دوما من ورق.. دماه الأبدية..

يعيد هذه الكلمات مرات متعددة.

ينغمس المسرح في ظلام دامس.

نهايـــــة


مكنـــــاس
أكتوبـر 2000

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى