غياث المرزوق - تِلْكَ ٱلْدَّوْلَةُ ٱلْمُسْتَقِيمَةُ: كِيَاسَةُ ٱلْإِفْشَاءِ أَمْ سِيَاسَةُ ٱلْاِرْتِشَاءِ؟ (القسم الأول)

وَأَمَّا النَّاخِبُونَ سِيَاسِيًّا غَارِقًا فِي الفَسَادِ قِيمَهْ،
فَلَيْسُوا ضَحَايَاهُ، بَلْ مُشْتَرِكُونَ فِي هٰذِهِ الجَرِيمَهْ!

جورج أورْوِيل


(1)

إشارةً إلى مقالٍ صِحَافيٍّ إعلاميٍّ تخصُّصيٍّ فريدٍ من نوعِهِ، والحَقُّ لا بُدَّ أنْ يُقَالَ هَا هُنَا، مقالٍ يبيِّنُ كيفَ أنَّ مَسْعًى بريطانيًّا ذَا طابعٍ «شَعْبَوِيٍّ قلبًا وقالبًا» Entirely Populist، كمثلِ ذٰلِكَ المَسْعَى الذي يسمُّونَهُ تسميةً توراتيةً بهلوانيةً بـ«الخرُوجِ» Exit، مَعْصُودًا بـ«خُرُوجِ بريطانيا» Brexit، ومقصُودًا منه، بطبيعةِ الحَالِ، خُرُوجُ هذهِ الدولةِ «المُسْتَقِيمةِ» من أُرُوضِ الاتِّحادِ الأوروبيِّ ومن سَمَاواتِهِ سياسيَّا واقتصاديَّا، على حَدٍّ سَوَاءٍ، يبيِّنُ كيفَ أنَّهُ مَسْعًى كانَ، ولم يَزَلْ، غارقًا غَرَقًا لا يُحْسَدُ عليهِ، في التذبذبِ بينَ الاِلتزامِ الوَعْديِّ باتِّخاذِ معنيِّ «القرارِ» وبينَ الإحجامِ الوعيديِّ والانكفاءِ بنقيضِهِ «اللاقرارِ»، فإنَّ المَزْهُوَّ المُخْتَالَ بوريس جونسون (وقدْ صَادفَ لَهُ، في هذا الأوانِ، أن يكونَ رئيسَ وزراءِ بريطانيا ذاتِهَا، رغمَ كُلِّ ما يُوحي على أرضِ الواقعِ إيحاءً بخلافِ ذلك) لا يفتأُ يُضْمِرُ الآنَ التذاذًا بنوعٍ مشتقٍّ مِمَّا سَمَّيْتُهُ، في موضعٍ تحليليٍّ آخرَ، تسميةً نفسانيةً كذٰلك بـ«الرَّعِبِ البطوليِّ» Heroic Jouissance، يُضْمِرُ التذاذًا بإثارةِ ذلك الشعورِ اللافتِ للانتباهِ بكلٍّ من الإيجاسِ والاغتياظِ في كلٍّ من الأوساطِ السياسيةِ المعارضةِ والأوسَاطِ السياسيةِ (وَ/أوِ الاجتماعيةِ) شبهِ المعارضةِ من اليسارِ واليمينِ ومِمَّا بينَ الأقصَيَيْنِ الاِثْنَيْنِ – وإنْ كانَ هذا الشعورُ اللافتُ بالذَّاتِ يطغَى، أكثرَ مَا يطغَى، على الوَسَطِ المعارضِ من اليسارِ وأقصَاهُ، على وجهِ التَّحديدِ. غيرَ أنَّ هذا المزهوَّ المختالَ، مهما حاولَ في إِنْجَاحِ أيٍّ من مساعيهِ الحَثيثةِ إزاءَ تنفيذِ القرارِ المُختارِ باتفاقٍ معَ المعنيِّينَ بالأمرِ من الاتِّحادِ الأوروبيِّ أو حتى بدونِ أيِّمَا اتفاقٍ معهم، لن ينجحَ، من أمامِ إرادةٍ شعبيةٍ (بريطانيةٍ) واقفةٍ لهُ بالمرصادِ على الدوامِ، في تقويضِ صَرْحِ مَا يُشيرُ، رغمَ ذلكَ كلِّهِ، بشيءٍ من «الديمقراطيةِ الحقيقيةِ» في دولةٍ كمثلِ بريطانيا، على أقلِّ تقديرٍ – على الأقلِّ، كما أُشيرَ في المقالِ المعنيِّ، مقارنةً بانعدامِ هذه «الديمقراطيةِ» المطلقِ في عالَمِنا العربيِّ الحزينِ، حيثُ أشكالُ الاستبدادِ التعسُّفيِّ والطُّغيانِ الهمجيِّ والظلمِ الاجتماعيِّ إنما هي في أحطِّ ما توصلتْ إليهِ من أشكالٍ في التاريخِ البشريِّ برمَّتِهِ. وحدَهُ العنصريُّ المزهوُّ المختالُ الآخَرُ دونالد ترامب، يعلنُ إذْ ذَاكَ متحمِّسا، من وراءِ البحارِ بـ«شعبويَّتِهِ الفاشيةِ المقيتةِ» Abhorrent Fascist Populism، وحدَهُ يعلنُ دعمَهُ الشخصيَّ دونَ قيدٍ أو شرطٍ لهذا «المَسْعَى العظيمِ» الذي يُقْدِمُ عليهِ أيَّمَا إقدامٍ هذا «الرجلُ العظيمُ» الذي كانتْ «بريطانيا العظمى» برمَّتِها تنتظرُه انتظارًا طويلاً، على أحرَّ من جَمْرِ الغَضَى (انظرا، في هذهِ القرينةِ: مقالَ آصال أبسال المُتَفَرِّدَ، «الصحافة الغربية: التذبذب بين القرار واللاقرار!»، دنيا الرأي [وصحف أُخرى]، 14 تشرين الثاني 2019).

من المعلومِ علمَ اليقينِ، في هذا الصَّددِ، أنَّ فكرةَ «الخُرُوجِ» التوراتيِّ البهلوانيِّ هذهِ كانتْ قدْ تمخَّضتْ، بنحوٍ أو بآخَرَ، عنْ تأسيسِ حزبٍ سياسيٍّ «شَكَّاكٍ» (أو «شُكُوكِيٍّ») قائمٍ بذاتِهِ في بريطانيا، إذْ تمَّ وَسْمُهُ إتباعًا بِسِمَةٍ جَادَّةٍ كلَّ الجدِّ بـ«حزبِ خروجِ بريطانيا» Brexit Party، وذلك في اليومِ التاسعَ عشرَ من شهرِ كانون الثاني (يناير) من العامِ المنصرمِ 2019، حزبٍ هَجِينيٍّ يمينيٍّ متطرِّفٍ، في جُلِّ آمالِهِ ومآلاتِهِ (إنْ لم نَقُل كلَّهَا)، حزبٍ «شعبويٍّ قلبًا وقالبًا» من نوعٍ جِدِّ خاصٍّ يقودُهُ منذ ذٰلك الحينِ عَيْنُ السياسيِّ والإعلاميِّ البريطانيِّ نايجل فَرَاج – وهو عَيْنُ الدعائيِّ الهَجِينيِّ اليمينيِّ المتطرِّفِ المعروفِ، كذاكَ، بإسهامِهِ الترويجيِّ الكبيرِ في إبَّانِ معمعانِ الحملةِ الانتخابيةِ الرئاسيةِ التي أطلقَهَا العنصريُّ المزهوُّ المختالُ الآخَرُ دونالد ترامب بالذاتِ: وفي هذا مَا يفسِّرُ، في جملةِ مَا يفسِّرُ، دعمَ هذا العنصريِّ اللامحدودَ لمَسْعَى «الخُرُوجِ» التوراتيِّ البهلوانيِّ وحدَهُ دونَ غيرهِ، كما تقدَّمَ ذكرُهُ قبلَ قليلٍ. فأمَّا من حيثُ العددُ المحدودُ والجهدُ المردودُ واللامردودُ، فيتألَّفُ هذا الحزبُ السياسيُّ بأغلبيةٍ مَاحقةٍ عَارمةٍ من ثمانيةٍ وعشرينَ عضوًا «ممثِّلاً» أوَّليًّا من أعضاءِ «البرلمانِ الأوروبيِّ» MEP، على وجهِ التحديدِ، بالإضافةِ إلى أقلِّيةٍ «مَارقةٍ»، أو «شِبْهِ مَارقةٍ»، صَارمةٍ من أربعةِ أعضاءٍ «ممثِّلينَ» آخرينَ من أعضاءِ «مجلسِ النوَّابِ الويلزيِّ»، بالذاتِ (أو، بالأحرَى، من أعضاءِ «الجمعيةِ التشريعيةِ الويلزيةِ» Welsh Assembly، بذاتِ الذاتِ). وأمَّا من حيثُ الأيديوجيةُ المُتَّبَعَةُ اتِّباعًا توراتيًّا بهلوانيًّا كذلك في العَهْدِ المعهودِ واللامعهودِ، فهي أيديولوجيةٌ مُخْتَزَلةٌ اختزالاً يقومُ على مَحْضِ نزعةٍ انفصاليةٍ حَسَّابَةٍ، لا بلْ مَحْضِ نزعةٍ انعزاليةٍ شَكَّاكَةٍ (أو شُكُوكِيَّةٍ)، جدِّ خاصةٍ تُدعى بـ«الشُّكوكيةِ الأوروبيةِ» Euroscepticism، نزعةٍ تعارضُ أشدَّ مَا تعارضُ، في الأصلِ، مَنْحَى «الاندماجِ الكوزموبوليتانيِّ» بحُجَّةِ أنَّهُ مَنْحًى يقلِّلُ، أو بأدناهُ يُسَاهِمُ في التقلِيلِ، من أهميةِ كلٍّ من السِّيَادِ الوطنيِّ والسُّؤْدَدِ القوميِّ للدولةِ المَعْنِيَّةِ، أو لمجموعةِ الدولِ المَعْنِيَّةِ. واستنادًا إلى ذلك كلِّهِ، فَعَيْنُ هذه النزعةِ الاِنعزاليةِ الشَّكَّاكَةِ (أو الشُّكُوكِيَّةِ) تدَّعي ادِّعَاءً بأنَّ الاتِّحادَ الأوروبيَّ، بنوعِ «نخبويَّتِهِ المتعاليةِ»، إنَّما يفتقرُ كلَّ الافتقارِ إلى أيٍّ من الشرعيةِ والشفافيةِ الديمقراطيتَيْنِ، من ناحيةٍ أولى، ويحفلُ علاوةً عليهِ بكلِّ المَثَالِبِ والمطبَّاتِ البيروقراطيةِ في خدمتِهِ مَصَالِحَ الطبقاتِ العُليا دونَ سِوَاهَا على حِسَابِ مَصَالِحِ الطبقاتِ الدُّنيا (وخاصَّةً، طبقةَ العمَّالِ، ومَا يُشْبِهُهَا)، من ناحيةٍ أخرى. وهكذا، بعدَ هكذا إجلاءٍ مورفولوجيٍّ مُسَنَّدٍ، تتجلَّى نزعةٌ اِنفصاليةٌ وانعزاليةٌ كمثلِ هذهِ «الشُّكوكيةِ الأوروبيةِ»، من هذا المنظورِ الادِّعائيِّ المَحْضِ بالذاتِ، تتجلَّى بوصفِهَا النقيضَ الكاملَ والمطلقَ لتلك النزعةِ اللاانفصاليةِ واللاانعزاليةِ (واللاشُكُوكِيَّةِ) التي تُدعى، تحديدًا، بـ«النقابيةِ الأوروبيةِ» European Unionism، لأسبابٍ بَدَهيةٍ وبيِّنةٍ بذاتها.

ومَعَ كلِّ جوانبِ هذا المنظورِ الادِّعائيِّ المحضِ بالذاتِ، وعلى الأخصِّ حينما يَسْعَى ذلك الجانبُ المعنيُّ من حكومةِ بريطانيا، تلك الدولةِ «المُسْتَقِيمةِ»، إلى جَعْلِهِ منظورًا حقيقيًّا وواقعيًّا، على الصعيدِ «الوطنيِّ» وَ/أوِ «القوميِّ» قبل أيِّ صعيدٍ آخَرَ، فإنَّ ثمَّةَ في الأفقِ المرئيِّ إرهاصاتٍ «اِنقلابيةً» تكادُ أن تكونَ دلائلَ دامغةً قدْ تُطيحُ بذلك المَزْهُوِّ المُخْتَالِ بوريس جونسون من برجهِ العاجيِّ فوقَ كلِّ الظُّنُونِ، وقدْ تزجُّ بِهِ، فوقَ ذلك كلِّهِ، زَجًّا في غَيَاهِبِ السُّجُونِ [إرهاصاتٍ «اِنقلابيةً»، بالمعنى المُوحَى إليهِ في عنوانِ «روايةِ» الكاتبِ السياسيِّ (اليساريِّ) البريطانيِّ كريستوفر جون مَلِن، «انقلابٌ بريطانيٌّ قُحٌّ» A Very British Coup، تلك الروايةِ التي تدورُ أحداثُهَا حولَ سَعْيٍ انقلابيٍّ دَوْليٍّ يرتِّبُ لَهُ بضعةٌ من أعضاءِ «حزبِ العملِ» (اليساريِّينَ) من أجلِ إقصاءِ رئيسِ الحكومةِ العمَّاليةِ (اليساريِّ، هو الآخَرُ)، هاري بيركينز، على الرغمِ من فوزِهِ في سَيْرِ الانتخاباتِ الشعبيةِ بأغلبيةٍ ساحقةٍ، على حَدِّ تعبيرِ آصال أبسال في مقالِهَا الألمعيِّ الآنِفِ الذكرِ]. وهكذا، وفي لحظةٍ إشراقيةٍ من لحظاتِ مَا يُمْكِنُ أن يُلَمَّحَ إليهِ تلميحًا تعبيريًّا تلطيفيًّا بـ«كِيَاسَةِ الإِفْشَاءِ» Sagacity of Divulgence، يقرِّرُ السياسيُّ والإعلاميُّ البريطانيُّ نايجل فَرَاج بالعَيْنِ، ذلك السياسيُّ قائدُ «حزبِ خروجِ بريطانيا» بعَيْنِ العَيْنِ، يقرِّرُ أن يستجمعَ كلَّ مَا بجَعْبَتِهِ من رَبَاطةِ جَأْشٍ، وقدْ تواجدتْ هكذا «رَبَاطةٌ» في المَظَانِّ في ظَنِّهِ في أغلبِ الظَّنِّ، ويُقِرُّ على الملأ الأدنى والأعلى (بالتعبيرِ الآصَاليِّ، ها هُنا) بأنَّ ثمَّةَ ثُلَّةً من الأعضاءِ المُؤَسِّسينَ، لا بَلْ من الأعضاءِ المُخَضْرَمِينَ، في هذا الحزبِ، ثُلَّةً قدْ عُرِضَ عليهم عَرْضٌ كانَ قدْ خُيِّل إلى العارِضِ (أو، بالحَريِّ، إلى ثُلَّةِ العارِضِينَ) بأنَّ أولئك الأعضاءَ المُخَضْرَمِينَ «لن يكونَ بإمكانِهم أن يَرْفُضُوهُ مُعَارِضِينَ»، وذلك استئناسًا بالمجازِ المَافْيَويِّ الذي تكتظُّ بتمثيلِهِ التوعُّديِّ رواياتٌ كلاسيكيةٌ، كمثلِ روايةِ الكاتبِ الروائيِّ الإيطاليِّ-الأمريكيِّ ماريو جِيَانْلُوِيجِي بوزو، «العرَّاب» The Godfather، وما شابَهَ ذلك. وكانَ هذا العَرْضُ بالمجازِ المَافْيَويِّ بالذاتِ ينصُّ، بهيئةٍ أو بأُخرى، على الوَعْدِ الجَدِّيِّ «النَّبِيلِ»، وَعْدِ أولئك الأعضاءِ المُخَضْرَمِينَ، بِمَنْحِهِمْ، كلاًّ على حدةٍ، رُتَبًا فخريةً إكراميةً في ما يُعرفُ، بالمصطلحِ الإنكليزيِّ الخُصُوصِيِّ «الأكثرِ نَبَالةً» كذاك بـ«طبقة النُّبلاءِ»، أو بالحَافِ بـ«النَّبِيلِيَّةِ»، أو حتى بحَافِ الحَافِ بـ«النَّبَالِيَّةِ» Peerage، وذلك في مقابلِ إقناعِهِم بأن يَنْأَوْا بأنفسِهم كلَّ النَّأْيِ عن الترشُّحِ في المُقبلِ القريبِ، أو البعيدِ، من إجراءِ الانتخابِ العامِّ في أرْجَاءِ بريطانيا كُلِّهَا، تلك الدَّوْلَةِ «المُسْتَقِيمَةِ».

بيدَ أنَّهُ، رغمَ كلِّ ذلك الإيحاءِ بِمَا يُمْكِنُ أن يُلَمَّحَ إليهِ، على النَّقيضِ كذلك، تلميحًا تعبيريًّا تَسْمِيجِيًّا هذه المَرَّةَ بـ«سِيَاسَةِ الاِرْتِشَاءِ» Politics of Venality، بيدَ أنَّهُ، مَا إنْ بَدَأَ هذا العَرْضُ بالمجازِ المَافْيَويِّ بالذاتِ يتفشَّى بينَ عامَّةِ الناسِ، مَا بينَ القالِ والقيلِ، ومَا أدراكُمَا مَا القالُ والقيلُ، حتى باشرَ المسؤولونَ المعنيُّونَ والمسؤولاتُ المعنيَّاتُ من الجهازِ الشُّرَطِيِّ الحَاضِرِيِّ (اللندُنيِّ) في بريطانيا، تلك الدَّوْلَةِ «المُسْتَقِيمَةِ»، حتى باشروا في التحرِّي والتحقيقِ اللازمَيْنِ في قضيَّةٍ قضائيةٍ رفعتْ نفسَهَا بنفسِهَا رَفْعًا عَلَنِيًّا على أنَّهَا قضيَّةُ «تَزْيِيفٍ وتَزْوِيرٍ انتخابِيَّيْنِ» بامتيازٍ، وذلك تبييضًا للمُسْوَدَّةِ من الوجُوهِ المعنيَّةِ بالذَّواتِ – أو، على الأقلِّ، حفاظًا على مَاءَاتِها (رغمَ الاِسْوِدادِ «الخفيِّ»)، في هذه الحياةِ الدُّنْيَا قبلَ المَمَاتِ!

[انتهى القسم الأول من هذا المقال ويليه القسم الثاني]


*** *** ***

دبلن،
19 تشرين الثاني 2019



/ عن الحوار المتمدن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى