عصري فياض - بائع الخضار.. نص مسرحي من مشهد واحد

مشهد واحد

المكان: سوق المدينة
الزمان : ساعات الصباح الاولى
عطا، رجل ثلاثيني،يقف في سوق الخضار في رام الله،وهو يعتمر الطاقية ويبلس ملابس العمل الموشحة بالطين،ويربط على وسطه الحرجاي، يقف على عربته الخشبية التي تحمل البندورة والخس والنعناع ،وينهمك في ترتيب صفوف البندورة الحمراء بعانية وكأنه يبني مصفوفات من القطع الجميلة، يمسك حبة البندورة ، يمسحها بقطعة قماش في يده، وينادي
عطا : يلا يا بندوره....يلا يا خس ....... النعنع... النعنع.........يلا ما معلم...
بندورة ألف... حبش يا خس.... نعنع يا منعنع
(تتقدم سيدة في الاربعينات ايضا نحو العربة وهي تحمل سلة خضار فارغة ، تمعن النظر بصمت في البندورة، عطا يجاول اصطياد اول زبون ، يتحرك ،يسارا ويمينا ويقول:)
عطا : اتفضلي يختي
السيدة :- بيش هالبندورة؟
عطا :- الكيلو بخمسة
(السيدة تمد يدها وتبدأ بفحص حبات البندورة)
عطا : هاي أنظف بندورة بالسوق ... كدار وصلبة و حمرا وبتلمع زي خد العروس
السيدة : هو أنا بدي أوخذها كِنْهْ (عروس)...
عطا : كلشي نظيف حامل ثمنة... وكلشي خمة ماقت زمنه
السيدة : تعطيني 3 كليو بعشرة؟؟
عطا: (رافضا) :مالك يختي ؟؟.. ولو... !!! هاي خسفيتنا خسفة قوم لوط
(السيدة تترك التنبيش بالبندورة وتذهب..ويعود عطا في ترتيب بضاعته، يمر من جانبه نادل (الجرسون) يحمل على راحته انية شاي طلب خارجي لاحد الزبائن، الجرسون اسمه عامريتحرك بخفة ، يمد يده على النعناع ويسحب ضمة صغيره)
عامر : يسعد صباحك ابو العط
عطا : ولا تظلكيش تتخوث.. وتنزعش صباحي... قول يا الله ...
عامر يبستم : مالك ابو العط . عشويت نعنع....... يا زلمة مش انت صاحب نظرية "اعطي الله الى بعطي "|
عطا ( مستفز) :منتي مرطت الضمة كلها، وكل يوم مثل هيك رايج جاي بتنشرني...... ولما اطلب منك كاست شاي بتحط سنس واحد لعشرين زبون.....وبتحاسبني بالدفع المسبق
عامر: (يتظاهر انه سيدفع ثمن ضمة النعناع، يضع يده في جيبه ) : اتصيحش.. جميلتك عحالك....هاي حق ضمة النعنع كاملة ........
( عطا يستهم في استقبال ثمن ضمة النعنع،فيخرج عامر من جيبة مجموعة من عروق الشجّيره، ويقدمها لعامر مازحا ويقول له )
عطا : اتفضل....
عطا: (يجاول ان يضربه بالشلوت، يبتعد عامر مجسرا جسمة تفاديا للضربة): ولك روح... نتن زي معلمك
عامر : شو مالك ؟؟ ما بدك تبدل النعناع بالشجيرة ؟؟؟ هاي اسمها مقايضة؟؟ بقاش سيدك الله يرحمة يبدل كيل القمح بوقية سمنه...... أي مهي ستك قايضها بنعجتين وكديشة.....ودفع للمأذون ودفع للمأذون بيضة ورغيف طابون...... ولما اجاه اول ولد الي هو ابوك ... طهره المطهر بمقص الغنم.... شو بدك اخرى اخرفك تا اخرفك عن امجادك ابو العط
عطا: ولك قَبِعْ..... يلعنك ويلعن السانك الي مثل لسان الحرباية
(يذهب عامر وهو يضحك ، وتعود السيدة وتقترب من العربة بصمت، عطا يراها ويسرح وهو يتأملها وهو يقول)
عطا : وبعدين بهاليوم... مبين عليه زفت من أوله.......
( تعود السيدة للنبش في البندورة مرة اخرى باعصاب باردة )
عطا : اه يختي اعبيلك؟؟
السيدة : بخمسة لع
عطا : ولا حتى باربعة.... يا عمي بخسر هيك .... شو انا بدي ابدل عمله...؟؟ بدك بخمسة حياك الله ما بدك.... السوق ملان
تذهب السيدة ويعود للعمل عطا ، يقترب من عربته رجل سبعيني ، قصير القامة يلبس النظارات، وجاكيت رسمي وبنطال رسمي ويقول )
المسن :- صباح الخير
عطا : صباح الخيرات حج
المسن : بأكم الخس ؟؟
عطا : برضو بخمسة...
المسن : خمسة شيكل ؟
عطا : ولاّ خمس عصمليات... اه خمس شواكل
المسن :- بس انا بدي اشتري ورق الخس الصغير الطري الي بيكون جوى بتعرف ما الي سنان...
عطا ( يضع يديه على خصره ويقول):- شو رايك افرط الخسات واصير ابيع بالورقة؟؟
المسن : بتعمل معروف .... انا هذا الورق البراني ما بحبه ،ولا حتى القالوحة ... ما بزبط معي بالمازا.... الصغير احسن
عطا :- كنك يا حج بتكيّل؟؟
المسن :على رواق كل يوم المسا.... بجيب كرسيين كرسي بقعد عليه.......
عطا : وكرسي بيقعد عليك
المسن : لا. كرسي بمد عليه اجري...وبفتح عالحجة....
عطا ( باستغراب): تفتح عالحجة؟؟؟.... انت بتكون طول النهار مسكر على حجتك يعني، حتى بهذا السن مش مأمنها ... ولا بتغار عليها....... والله انتو الختيارية منتو قليلين؟
المسن : لا حجتي ماتت من زمان ...الحجة الي بفتح عليها عي ام كلثوم
عطا : اه... ام كلثوم...
المسن : وبصير اصب حليب سباع أصب حليب سباع اه ....حتى استوي
عطا : حليب سباع؟؟ عندك سباع بتحلبهن يعني ولا بتشتري من حديقة الحيوانات؟؟
المسن : حليب سباع يعني عصير السلطنة ،عصير الكيف .. بالعربي مشروب ... مالك ؟؟... كنك غشيم ... هاهاها
عطا : وجاي عندي تشتري ورق خس صغير ؟؟؟
المسن : اه وحياتك بدي اكم ورقة طرية
عطا : حج انت مش لازمك خس...
المسن : اه .. ولا شو في أحسن من الخس
عطا : انت لازمك ورق لخنه... هذاك السوق ملان روح قبل ما يوخذون للبقر والغنم انت أولى... اتوكل عالله....
المسن : شو يعني؟
عطا : (بعصيبة ) يعني الله يسهل أمرك ...تصبح بغيرنا.....
المسن( ينسحب وهو ينظر للخلف، ويقول ) اتوقع الحجة تغني اليوم " انا لن اعود اليك "
عطا : بالناقص عنك وعن سباعك
يعود عطا لبضاعته، ينادي يلا يا بندورة يلا يا خس...تع اتنعنع يا منعنع...
لقط اليوم وحياتك ...مثل القمر ضاوي....
(تعود السيدة من جديد، وتبدأ تقلب حبات البندوره عطا يقول وهو مستفز)
عطا : وبعدين يا ربي مع هاليوم.... لا حول ولا قوة الا بالله العظيم....
(ينظر اليها بصمت وامعان وهي تقلب حبات البندورة، ثم يقترب منها ويسألها)
عطا : يختي ؟؟
السيدة : (تلتفت) نعم يخوي
عطا :- كنك مضيعة جوز مباريم (اساور ذهب) ؟؟
السيدة : لع بدي اشتري بندوره... بدي اشوفها .... ولا بدك اياني اشتري سمك ابحر؟
عطا : منتي شايفة السمك...قطف اليوم...بلمع لمع....
السيدة : طيب مالك معصب ؟؟
عطا : صارلك ساعة رايحة جاي رايحه جاي بتقلبي بالهلبضاعة... أي سميتي بدني
السيدة : ليش انت حمقي ؟؟.... البياع لازم يكون بالوا طويل....
عطا :- ما بدي ابيع خلص اتركي البضاعة
السيدة : لليش بتصيح ؟؟ ... الله جعلك ما بعت
عطا : بعصبية : استغفرك ربي واتوب الك
(يمر عامر ويقترب من الجدال الدائر بين السيدة وعطا، يتدخل عامر بطريقة مستفزة ويقول )
عامر : ساير الناس يا عطا .. حرام عليك انت مغلواني،اغلى واحد بيبيع بالسوق
عطا (تزداد عصبيته) : سد بوزك انت الثاني
عامر: هههههههههاي........ (يغني) من حمه فار دمه.... من حمة فار دمه... من حمة فار دمه
(يعود المسن ويلتم بعض المتواجدين بالسوق يسألون )
المتجمهرين : شو في ؟؟ شوصاير؟؟)
المسن : مازا..؟؟ مازا ... ماذا حدس؟؟
عامر : يا جماعة عطا انجن
عطا (يفقد اعصابه يحل الحرجاي ويرمها والطاقية ارضا ويتحرك بعربايته تاركا المكان)
(عامر مبتهج، والسيدة تقول):
السيدة : يي عزايين........ مال الزلمة كنه انجن؟؟
عامر : ولك وين رايح يا زلمة هون السوق احسنك
ينظر عطا للخلف ويقول : - ومين قال لك اني رايح ابيع بمكان ثاني؟؟
عامر : ولا وين رايح ؟
عطا : رايح عالسهل ارجع البضاعة لصحابها......... الله جعلكم ما تزقوه.

النهاية



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى