السيد فرج الشقوير - أنا والبحر.. شعر

هكذا أنت أيها البحر..
تتشطر أمام بيتكِ..
مثل كِلابٍ أعرفها تنبَحُني.. كعموم المارّة
وتنام.....
حينما تأكلُ الذّئابُ ما تشاء
كلّما أتيتك بادرتني بالسّخط
واستعديت عليّ أصدافَكَ الملْآنة( بالخربشة)
فترُشّها على جسدي ذرُّ حاذق..
ذرُّ أريب بملحٍ و وجع
وشوشاتِ المهمومين آنفا..
طفِقتَ تخصفها عليّ...
وكأنما ضِقت بشكاتي كأنها النّوح الوحيد
ما جئتُكَ اليوم لأشكو...
فالشكوى للبحر مذَلّة
لا تتذكر القصبة الهوائية غصّتها التي مِتُّ إثرها؟
ولا أنت أيضاً تتذكّرُ غريقاً واحداً قتلته...
عامداً مُتعمّداً..
فهم متّهمونَ برُكوبك..
متَّهمُونَ بالمجازفة...
ومتّهمُونَ بعدمِ الغرق..
وإثارة الجلبة في سعيٍ حثيث للشّهقة
الحلوقُ تنسى..
عند إنزلاقِ تفّاحة و بصلة..
تستوي الطّعوم
ما يُريحُ القولون...
مثله مثل ما يأمر بالفساء..
بلعومٌ حدّثنِي.
البِِلَى يعملُ في كِلينا بِتُؤَدة..
كمعاول حطّابين..
تقتلعُ الظّلّ رويداً.. رويداً
لتلهثَ بعد الأوان تحت آتونٍ قائظٍ
بظَهرٍ لا مسند له..
وكُوعٍ بلا متّكأ
هلُم يا الممتدُ كتَعِبٍ لمْ يسترح من أزلٍ
وارتدي البكيني لمرة..
أوْ اخلعهُ كُليّةً..
واغرَقْ في مِلْحِي...
وتمدد على رمالي....
كمصطافٍ آبقٍ منْ يوليو.. لخَريفيّةِ فخِذَيّ
وانكتْ همومكَ و اعتبرني أذُناً واعيةً...
وشطاً لم تزره قبلا
وافرح فرحةَ المتمرِّغِ على ملاءةٍ جديدة...
بلا وباءٍ يَحصُدُنَا
.........
.....
...
أتعرِف...
جرّبْت أنْ أكونَ غجريّاً..
لا يزرعُ شجراً.. إلبتّة
كي لا يُطالبُهُ الظّلُّ بضريبةٍ مُوجعةٍ
ولا أبني جدُراً فتُطالبُني بأثمانِ الحمايةِ..
رغمَ كونها انقضَّتْ عبرَ تاريخِ البناياتِ فوقَ البُروليتاريا
هل هناكَ حدّوتةً عنْ جدارٍ لِذي فاقةٍ
أرادَ أنْ ينقضَّ فأقامَهُ المُحتسِبُ؟
آمِنٌ انتَ.. وأنا تحتَ خُيوطِ العنكبوت
(الخيش) مثقوبٌ بالطّبيعةِ..
لا عيبَ في كونةِ مثقوباً...
إنْ أنتَ رُحْتَ تُرَقِّغَهُ.. خنَقتَه
و عَكَّرتَ لوحَةً طبيعيّةً للبُؤسِ
إسأل (كوزيت)..
هل أنساها جان فالجان المرارة؟
واسأل جان فالجان..
هل كوزيتُ.. أنْستْ قدميهِ الهرولةَ من الشرَطة؟!
وهل للرُّقعةِ (أيّ ستّينْ لأزمة)..
على صدرٍِ أُمُّهُ الخروق..
وأبُوهُ الشُّعَبُ الهوائيّة؟
القانونُ مُصمِّمٌ كعادتهِ.. أنْ يَحوزَ غجريّاً
وأنْ( يدُقَّ) العصافيرَ فوقَ ناصِيَتهِ
ويُدركُ حيلة القراقوز كي يُصَدّعَ رأس الحكومة
أبداً تعرفُ قوانينُ السّيد المحترم..
ما ينفعُ القراقوز
لذا... تمكُثُ في الأرضِ... لأجلِي!!
...........
.......
....
جرّبتُ أنْ أكونَ زُعرُباً..
أنْ أكونَ مُمْتنّاً للسيّد المحترم..
عندما يحلقُ لِي شاربِي...
شاربي.. ذاكَ الّذي يُميّزُنِي عنْ ( بهانة)
في مقابلِ (فرخة)
ربّما لو تغاضى.. لرَبَتْ بيُوضَهُ
وأذّنَتُ الدِّيَكةُ في قُنِّهِ بالبَركة
ماالضرر في أنْ يلعبَ (الشّامُورتُ) خارج الحظيرةِ؟!!
على كُلٍّ جرّبتُ..
أنْ أكونَ صفّارةً تنْدَهُ الخفَراءَ..
لتهدمَ الخِيش على تمْرِ حِنّةِ
لكِنِْي لمْ أبلع أمرَ شيخ الخفر..
منْ فوقِ حمارِهِ كمستعمِرٍ متعجرف..
(إضرب يا خفير زُعرُب... إضرَب يا ولااا)
فاتّسعتْ الزعربةُ كحذاءٍ لا أجيدُ المشيَ فيه..
و أقنعني الخِيشُ أنّهُ لا يُهدمْ..
بلْ يمضي مُحترِقاً..
وبلا رِجلينِ للهربِ
وأنا لا أملكُ الثّقاب..
بل أجيدُ النّفخَ في الشّوربة
وجرّبتُ ألّا أشعرَ بالفارقِ بيني وبينَ جامُوسةِ السّيّد المحترم
فنأكلُ في مِذوَدٍ واحدٍ آخر النّهار
ويلسعُنا باعُوضَهُ الْ يُرَبِّيهِ لكِلينا!
لكنها العصافيرُ التي وشَمَها القانونُ بمعرفتهِ
لتضحكَ منّي الطيرُ..
والدّولُ المنفتحةُ
تُشقشِقُ في قلبي
فلا أزمّرُ...
و(يصعب عليّا شنبي)
مَزْمُورِي للّهِ وحده..
أتلُوهُ... فتَتَأَتَّى الأهازيجُ بألسِنةٍ لمْ أعَلَّمْهَا
وتعقدُ السُّرحاتُ إجتماعها فوراً فوق الأماعزِ العربيّة..
فتغدو ثعابيناً من ظِلّ
وتُغريني المسالِكُ كعادتِهَا
فضميري أفهمني الآن.. ولأوّلِ مرّة..
معنى (للّهِ يا زَمْرِي)
حتى لا يتبعني الغاوون...
أرفض (الزّعربةَ)
كوني زُعرباً لا تعدّ (شتيمةً في حقّي)..
بلْ كوني بندقيّةً....
ترشُّ الغجر بارودها كصيدٍ بلا قيمة
آه..
لو تركَ الرّسامُ لوحتهُ الكئيبة بلا إطار..
ما كان من سببٍ للبحر وقتها
ما التجأت إليهِ المغامرات...
ولا كان من سندبادٍ من أصله
فقط... كان يكفيني أنْ أفردَ رِجلَيْ خارج اللوحة..
فترتاح بقيّتِي في ضِيقِهَا قلِيلاً...
وأفركُ ما بين أصابعِ قدميَّ فرك سادرٍ...
أقنعتهُ أرباعُ الحلول...
لحين مِنَ الجزْرِ..
ريثما يُرتّبُ المدُّ أوراقَهُ المستقبليّة
آه...
لو لمْ تنكسر الموجة قبل الْ ٥سم من قدمي...
لتمرّغتُ في البَلل..
وتحمَّمَتْ أحلامي وعادت قانعة
وعدّتُ مَرْضِيّاً لوحلٍ... لَوْ تتركوهُ بلا براويز!!
إييييييييه.. أيها البحر..
أرأيتَ كيفَ ضحكتُ عليك..
وداعبتُ شعركَ أفضل منْ أرنست همنغواي
فأنَمْتُك تحت فخذي كذكر الأوزّ
( و زغّطّتُكَ) ألماً جديداً..
وروايةً
وتكراراً لرهانٍ خاسرٍ
بين السيد المحترم.. وولِيِّ عهدهِ..
(اننا جميعاً ولاد تسعة)
فقد ثَبُتَ بالدّليلِ النّافي للحِيَلِ...
أنهُ ما منْ حقوقٍ للتّمر حنّة
وما عمَّرَ مِنْ مُعمَّرٍ في بلادي
غير جمّيزها .. والجُدُث
أرَأيتَ أيُّها البحرُ..
كيفَ أتمَمْتُ عليك شجونِي..
ورضيتُ لكَ الحُزنَ مثْلِي!

السيد فرج الشقوير


L’image contient peut-être : une personne ou plus, barbe, intérieur et gros plan




تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى