حاميد اليوسفي - أنا دزت*

سألت صديقا في الهاتف عن حاله مع كورونا ، فأجاب بفرح طفولي : أنا (دزت) ، الحمد لله . أي أنه أصيب بالوباء ، واستعاد عافيته ، وفرح بنجاته ، وكأنه عاد لتوه من حافة العالم السفلي .
ذكرني الجواب بحادث طريف وقع منذ زمن بعيد لطفل صغير من العائلة . اكترت الأسرة طابقا سفليا لفيلا بشاطئ سيدي بوزيد في نهاية التسعينات من القرن الماضي . ألفت أن أجلس رفقة صهري رحمه الله في الحديقة تحت سقيفة الشرفة ، نتناول القهوة ، وندخن السجائر في الهواء الطلق . وعندما نعود إلى الداخل ، ننظف المائدة ، ونفرغ المرمدة في كيس من البلاستيك ، ثم نضعها مع النفايات ، وتبقى علبتا السجائر والولاعة فوق المائدة .
حدث مرة أن وجدنا عقب نصف سيجارة من نفس الصنف يتصاعد منه الدخان ، مرميا فوق العشب في الحديقة ، وكأن أحدا رماه على غفلة خوفا من أن يُرى وهو يدخن . وقد كان الأطفال يلعبون في نفس المكان ، قبل أن يدخلوا لتناول وجبة خفيفة في المساء . استجوب صهري الأطفال كل واحد على حدة ، لكنهم أنكروا أية صلة لهم بعقب السيجارة . ثم استدعتهم زوجته لإعادة استجوابهم وشم ريح أفواههم ، وعندما جاء الدور على أصغرهم قال بثقة وعفوية ، لتربح عمته الوقت من جهة ، ويحاول تجنب تكرار الإجابة على نفس الأسئلة من جهة ثانية :
ـ أنا دزت (أعميمة) *
أي أنه سبق استنطاقه ، وخرج كمن اجتاز الامتحان بنجاح ، راضيا على الأجوبة التي قدمها . فانفجرنا بالضحك .
وبعد لحظات اكتشف الأطفال أن من رمى عقب السيجارة فتاة تدخن في الشرفة المقابلة للحديقة ، وتسكن مع أسرتها في الطابق العلوي .

المعجم :
ـ *أنا (دزت) : أي مر دوري .
ـ *(عميمة) : بتسكين العين ، تصغير لاسم عمة باللهجة المحلية .

مراكش 22 نونبر 2020


https://www.facebook.com/photo.php?...v3kJaVPqnFpegiqFiLpsZzFQl46VYlEidz4IcsPkfZ-Mk

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى