مقتطف محمود شاهين - عديقي اليهودي (7) * الأفعى العارفة !

لا أعرف لماذا أصبح هذا المكان الذي التقيت فيه يعقوب للمرة الأولى المكان المفضل له لنلتقي فيه . طرحت عليه حين اتصل بي أن نلتقي في مكان آخر، فأصرعلى المكان نفسه . أمرغريب. لم أسأله لماذا يصرعلى هذا المكان . هل تذكره حالة الضعف التي بدا عليها أمامي ، وأنا أسدد سبطانتي بندقيته إلى صدره تثيرأمرا دفينا في نفسه ؟ لا أعرف! سألني وكأنه يريد أن يتأكد مما أرمي إليه من تحليلي لنصوص سفر التكوين :

- أفهم من تحليلك لبداية نص سفر التكوين أن النص متخيل لكاتب أو انسان بدائي يجتهد لمعرفة الله بناء على هذا الخيال الفقير والمعرفة البدائية .

- صحيح فالله أو القائم بالخلق أكبر وأعظم بكثير جدا من أن يكون على هذه الصورة التي قدمها لنا الكاتب. فلا يعقل أن لا يريد الله معرفة لخلقه ، وأن يضع سر المعرفة والخلود في شجرتين . وهذا يذكرنا بجلجامش في ملحمة الخلق السومرية ( القرن السادس والعشرين قبل الميلاد) حين عثرعلى نبتة الخلود بعد عناء وجهود مضنية ، فترك النبتة على شاطئ بحيرة ونزل ليستحم ، فجاءت أفعى وسرقت النبتة ! ليعود جلجامش إلى مدينته اورك خائبا حزينا ! قصة الخلق التوراتية مبنية على قصص وأساطير الخلق القديمة في المنطقة .

- أين وصلنا في لقائنا السابق؟

- وصلنا إلى الإصحاح الثالث .

- هل في الإمكان أن نبدأ .

- بالتأكيد . في الإصحاح الثالث من سفر التكوين تبدو الأفعى ملمة بالمعرفة وتعرف الخير من الشر وتتحدث لغة ، وتعرف أسرارالشجرتين ، شجرة الحياة وشجرة معرفة الخير والشر، كما تبدو المرأة التي يفترض أنها حواء تعرف لغة أيضا . ويبدو أن كاتب النص لا يعرف أن اللغة تحتاج إلى معرفة وممارسة وتجربة في الحياة وإلا لما وقع في كل هذه التناقضات ؟
و كانت الحية احيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله فقالت للمرأة احقا قال الله لا تاكلا من كل شجر الجنة 1/3

الكنسيون يعتبرون الأفعى شيطانا متنكرا في أفعى ، ولا نحبذ هذا التفسير ، خاصة وأنه لم يمر ذكر لخلق شيطان .
3: 2 فقالت المراة للحية من ثمر شجر الجنة ناكل
3: 3 و أما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الله لا تاكلا منه و لا تمساه لئلا تموتا

( وهاهي المرأة تعرف لغة أيضا )
3: 4 فقالت الحية للمراة لن تموتا
3: 5 بل الله عالم انه يوم تاكلان منه تنفتح اعينكما و تكونان كالله عارفين الخير والشر
تبدو معرفة الحية فوق عادية، وتدرك أسرار شجرة المعرفة، دون أن يعلمها الله ذلك ، بل وتدرك أن معرفة الإنسان ستكون كمعرفة الله ، الذي لم يكن يرغب في المعرفة والخلود للإنسان الذي خلقه ، وهذا ما لا يتقبله عقل أحد .أما لماذا كانت الأفعى حريصة على أن يحصل الإنسان على المعرفة ، بحيث بدت أرأف بالإنسان من الله . فهذا ما لا يعرفه كاتب النص !!
أكلت المرأة وأعطت رجلها أيضا فأكل فانفتحت أعينهما 5/3
فرات المراة ان الشجرة جيدة للاكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهية للنظر فاخذت من ثمرها وأ كلت واعطت رجلها ايضا معها فاكل 6/3

3: 7 فانفتحت اعينهما وعلما انهما عريانان فخاطا اوراق تين وصنعا لانفسهما مازر
لم يخبرنا الكاتب كيف خاطا وبماذا ، فلم يصنعا الخيوط والإبر بعد!

و سمعا صوت الرب الاله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار فاختبا ادم وامراته من وجه الرب الاله في وسط شجر الجنة8/3

الرب يمشي ويحدث صوتا لا نعرف ما هو . وبالتأكيد يمشي على قدمين طالما أن صورته على صورة الإنسان. وسنرى أن الرب لم يكن قادرا على معرفة الشجرة التي اختبأ خلفها آدم وامرأته إلا بعد أن نادى آدم :

3: 9 فنادى الرب الاله ادم و قال له اين انت ؟
كما أنه لم يكن قادرا على أن يعلم أن آدم وامرأته أكلا من ثمر الشجرة .
3: 10 فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لاني عريان فاختبات
3: 11 فقال من اعلمك انك عريان هل اكلت من الشجرة التي اوصيتك ان لا تاكل منها
3: 12 فقال ادم المراة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فاكلت

واضح أن آدم لم يعرف الكذب بعد أوأنه لا يريد أن يكذ ب !
بعد هذا التحقيق الإلهي كان لا بد من العقاب على ما بدا أنه جريمة ومخالفة للقانون الإلهي ( العجيب ) الذي لا يمكن أن يكون من نتاج عقل إلهي !
فقال الرب الاله للحية لانك فعلت هذا ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية على بطنك تسعين و ترابا تاكلين كل ايام حياتك 14/3
3: 15 واضع عداوة بينك و بين المراة و بين نسلك و نسلها هو يسحق راسك و انت تسحقين عقبه

لم يتحقق القدر الإلهي هذا حتى اليوم! فهناك مئات الأنواع من الأفاعي وبالملايين ، ولم تسحق أعقاب أحد! ولم يسحق رؤوسها أحد إلا من يصلح جلدها للصناعة ، أو تصلح هي للأكل !

من الملاحظ أن الله يتحدث عن أفعى وليس عن شيطان كما يرى الآباء الكنسيون ، فكيف يمكن للشيطان أن يسعى على بطنه ويأكل ترابا ويمكن للإنسان أن يسحق رأسه ؟ وسنتجاهل اللغة التي يعرفها آدم وحواء والأفعى ولا نعرف كيف تعلموها ومتى ؟
و قال للمراة تكثيرا اكثر اتعاب حبلك بالوجع تلدين اولادا و الى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك 16/3

وهل كانت المرأة ستلد دون ألم لولا أكل هذه الثمرة المشؤومة ؟ ثم ماذنب نساء البشرية على مدى الحياة أن يتحملن خطيئة حواء ؟ وهل صحيح أن السيادة للرجل هي نتيجة لهذه الخطيئة أم أنها نتيجة الهيمنة الذكورية ! وهي ليست سائدة لدى جميع البشر.

و قال لادم لانك سمعت لقول امراتك واكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تاكل منها ملعونة الارض بسببك بالتعب تاكل منها كل ايام حياتك 17/3

حتى الأرض البائسة لم تسلم ونالها العقاب الإلهي .. هل كان عليها أن تمنع آدم والمرأة من الأكل؟

و شوكا و حسكا تنبت لك و تاكل عشب الحقل 18/3
وهذا قدر لم يتحقق أيضا !

بعرق وجهك تاكل خبزا حتى تعود الى الارض التي اخذت منها لانك تراب و الى تراب تعود 19/3
لم نرآدم مطرودا ( حتى الآن ) من الأرض التي يفترض أنها جنة شرق عدن . مسألة الطرد تأتي لا حقا وليس من السماء إلى الأرض كما هو سائد . بل من أرض إلى أرض ، أو من مكان في الأرض إلى مكان آخر غير بعيد .

و دعا ادم اسم امراته حواء لانها ام كل حي 20/3
اخيرا سميت المرأة حواء ، مع أن آدم أطلق أسماء على الحيوانات فهل ترك المرأة دون اسم حتى حينه؟

3: 21 و صنع الرب الاله لادم و امراته اقمصة من جلد و البسهما

الرب يصنع صناعة ولم يعد يعمل بفعل الأمر . وبالتأكيد صنع إبرا وخيطان على طريقته ، ولا نعرف كيف حصل على الجلد ومتى ذبح مواش؟!

و قال الرب الاله هوذا الانسان قد صار كواحد منا عارفا الخير والشر والان لعله يمد يده و ياخذ من شجرة الحياة ايضا و ياكل ويحيا الى الابد22/3

غريب أن تكون المعرفة التي حصل عليها المغضوب عليهما آدم وحواء تضاهي المعرفة الإلهية بحيث أصبح بإمكانهما معرفة الخيروالشر. المؤسف أن الإنسان ما زال يتخبط في معرفة الخير من الشر! والنص يشير إلى آلهة وليس إلها واحدا ( صار كواحد منا )

والأغرب أنه لم يكن يريد لهما حياة أبدية ، والحياة الأبدية متعلقة أيضا بالأكل من شجرة الحياة . لتصبح المعرفة والخلود مرتبطين بثمر شجرتين . كم هو سهل الحصول على المعرفة والخلود عند الله لولا المنع !

3: 23 فاخرجه الرب الاله من جنة عدن ليعمل الارض التي اخذ منها
هذا النص يشير إلى أن آدم خلق في أرض ثم أخذ إلى جنة ثم أعاده الله إلى الأرض التي خلق فيها بعد الخطيئة.( التي أخذ منها ) وبغض النظر عن عدم ذكرالأخذ في النص من قبل ، إلا أنه لا يشير إلى رفع آدم إلى جنة في السماء ، وحتى إخراجه لا يشير إلى انزال من السماء إلى الأرض. وهذا ما يتأكد لاحقا .

فطرد الانسان واقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة24/3

الغريب أن الكروبيم حسب التفسير الكنسي ملائكة يختصون بتسبيح الله وحراسة جنته . فلماذا يحتاج الله إلى سيف لاهب يحرس الطريق إلى شجرة الحياة ؟ ويبدوالأمر أكثر غرابة حين نعرف أنه ليس هناك سوى آدم وحواء، اللذين طردا إلى الأرض شرقي جنة عدن، ويتخوف الله من أن يتسللا إلى الشجرة ويأكلا من ثمرها .. وهذا يعني من ناحية ثانية أن الأرض ليست بعيدة وأن الجنة ليست في السماء كما أسلفنا ، فهل يستطيع آدم وحواء أن يصعدا إلى السماء ليأكلا من ثمرالشجرة ؟ فكيف تشكل وعي مغلوط لدى الناس أن الجنة في السماء ، مع أن النص لا يشير إلى ذلك على الإطلاق .

راح يعقوب يضحك . فيما رحت أحشو البايب وأشعله لآخذ قسطا من الراحة .

*****

- يبدو أنك ستنسف كل ما حواه عقلي عن التوراة يا عارف !

- ليست المسألة مسألة نسف بقدر ما هي معرفة حقائق وفهم للوجود وللتاريخ ونصوصه .

- وماذا بعد ؟

- سأحدثك عن يهوة اللاحم وزارع الفتن كما صوره الكاتب، في ما هو قادم ! بعد أن عرفتك على يهوه الذي لا يعرف أن المعرفة تكتسب بالجهد الإنساني، ولا يمكن أن يوضع سرها في شجره ، وأن البشرية لم تتوصل حتى اليوم إلى المعرفة المطلقة التي لا يوجد بعدها معرفة ، بما في ذلك معرفة الخالق أو الله أو القائم بالخلق نفسه . وأن آدم وحواء المزعومين لم يوجدا ولم يورثا أية معرفة للبشرية ، كما أن يهوه هذا لم يوجد يوما إلا في مخيلة بدائية لا علاقة لها بالمعرفة ، وإن سجلنا لها محاولة الإجتهاد حسب ثقافة عصرها.

في الإصحاح الرابع من سفر التكوين يعرف آدم حواء ( أي يضاجعها ) فتحبل وتلد قايين ( قابيل ) ثم تلد أخاه هابيل ( دون الإشارة إلى الحبل ) وبعد الولادة مباشرة يصبح هابيل" راعي أغنام" ويصبح قايين "عاملا في الأرض " أي في الزراعة . وهكذا يتجاوز كتبة التوراة مليارات العصورالمديدة على بدء الخلق إلى عصر تدجين المواشي واكتشاف الزراعة ، اللذين جاءا في عصور لاحقة بعيدة عن عصر الخلق البدئي بمليارات السنين. وقد سبق وأن أشرنا إلى أن عصور التوراة من خلق آدم وحتى اليوم ، لا تتجاوز بضعة آلاف من الأعوام . وأثبت العلم أن خلق الإنسان البدائي قد تم من ملايين السنين قد تصل إلى ستة ملايين .


لم تمر سوى أيام على عملهما حتى قاما بتقديم قربانين إلى الله
3 وحدث من بعد أيام أن قايين قدم من أثمار الأرض قربانا للرب
4 وقدم هابيل أيضا من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه
5 ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر. فاغتاظ قايين جدا وسقط وجهه
لا نعرف لماذا يحتاج الله إلى قرابين ، وكيف عرف قابيل وهابيل ذلك . غير أن التفكير في النص قد يقودنا إلى أن الله أشبه بالإنسان وأنه يحتاج إلى طعام وشراب بل ومن يخدمه كما في العبادات القديمة ، فقد خلقت الآلهة الإنسان ليخدمها ويعمل بدلا عنها ، لتظل هي في راحة أبدية . وتقبل الله لقربان هابيل من أبكار غنمه ، يشير إلى أن الله يحب اللحم ويفضله على الفواكه والخضار، خاصة وأن البكر هو المولود الأول للشاة ، ويكون فتيا وصغيرا ولحمه طري كالحلقوم! وليس هناك أي غرابة في الأمر يا يعقوب ، بأن يفضله الله على الخضار والفواكه ، فلحمه أشهى وأطيب ، ولو كنت أنا أو أنت بدلا منه لفعلنا الأمر نفسه ، وجعلنا هابيل يشوي لنا هذا البكرإن كان خروفا أو جديا ، إذا كان قد اكتشف النار وعرف الطهي والشواء !

- ألست معي يا يعقوب ؟

- بل معك تماما وسأطلب من قابيل أن يأتينا بجرّة خمر من عنب كرمه! فالشواء لا يطيب إلا بالخمر!

- لكن ثمة خطأ ارتكبه الله ربما لم يدركه المؤلف، هل تعرف ما هو يا عديقي السلود !!

- للأسف لا أعرف !

- فكر يا رجل ! فكر بتقدمة قابيل من الفواكه والخضار!

- ليذهب هو وفواكهه وخضاره إلى الجحيم !

- أنت لاحم مثل يهوه يا يعقوب ولعلك تكون بدويا ولا تحب إلا الشواء ، هل هكذا تفعل بمن أكرمك من أفضل ثمارأرضه ؟

- ماذا سأفعل به إذن ؟

- تتقبل تقدمته أيضا وتشكره عليها حتى لا تزرع الفتنة والعداوة بين الأخوين ! حتى لو لم تكن تحتاج إلى تفاحة أو بضع حبات من العنب بعد أن تفرغ من الشواء. ثم ألا تحتاج شرحة بندورة وقطعة خيار وورقة خس لتطرّي الشواء الذي ستأكله ؟

- الحق معك، فيهوة ارتكب اثما فظيعا!

- هكذا يريد الكاتب البائس يا يعقوب . فالكاتب بدوي يحب الشواء والإله الذي تخيله ، كان بدويا على شاكلته ، حتى أنه جرده من إنسانيته، فما بالك بألوهيته ، ولم يسأل نفسه عمّا إذا يمكن أن يكون الإله هكذا .

إذن نحن أمام إله انسان ولسنا أمام إله منزه عن الوجود والمادة ، بدليل أنه يأكل ويشرب وينظر ويقبل ويرفض ويجبل بيديه ويخاطب مباشرة ويمشي ويبحث ويعاقب ويكره ويحب ويسأل كما مرمعنا فيما سبق . وليس هناك ما يشير إلى ذات منزهة كأن يسمع آدم صوتا أوهاتفا من السماء أو وحيا ما يوحى إليه . كما أن صراع الله مع يعقوب فيما بعد يؤكد شخصانية هذا الإله ، وهذا ما تجسد في شخص يسوع المسيح فيما بعد . غير أن المسيح شكل نقلة نوعية بان ضحى هو بنفسه من أجل البشرية ، محييا طقسا سومريا قديما كان الناس يضحون فيه بالإله صيفا ليعود إلى الحياة في الربيع .وهذا يتكرر بشكل آخر مع الربة إنانا أو عشتار بعد هبوطها إلى العالم الأسفل وموتها فيه ، وعودتها إلى الحياة مضحية بزوجها دوموزي لتضعه مكانها في العالم الأسفل . عالم الأموات .
وقصة دوموزي مع أخيه " إنكيمدو " هي القصة نفسها التي تظهر هنا في التوراة في شخصي قايين وهابيل . فدوموزي إله راع تقدم لخطبة إنانا إلهة الحب والخصب لدى السومريين ، ونافسه في ذلك الإله المزارع انكمدو، حيث تقدم كل منهما بقربان للآلهة إنانا من منتجاته ، فقبلت إنانا تقدمة دوموزي الراعي وتزوجته ولم تنظر إلى تقدمة انكمدو المزارع.

وكانت المجتمعات البشرية قد بدأت تتحول شيئا فشيئا من سيادة الأنثى إلى سيادة الذكر ، لتنشأ الآلهة الذكورية وتسيطر ، وقد تجلى ذلك في الديانة اليهودية حيث سادت الألوهة الذكورية بالمطلق ، لتشمل المعتقدات اللاحقة جميعها،ولم يعد للآلهة المؤنثة أي وجود.


وهكذا تناقلت قصص الخلق من جيل إلى جيل ومن شعب إلى شعب ومن أمة إلى أمة أخرى لتظهر فيما بعد بقليل من الإختلاف والتطوير.
يمتلىء قلب قايين بالحقد على أخيه هابيل ، فيقوم بقتله في الحقل دون علم من الله ، الذي لا يعرف أنه قتل أخاه ، فهو يسأله عن أخيه حين يواجهه ، ويحاول قايين إخفاء الأمر:

8 وكلم قايين هابيل أخاه. وحدث إذ كانا في الحقل أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله
9 فقال الرب لقايين: أين هابيل أخوك ؟ فقال: لا أعلم أحارس أنا لأخي
10فقال: ماذا فعلت ؟ صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرض

11 فالآن ملعون أنت من الأرض التي فتحت فاها لتقبل دم أخيك من يدك

12 متى عملت الأرض لا تعود تعطيك قوتها. تائها وهاربا تكون في الأرض

لم يدرك يهوه دوره في الفتنة . فحمل الذنب كله لقابيل.

13 فقال قايين للرب: ذنبي أعظم من أن يحتمل

ولم يدرك هذا الأخير ذنبه إلا بعد أن قتل أخاه.

14 إنك قد طردتني اليوم عن وجه الأرض، ومن وجهك أختفي وأكون تائها وهاربا في الأرض، فيكون كل من وجدني يقتلني

يبيح قايين دم نفسه ! غير أن يهوه يحميه وينتقم له بما هو غير معقول لكل من يقتله:

15 فقال له الرب: لذلك كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه. وجعل الرب لقايين علامة لكي لا يقتله كل من وجده

وهكذا يصبح دم قايين بسبعة أضعاف ويبدو أنه يقصد أن يقتل سبعة من أقرب الناس إلى قاتله!

16 فخرج قايين من لدن الرب، وسكن في أرض نود شرقي عدن

عجيب شرق عدن هذا كم هو محير، وصار فيه أرض أخرى هي أرض نود!

17 وعرف قايين امرأته فحبلت وولدت حنوك. وكان يبني مدينة، فدعا اسم المدينة كاسم ابنه حنوك

لا نعرف من أين جاء قايين بامرأة ومتى تزوج .فالأسرة ما تزال محدودة ومعروفة وليس هناك غير حواء كأنثى فيها . ثلاثة أشخاص بعد مقتل هابيل . وقايين هارب، والطريف ، أن يبني مدينة لأسرة لا يزيد أفرادها عن ثلاثة! ولا نعرف كيف سيبنيها ومن ماذا . يبدو أن الحضارة بدأت تأتي إلى أسرة آدم بسرعات هائلة!

18 وولد لحنوك عيراد. وعيراد ولد محويائيل. ومحويائيل ولد متوشائيل. ومتوشائيل ولد لامك

بدأت السرعة تجتاح التكاثر أيضا. فالمدينة الخرافية تحتاج إلى من يسكنها.

19 واتخذ لامك لنفسه امرأتين: اسم الواحدة عادة، واسم الأخرى صلة

20 فولدت عادة يابال الذي كان أبا لساكني الخيام ورعاة المواشي

أصبحنا أمام قبائل . لن تتسع المدينة .

21 واسم أخيه يوبال الذي كان أبا لكل ضارب بالعود والمزمار

وأصبح هناك فنانون وآلات موسيقية .. وتكاثر غير محدود في الأسطر اللاحقة.. حتى آدم وحواء أنجبا من جديد أيضا .. لنصبح أمام أمة خلال فترة وجيزة .. وهذه الأمة تقيم شرقي عدن الأسطورية ؟

ما رأيك يا يعقوب . هل نكتفي لهذا اليوم .

- أكيد. لقد أتعبتك ..

********

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى