محمد مزيد - عسل.. قصة قصيرة

"ضيّعت الطريق ، أليس كذلك؟".. هكذا قالت زوجتي وهي تسير خلفي وسط الغابة الكثيفة، وأنا ممسك بيّد صغيرتي، أحمل على ظهري حقيبة المتاع والملابس الشتوية . " توقفي عن الكلام أرجوك ، دعيني أركز " . أزداد الظلام والضباب كثافة، غربت الشمس خلف التلال قبل نصف ساعة، وأمسى من الصعب علينا إيجاد مخرج للمشكلة التي وقعنا فيها، لاسيما وأن الشباب المهاجرين مثلنا أبتعدوا عنا بمسافة لايمكننا أجتيازها بسهولة، كانوا يسبقوننا بخطوات سريعة ونحن نسير بهديهم بإتجاه مقدونيا، أما وإنهم قد أختفوا عن أنظارنا، صار من الصعب أن نجد الحلول العاجلة لتيهنا .
لاح لي ضوء شحيح ، أظنه يبتعد نصف كيلومتر ، ينبثق من كوخ يربض على سلسلة تلال ، لجأ قلبي الى هذا الضوء ، وعقلي يخبرني بأن وضعنا سيتعّقد كثيرا إن لم نجد مكانا ننزوي فيه حتى الصباح درءا من مجاهيل وغموض الغابة وظلامها المدمر وما تحتوي من حيوانات قد تكون مفترسة .
غذذنا السير بإتجاه الضوء الشحيح ، طلبت من زوجتي أن تسرع بخطواتها، وأنا أعلم أن قواها ما عادت تساعدها على المضي أكثر ، أمضينا نصف ساعة حتى وصلنا الى طريق آخذ بالإرتفاع ، حيث يقع في اعلاه الكوخ الصغير ، كان أشد ما أرعبني هو نباح الكلاب، فلا أملك اللياقة من الهرب أمامها إن باغتتنا ولاسيما بيدي أبنتي التي أخاف عليها أكثر من روحي .
أطلق أحدهم ضوء مصباحه اليدوي وهو يقف بالقرب من باب الكوخ ، وعلى ما يبدو، بإشارة منه ، هدأت الكلاب من النباح .. أقتربنا من صاحب المصباح ، وجدناه رجلا كبيرا يقف مبتسما كأنه ينتظرنا ، أبتسامته أشاعة الدفء في نفسي ، ألقيت عليه السلام فلم يرد ، طبطب على كتفي وهو يبتسم وانتظرنا لحوق زوجتي التي كانت تجر بنفسها بصعوبة وهي تصعد التلة حيث وقفنا .
سبقنا الرجل الى مدخل كوخه، ورحب بنا بعبارات لم نكن نفهم معناها ، يضيئه مصباح علق في الوسط ، وثمة امرأة بيضاء تبدو في الاربعين تجلس على اريكة ، ما إن دخلنا ، حتى أعتدلت بجلستها، ثم نهضت لاستقبالنا بابتسامة جميلة ، ترتدي المرأة ثوبا أحمر شفافا وعليه لصقت ورود سود ، كان يبرز مفاتن جسدها البض، ولما وقفت ترحب بنا لاحظت طولها الاهيف ، كانت أطول من زوجها كبير السن تبتسم مثله وتطلق كلمات الترحيب، او هكذا ظننا ، ولكننا بعد دقائق ، أستعنا عبر مترجم الغوغل في الموبايل لترميم الشرخ اللفظي بيننا. أستطعت أن أعبر لهما عن تيهنا وضياعنا وسط الغابة وسعادتنا بترحيبهم ، فقال الرجل يمكنكم قضاء هذه الليلة هنا حتى الصباح مقابل خمسين يورو . بعد ساعة تم إعداد عشاء بسيط لذيذ ، شرائح من اللحم المقدد وحساء لونه أصفر وقطعا من الخبز ، همست زوجتي بإذني قائلة بإنها لاتستطيع تناول اللحم لانها لاتعرف مصدره، وأكتف بالحساء والخبز على العكس من صغيرتي التي ألتهمت الطعام بشهية .
كنت أتجنب النظر الى وجه المرأة الأبيض مثل الثلج ، عيناها كبيرتان عسليتان، يكشف ثوبها عن نصف صدرها ، وبعد العشاء قدم لنا الرجل شايا ووضعه فوق منضدة صغيرة مصنوعة من خشب الغابة، ثم قدم لي سيجارة لم أستطع جر نفسا واحدا منها . لا تستطيع زوجتي أن ترفع نظرها عني ، فقد أكتشفت انني مولع تماما بطريقة جلوس المرأة حيث تكشف نصف فخذيها ، همست بعد تناول الشاي " متى ستكف النظر الى المرأة ؟ " أبتسمت لها وأنا أغلي من تلك الغيرة العمياء ، كانت حركات المرأة فيها دعوى فاضحة لكشف مفاتنها، فهي عندما تتجه الى المطبخ، تضع يديها في جيبي ثوبها لتحصره على مؤخرتها الكبيرة، وهي تتمايل ، ثمة نظرات لا أفهم معناها تسلطها المرأة الى زوجها ومن ثم الّي ، كنت أجلس قبالة المطبخ فاتحا قدمي بالبنطلون الجينز الذي أخذ يضايق أعضائي، كانت المرأة تسترق نظراتها باتجاهي بين حين وآخر . نهضت زوجتي الى المطبخ وبدأت تساعدها في تنظيف الأطباق فيما نامت صغيرتي على الأريكة بعد العشاء مباشرة .
بعد تنظيف الأطباق، غفى الرجل في مكانه على كرسي هزاز، وبين أصابعه سيجارة مشتعلة فأخذتها وأطفأتها ، جلست زوجتي بجانبي وهمست " هذا الرجل نام " قلت " يبدو متعبا من نهاره " .
فرشت لنا المرأة فراشا وسط الصالة ووضعت وسادتين وبطانيتين، ثم غطت صغيرتي بآخرى وأيقظت زوجها المتعب، سار الى غرفته بخطوات ثقيلة .. بعد ساعة أستسلمت زوجتي الى النوم، وبقيت مستيقظا وأنا مستلقٍ على ظهري أنظر الى سقف الكوخ المكون من إعمدة الاشجار . بعد قليل خرجت المرأة من غرفتها ووجدتني مستيقظا ، ذهبت الى الحمام، ولما خرجت منه أبصرتني أراقبها ، كانت ترتدي منامة حريرية ، أتجهت الى كرسي بجانب الحمام فجلست تبحث عن شيء ما تحته فظهر من الخلف بياض ظهرها وبداية فتحة المؤخرة، فاشتعلت الهسهسة في مساماتي، بياضها يشبه الحليب ، كنت موقنا أن المراة الشابة ستقوم بعمل من هذا لتكشف بها مفاتنها الخلابة ، أحسست في الاثناء أن نحلة كانت تحوم في أجواء الكوخ ، سمعت طنينها بالقرب مني ، فكرت بملكة النحل التي تضاجع الذكر مرة واحدة وتقتله ، لا أدري لم تصورت أن المرأة هي الملكة ، وضعت البطانية على وجهي وحاولت النوم بعيدا عن صراخ الهسهسة المتصاعدة، لكن طنين النحلة مازال يدوي .. فجأة ، أحسست بقدمي تضرب ، كشفت الغطاء عن وجهي فوجدت المرأة تقف عند قدمي ترتب منامتها وترفعها الى الاعلى ، قلت في نفسي، يجب أن أنام وأحلم بها أفضل من خوض مغامرة بائسة مع الملكة ، غطيت وجهي مرة ثانية ونمت ، غير أن طنين الملكة مازال يدوي وشخير امرأتي كان أكثر دويا، حتى ظننت انه وصل الى إنحاء الغابة، ليشرخ صمتها وهدوئها ، تمددت الملكة بجانبي وأعطتني ظهرها ، فبادرت وأعطيت ظهري لزوجتي وأنا في كامل الاضطراب.
في الصباح ، شكرت الرجل ونقدته مبلغ الخمسين يورو، أخذها مني وأعطاها الى المرأة التي كانت تقف بمنامتها وبيدها قارورة من العسل سلمتها لي ، كان يبدو الأنشراح والدعة على وجه المرأة.
ودعناهما وغادرنا الكوخ، نسير بخطى سريعة ، غير أن طنين الملكة مازال يدوي في أذنّي وكان ثمة آثار أحتقان واضحا بين ساقي.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى