السيد العديسي - كأي صعيدي، لا أستطيع قول "أحبك"

كأي صعيدي،
لا أستطيع قول "أحبك"
وكلما قررت القفز على التقاليد لأقولها
خرجت: كيف حالك؟
فاعذريني لأنني "كيف حالك جدا"
نحن أبناء الفلاحين
نمشي بعيون سوداء
من كثرة ما نظرنا إلى الأرض
لو أننا نظرنا إلى السماء
-فقط بضع دقائق-
لصارت عيوننا زرقاء
ولمات العالم من الجوع.
ذات مرة
ستعلمك أمي
كيف تختارين الوقت المناسب لتضعي الخبز،
قبل أن تهدأ نار فرننا الطيني.
سينكفئ منك، ويحترق
حينها ستضيق بك غرفتك
وتحزنين
بينما امي في بهو الدار
تجمع جيرانها
لتحكي لهم عن فوائد الخبز المحترق.
حتى أمي لم تمنحني الفرصة أبدا
كي أبدو مهذبا
كلما صحوت مبكرا
_ لتقبيل يدها_
خبأتها في "العجين".
لم نرسل أية رسائل لأحد
ورغم ذلك
نضيع دائما أعمارنا
في انتظار الرد.
أنا مزارع فاشل
ودائما ما أنسى شيئًا يتسبب في كارثة
مثلاً
لم أحول مجرى المياه في الوقت المناسب
فأغرقت محصول القمح
أشعلت النار لأخيف الفئران
فكادت تلتهم ما زرع الجيران
وكثيرًا ما ينبهني الصبية
لألتقط فأسي من الطريق
هل سمع أحد عن فلاح ينسى أين وضع بقراته؟
يا حبيبتي أنا مزارع فاشل
وسيئ الحظ
لكن صدقيني..
كان باستطاعتي أن أكون ماهرا
لو لم يخلق الله بيتكم بجوار الحقل.
وحدها نوافذ القطارات
من يدرك معنى الوداع
أينما ذهبت
تعلق بها أيادي الملوحين
وحدها،
تعصم الوديان من الغرق
بدموع المسافرين..
مسكينة النوافذ ما ان تأنس لوطن
يبليها السفر بفراق جديد..
مسكينة
تموت في كل المحطات.

سيد العديسي
مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى