أمل الكردفاني - وهم الهوية الأفريقية

ما هو مفهوم الهوية؟
هل هي سمات مشتركة انثروبولجية أو ثقافية؟
الإشكالية لا تكمن في أن ذلك لا يفضي لتناقضات فقط، بل تكمن في أن هناك مجموعات داخل القارة الافريقية، لا تفهم ما هي الهوية الافريقية، فلا توجد في الواقع هوية أفريقية لا عرقية ولا ثقافية تستطيع ان تحتكر الأفريقانية كهوية، فالأبيض في جنوب افريقيا هو افريقي بحكم الانتماء الجغرافي، والاسود في فرنسا هو اوروبي رغم لونه الاسود. ورغم ذلك فالجغرافيا لا تصلح كمعيار هوياتي، لسبب بسيط وبديهي وهو انها ليست لصيقة بالشخصية، فالشخصية متحركة والارض ثابتة. يستطيع الأسود أن يهاجر لألمانيا أو سويسرا، ويحتمي بجنسية اوروبية او روسية او برازيلية. وبالتالي فلا سبيل لاعتبار الجغرافيا مسألة حاسمة في تحديد ميزة محايثة (لا يمكنها أن تنفصل عن الشخصية). مع ذلك فلا زال دعاة الافريقانية يتحولون لنازيين جدد، بالرغم من أن افريقيا لا يمكن ان تحتكرها ثقافة معينة.
وإذا كان هناك نزعة لرفض الهوية العربية، فهذا عدوان على ثقافة افريقية في الواقع، فالثقافة العربية من الصومال شرقاً وحتى المغرب غرباً لها وجودها التاريخي الراسخ في القارة الأفريقية، إلى جانب الامازيغية والاثيوبية والفرانكفونية في السودان الفرنسي، او الإنجلوسكسونية في دول خضعت للاستعمار البريطاني لعقود طويلة.
فما الفرق بين العربية وبقية الثقافات المتواجدة في أفريقيا؟ لا يوجد فرق. فهي على المستوى الإحصائي ثقافة لها عدد لا يستهان به. ومن حيث الاستغراق والوحدة الجغرافية أيضا قوية وممتدة كقبعة تغطي الراس الافريقي أقصى الشمال.
لذلك فالحديث عن توازي بين العربية كثقافة، والأفريقانية هو استيهام لا مبرر له، إذ أن الأفريقيانية ليست سوى ظرف مكاني فقط. اما كثقافة فلا توجد ثقافة افريقية مستحوذة بحيث تملك احتكاراً شرعيا للانتماء لافريقيا كجغرافيا. هناك مجموعات افريقية كثيرة ومتباينة تتجاور مع العربية كثقافات أخرى.
هناك استغلال سياسي، لمسألة شيطنة الثقافة العربية، حتى في دول آسيوية كسوريا ولبنان والعراق، وفي أفريقيا كالسودان والجزائر، إذ يتم التحريض المستمر لاستدعاء الثقافات الأخرى لتعمل على نفي الحق في الوجود داخل الدول، بل وداخل القارات. وهي نزعة يدعمها الغرب باستمرار مستخدماً النعرات الجاهلة، عبر استدعاء قصص من التاريخ، او يدفع نحو تحييد العرب لكي يتحللوا من شعورهم بذاتيتهم تجاه الثقافات الاخرى، وهذا عمل غير صالح.
ما اراه هو عدم عدالة التوجه الإقصائي لأي ثقافة او العدوان عليها. وان لا تنطلي هذه الخدع على سكان القارة الافريقية في عصر العولمة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى