عبدالله راجي السيد - حكايتي مع بنات حواء..

في جلستنا حيث لا حدود لأي شئ، حيث يتعدد الإنسان من فيلسوف إلى حكواتي.

في جلستنا حيث يحق لك السؤال عن أي شيء، ويأتيك جواب صريح عن كل شيء أو كما وصفها صديقٌ صدوق لي حين قال “إنها غرفة اعترافات خارج جدران الكنيسه قسيسها منتصف الليل“.

ذات يوم وعلى غير عادتها كانت الجلسة مختلفه لا طعم لها ولا ريحة كأنّ الروح غادرتها، أي نعم، لقد غاب قومها وحل محلهم قومُ آخرون، كنت الوحيد بينهم من أهلها السابقين، ربما لهذا شعرت بالغربه أو لأن الحديث لم يكن كالمعتاد.
في هذا الجو الغربب حدث ما لم يكن في الحسبان.
سألني احدهم بفضول، بغباء، بقصد، بجهل أو ربما من باب حب الاستطلاع فقط

–كم من بنات حواء مرت عليك في السنة المنقضية وتركت في نفسك شيء منها؟
أجبته وفي خاطري كنت أستحضر كل الوجوه، والصور، والمواقف:
– “الكثير الكثير .. والكثير في عُرفي ليس بقليل”.
كأن الكلام سقط عليه كصاروخ توقف آخرٌ عن صُنع القهوة هو يسألني باستنكار وهو في حالة استغرابٍ تام،
-هل يتعدد الحب ..؟؟!! أليس الحب للحبيب الأول..؟؟!! كيف يستطيع قلبك تحمل كل هذا…؟!

في حين كان يلقي علي أسئلته كخطبة عصماء كنت اُحدث نفسي قائلاً “هل علي أن أجيب عن كل هذه الأسئلة؟ وهل من حقه أن يسألني … ولماذا علي أن أجيبه؟ وكيف…؟!
لكن اصراره وقوة أسئلته لم تتحلي مجالاً واسعاً للتفكير وبدون اقنتاع بجدوى ما أقوم به أجبته:

-“الحب في حياتي يا حبيب مثل حال المطر مع الأرض… يطيل الغياب ويأتي فجأة بدون مقدمات .. وفي أول لحظه، كلحظة لقاء أول قطرة مطر بتراب الأرض يعانق بحراره ويقبل، يعبر عن شوقه عن فرحه عن آسفه عن حالته وأيامه .. ماذا فعل وما لم يفعل .. يعبر عن وحشةٍ عانى منها بوحدته في غيابه الطويل، ويبدأ يسألني بدوره عن كل شيء.. ثم يرحل بعد مُكوث قصير أو ربما كانت تبدو للعاشق هكذا.. يترك جراحاً وآلاماً … أحلاما تحطمت وامالا تهدمت ثم ينسى كما يُنسى كل محبوبٍ مات وراح الي ربه ولا تُنتطر عودته ليس لشئ إلا أن غيره جاء في حين غفلة وفعل فعله المعتاد، ذاك الفعل جعل من المحال التفكير في من سبقه واستقر منتظرا موعد رحيله غير المحدد“.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى