محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - من سيكتب بالإنابة عنا؟

من سيكتب
بالإنابة عنا
حين تتسخ الأيادي ، بضيق المفردات ، بوحل الغياب
بلعاب الاحلام الشريرة
بألسِنة الكلمات المحرمة
بشرائح صغيرة من الشتاء الجاف ، بأعشاش للافاعي ، بكل الأشياء التي تُرهق ذاكرة الليل والأوراق
من سيمدنا بمٌخيمات مُضادة للوقت
حين ننزح بعيداً عن أنفسنا
و حين نحفر بأظافرنا سراديب لنعبر نحو أنفسنا
فلا نجد
سوى الفراغ
من سيُعلمنا السير ، حين نُولد بين نهود الحبيبات
أطفالا مُسنين ، و رجالا صغار ، أنثوات ذوات لحية ، رجالا أصحاب ذاكرة رحيمة
ومن سيُدير دفة الشمس نحونا حين يسقط الظل من شرفة الركض وينكسر
وينزفنا خطى غاضبة
نحن الناجين من الحربِ ، أو الحب أو الناجين من قصف الشارع للعابرين
بكل أزقة الإنتحار
نحن النائمين في مُخيلةِ الخمر ، نُصلي للماء ونتوضأ باللغةِ المجروحة في قدرتها على رتق ليالي الشعراء
الشعراء أيضاً يقتلون ، ويُقتلون
يقتلون الذاكرة لينجبوا قصيدة
يقتلون الزهور ، ليستخلصوا من الفراشات عطر الإندهاش
يقتلون الحطابين
لا ليثأروا للاشجار
بل نكاية بالمراكب التي تُزعج صلوات البحر
يقتلون الكثير من الأشياء
ثم يسبون " اللا شيء " ويتذمرون من خطواته المُزعجة
نحن الناجين من غزوات المغول ، من محرقة نيرون ، من تكشيرة حماة الصليب ، من جنون الكنيسة ، وسياط الحجاج ، قذف شوبنهاور للجيوش الإيطالية ، الطائرات الألمانية ، الهولكست رغم أننا تهودنا في الطريق نحو غابات الأوزون
نحن الناجين من كل تلك المحارق
ننفق يومياً
في مذابح اللغة
من صمت الحبيبة ، و من ثرثرة الكأس
ننفق يومياً
نموت يومياً
وتوقظنا القُبلات الخجولة ، التي تنفثها الذاكرة في كل احتضار
من سيُدفن بالإنابة عنا
حين نعتذر عن حضور جنائزنا ، وحين نُقاضي الموت ، لأنه
" غشنا بتابوت مُزور الأخشاب "
أو لأنه تأخر عن موعده ، أو لأنه جاء في حفله الرسمي عارياً جداً
من سيُحاسب بالإنابة عنا
حين نقفز عن السراط
ونختار الإنتحار بدلاً عن الخلود في ذاكرة ما
" تحمل كل الاحتمالات المتناقضة وتضعها على الطاولة "
#عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى