محمد عباس محمد عرابي - أبو البقاء العُكْبَرِيّ صرفيّاً

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أبو البقاء العُكْبَرِيّ صرفيّاً أطروحة تقدم بها الباحث /مجيد خير الله راهي الزّامليّ إلى مجلس كلية الآداب - جامعة القادسية ،وهي جزءً من متطلبات نيل درجة دكتوراه فلسفة في اللغة العربية وآدابها – لغة بإشراف /الأستاذ الدكتور هاشم طه شلاش1423هـ / 2002م ،وفيما يلي عرض مكونات الدراسة ،ونتائجها ،وتوصياتها كما ذكرها من الباحث / مجيد خير الله راهي الزّامليّ ،وهي على النحو التالي :
التّمهيد :
تحدّث فيه الباحث عن الدّرس الصّرفي حتّى زمن العُكبريّ، ولم أفصّل القول في حياته لأن الباحثين لم يبقوا لنا شيئاً نقوله في هذا الميدان .
الفصل الأول:
جعله الباحث شاملاً منهج أبي البقاء ومصادره وضمّ مبحثين ، عرض الباحث في الأوّل منهما طرائق العكبري في إيراد مادّته الصّرفيّة ، وعرض الباحث في الثاني مصادر العكبريّ من الأعلام والكتب ،
الفصل الثاني :
دار حول أدلّة الصناعة والعلّة عند العكبري ، وضمّ أربعة مباحث تحدث الباحث في الأول منها عن السّماع وفي الثاني عن القياس وفي الثالث عن العلّة ، وفي الرّابع عن استصحاب الحال
الفصل الثّالث :
وجعله الباحث للموضوعات الصّرفيّة التي كان للعكبريّ فيها موقف واضح ، يناقش ويحلل ويرجح ما يرتضي ويردّ ما لا يرتضي ، وتحدّثت فيه عن الميزان الصّرفي ، وأبنية الأسماء ، والمصادر ، والنّسب والتّصغير والإبدال والإعلال وأبنية الأفعال .
الفصل الرّابع
تحدّث الباحث فيه عن شخصية العكبريّ العلميّة ، وضمّ خمسة مباحث ، جعلت الأول منها لآراء العكبريّ الّتي انفرد بها ، والثاني لموقفه من مسائل الخلاف الصّرفيّ بين البصريّين والكوفيّين والثالث لقدرته على المحاججة والمناقشة .
وعرض الباحث في المبحث الرابع لتأثره بالعلماء الأقدمين وتأثيره فيمن جاء بعده، أمّا المبحث الخامس فقد سجّلتُ فيه ما أخذ على أبي البقاء من مآخذ . وضمّت الخاتمة أهم النّتائج التي توصّل إليها البحث .
أبرز مصادر مراجع الدراسة :
وقد أفا د الباحث في عمله هذا من عدة مصادر ، كان في مقدّمتها كتاب سيبويه ، والمقتضب ، والأصول ، والتكملة والخصائص والمنصف وإعراب القرآن للنحاس ، وشروح الشافية والممتع ، وغيرها .
وفي مقدّمة مراجع الدراسة استفاد الباحث من رسالة الدكتور خليل بنيان الحسون الموسومة : بـ((اللّباب في علل البناء والإعراب لأبي البقاء العكبريّ دراسة وتحقيق )) ورسالة الدكتورة نهاد فليح حسن الموسومة بـ ((الدراسات الصّرفيّة عند العرب منذ نشأتها حتى القرن الرابع الهجري )) ، ورسالة الدكتور عبد الجبار النّايلة الموسومة بـ((الدراسات الصّرفيّة عند ابن جني )) ورسالة الدكتور كاطع جار الله الموسومة بـ(( الخلاف الصّرفيّ في ألفاظ القرآن الكريم)) ورسالة الماجستير للباحث سالم جاري الموسومة بـ((ابن مالك صرفياً)) وغيرها
نتائج الدراسة :
من أهم النتائج التي توصّلت إليها الدراسة ما ذكره الباحث فيما يلي :-
1- يُعد المازنيّ أوّل مَنْ وضعَ تأليفاً مستقلاً في علم الصّرف ، وكان قبل ذلك مندرجاً في علوم اللّغة الأخرى فقد تمكّن من أنْ ينظّم قواعد هذا العلم ، وأصوله ويفرزه من غيره من العلوم اللّغويّة الأُخرى ، ليقيمه علماً مستقلاً بأبنيته وأقيسته وأصوله .
2- أبو البقاء العكبريّ عالمٌ في اللّغة والنّحو والصّرف والعروض إمام في الفقه والفرائض ، وإذا عُدّ العلماء كان من أعاظم علماء عصره ، وأكابر لغويي دهره ، وإذا عُدّ الفقهاء كان إمام زمانه ، وقريع دهره ، ولم يمنعه ذهاب بصره من التّزوّد بالعلم والمعرفة ، لأنّ الله تعالى عوّضه ببصيرة ثاقبة ، وعقل واعٍ ، وحافظة قويّة .
3- اعتمد أبو البقاء على مصّادر متنوعةً تمثّلت بالأعلام والكتب ، فقد أفاد من مجموعة كبيرة من الشيوخ الذين سبقوه ، فاستقى منهم مادّته الصّرفية ، واعتمد على عدّة مصنّفات ، لأنّ كثرة المصادر تعطي فرصة للمصنّف أن يحلل المسائل ويعرض الآراء ، ويبين الوجوه المحتملة في المسألة الواحدة .
4- لأبي البقاء عدّة طرائق في إيراد مادّته الصّرفية كالتقسيم والاحتجاج والاستنتاج والتكرار ، وكثرة التّعريفات ، والاستطراد ، وتأثره بالفقه وأصوله والمنطق وكثرة التّعليل ، واهتمامه بمسائل الخلاف الصّرفيّ .
5- تمثّلت أدلّة الصّناعة عند العكبري بالسّماع والقياس واستصحاب الحال، ومصادر السّماع عنده الشّواهد الّتي اعتمد عليها في تعزيز أقواله وتوثيقها، وهي القرآن الكريم والقراءات القرآنية والحديث النبويّ الشريف وكلام العرب من شعر ونثر وكان القياس عنده يتمثل بقياس الطّرد،وقياس الشبه وقياس العلّة.
6- انفرد أبو البقاء العكبريّ بمجموعة الآراء الصّرفيّة الّتي خالف فيها السّابقين ، فقد ذهب إلى أنّ كلمة " ضِيْزى " أصلها " ضُوزى " مثل طوبى ، كُسِر أَوّلها فقلبت الواو ياءً ، ورفض ما ذهب إليه الجمهور من أنّ الأصل فيها " ضُيْزى " وقلبت ضمّة الفاء كسرة لأجل الياء . وله رأي في تصغير اسم الإشارة المبنيّ " ذا " ، إذْ يرى أنْ تجعل ياء التّصغير ثانية ، فتصبح "ذيَا" وتجعل بدل الألف ياء متحرّكة ، فتصبح الكلمة " ذَيّ " ثُمّ يؤتى بالألف بدلاً من الضمّة بعد الياء الأخيرة ، فتصبح " ذَيّا " وذهب إلى أنّ الأصل في كلمة "هناه" هو "هَنٌ" أُضيفت إلى ياء المتكلّم ، ثمّ نادى ، ففتح ما قبل الياء ، وأُبدلت الياء ألفاً ، لأنّها أخفّ ، وذلك أنّهم استثقلوا الياء وقبلها كسرة فيما كثُر استعماله ، وهو النّداء ، فأبدلوا الكسرة فتحة ، وكانت الياء متحرّكة ، فانقلبت ألفاً لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، فقالوا: يا هنا ، وإذا وقفوا ألحقوه الهاء للسكت.
7- كان العكبريّ بصريّ المذهب ، إذ وافق البصريّين في معظم المسائل الصّرفيّة الّتي تناولها ، وعلى الرّغم من بصريته كان صاحب رأي ، يناقش ، ويحلّل ، ويردّ . وقد تأثر أبو البقاء بمن سبقه من علماء العربية ؛ لأنّه وجد في كتبهم ضالّته وبغيته ، إذ وجدناه يردد آراء الخليل وسيبويه والكسائي والفرّاء والأخفش والمازني والمبرّد وابن السّراج ، وأبي علي الفارسي وابن جني وابن الخشاب والزمخشري … وغيرهم .
8- للعكبري قدرة كبيرة على المناقشة والمحاججة يدلّ على ذلك ما وجدناه في كتبه من مباحث صرفيّة أفصح فيها عن مذهبه الصّرفيّ ، وأورد الحجج والأدلة التي تؤيّد انحيازه للمذهب الذي ارتضاه .
9- وممّا يؤخذ على أبي البقاء اضطرابه في نقل آراء العلماء ، واضطرابه في مذهبه الصّرفي ، إذ نجده يتناقض رأيه أحياناً في المسألة الواحدة ، فيذكر رأياً في موطن من المواطن ، ثمّ يخالفه في موطن آخر ، ويأتي برأي يناقضه، وممّا يغفر له هذا الاضطراب أنّه كان ضريراً يملي كتبه إملاءً فقد تغيب عنه بعض الأفكار ، أو يضعف عنده الترابط او يقع السّهو من تلاميذه، فيدوّنون اشياء لم يقصدها لذاتها ، وإنّما يقصد هيأة أخرى .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى