عامر الطيب - أستطيع أن أحب الشعراء القدامى

أستطيع أن أحب الشعراء القدامى
لو أحبوني ،
لو وفروا قليلاً من الوقت
ليحفظوا أوراقي في حقائبهم الجلدية .
إنني أكتب لهم لا للشعراء
الذين لم يولدوا بعد .
حيث إن الزمن القادم
بحر لا يمكننا محبته أو التطلع نحوه،
تلك الأزمان السالفة
هي الأمواج
التي نتلمسها
هي تلك الشمس الحارقة
التي أقف تحتها متعلماً
إلى أن تصير روحي الطرية
أكثر سمرة
من وجهي!

سمعتُ رجلاً يقول :
قسمتُ قلبي نصفين فرحت أتخيل الحالة
غارقاً بالوهن و الصمت .
ثم قلتُ لقلبي :
ليكن الأمر كما حدث مع الرجل
هكذا سأقسمك
يا قلبي المفوه كطفل حزين،
أهب نصفك التالف
لأي أحد يعنيه التأريخ
و أبقي النصفين الصغيرين معي !

مدينتي وقورة كدم على فستان امرأة
أضمها بحبي الشائط
فتلتزم الصمت
مثل أي مدينة غير بحرية
لا يعنيها إننا أطفال عطاشى و صيادون .
آه يا أرض مدينتي
يا أرض الحب الذي لا ينمو في الصيف
يا أرض الرصاص الروسي
الذي يرقص شعبياً في الأعراس
آه أيتها الأرض العريضة
التي تصغر عندما نمشيها بالطول!

لستُ مخلصاً للأدب
كما أنا مخلص لمنبه هاتفي
أضبطه عند السابعة فأستيقظ متحفزاً
عند السادسة و النصف.
أنا شاعر رفاقي
القليلين الذين يسألونني
حتى عندما لا يجدون شعلة تستحق،
حتى عندما يحبون
شباباً ينطفئ في السأم.
أنا شاعر نسائي الغريبات
اللواتي لن يعرفن أنني أكتب لهن
إلا بعد
أن تصير حياتي
دمعة وحشية تتحلل بالماء!

إنني أهواكِ،
سأذهب إلى الغابة إلى الشوارع المزدحمة
إلى وحدة الآهات
و إلى أنواع الوحوش التي لا تفهم لغتي.
إلى أي مكان
سأذهب متغذياً بما لا أعرفه
أما عندما تحبينني
فسيعرفني الغرباء من نبرتي،
من كسلي و جفائي،
تباً لي لا أريد النعيم الذي يتسم بالإيضاح،
إن حياة الجنة
لن تنضج إلا في النار !

سأصنع قصائدي
مما يتبقى من فطوري
قطع الخبز و الجبنة و العسل
لا شك أنكم فخورون بشاعر
يحبكم بظلالكم و صباكم
بقمحكم الفاسد و غيابكم.
سأصنع قصائدي
مما يذبل من قلبي
نساء قديمات كمسامع بعيدة
و أخوة كتراب و غرباء بمخالب متألقة.
إن الشعر صنعة
الخائف لكنني عثرتُ على نهار القصيدة
الأخيرة مبكراً ،
و ها أنا أفسح الطريق
لنساء الأرياف فتمر حياتي !

سألني الطفل عما أريد أن أصبح
إن كبرت
و قد ظنني طفلاً متذبذباً مثله
فقلتُ :
أريد المزيد من الدفء
لكنه ليل فاسد
أقل سواداً من أن يصبح فحماً !

أنا قدام المرأة قوي
أجيء و أمضي كمن يود
أن يبيع علبة جلدية غابرة
إنها علبة مليئة بالصدف
و الأسرار،
بالظلام و الأمل.
أنا قدام المرأة
قوي لا أهتز
لكني مغلوب في النهاية
أفتح العلبة
للتجربة فأبيع الأسرار!

أنا مسؤول عن أية امرأة
يؤلمها رجل الفضاء أو رجل الأرض
أود أن أضع يدها
على وجنتي
لترى حرارة الدموع التي
تلتفُ متخفية .
ثمة دمعة كبيرة
كعربة عاطلة
فهمت إن التجوال الدائم
لا يضاهي تسلية الأطفال!

أعرف الرب كما أعرف كاتباً
اسمه موراكامي قيل إنه شاهد مباراة
ثم اشترى دفتراً
و صار كاتباً.
يبدو الامر غريباً
لكن ذلك ما يمكننا لمن يودون
أن يكونوا آلهة فجأةً .
إن الحكمة جهة مجهولة
ايها الولد الطامح كجواد مرتاب
قد تقرأ كتاب الجميلات النائمات
فتصبح لاعباً !

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى