أحمد هاشم الشريف - عالم القاص المصرى محمد حافظ رجب .. اختلال وقسوة وظلام

محمد حافظ رجب كاتب قصة أسهم فى ادخال شكل جديد للقصة القصيرة فى مصر عن "دائرة المعارف البريطانية". نعم محمد حافظ رجب احد رواد جيل الستينيات فى فن القصة القصيرة، وقد قال سامى خشبة: ان صرخة او صيحة حافظ رجب المشهورة نحن جيل بلا اساتذة اعلنت عن ميلاد جيل الستينيات، حافظ رجب صار الآن فى السبعين من عمره، ورغم كثرة ما كتب ونشر عنه من مقالات وملفات وكذلك اعادة طبع كتبه، فإنه لايزال يعيش فى منزله النائى فى الاسكندرية وسط اسرته الصغيرة، وحتى الآن لم يحصل على ما يستحق من تقدير معنوى ومادي، هذا الرجل صاحب الشخصية الفريدة والابداع الاكثر تفردا لا يزال يبحث عن يوم يعود فيه شعاع الامل والمحبة الى قلب الانسان، هنا قراءة لاعماله.
فى خضم عالم اختل النظام فيه ولم يعد احد يحتفظ بتوازن، عالم يمتلئ بالجوع والعطش والزحام والقسوة والحروب المستمرة، يتساءل "محسن ابو الدهب" "فى قصة "اشياء مشطورة.. اشياء محترقة""، هل سيأتى يوم يعود فيه الشعاع الى قلب الانسان من جديد. رغم مصرع كل امل.. تحت عجلات الجمال العابرة.. "ص 75". بعد فترة انتظار طويلة سيشعر محسن ابو الدهب انه مات، رغم انه يفكر كثيرا ويتكلم قليلا، لذا كان يجب ان ينقذ نفسه والآخرين، يصبح خارج العادات ومدمراً لسلام زائف وعالم اكثر زيفا، الامتلاء بالجنون يمكن ان يفضى للخلاص، لا مفر القى ابو الدهب بالموقف المشتعل فى جوف الحجر/البيت/الشارع/المدينة /العالم القديم.. هذا الفعل الذى قام به ابو الدهب/الفنان، فعل ملحا للغاية، محو الماضى الضعيف الواهي، ارهاص بمستقبل افضل، فشهوة التحطيم شهوة خالقة، وفق تعبير م. باكونين، تحطيم القديم وبناء الجديد.. نعم يا اصدقائى كان ضروريا تفكيك وتكسير ذلك العالم، المهترئ، الرث، الشوق لوجود قتلة ملائكيين بات حتميا، تحديدا، لهذا الينبوع المضطرب الذى له عوالمه، وقوانينه "الادب"، لا بد من فعل التفجير والقطيعة مع الكتابات التقليدية، ثم التحليق بعيداً عن دخان الحريق القديم، كى تصبح الرؤية واضحة والاسلوب جديدا.
شكل جديد للقص
هدم العالم القصصى القديم، يستدعى بالضرورة، شكلاً جديدا، للقص، هذا الشكل الجديد تتكون له ديناميته الخاصة والقدرة الجبارة المرنة معا على استيعاب معطيات العالم فى ظل المتغيرات الدائمة، رغم المكاسب على مستوى الشكل/المضمون فى المجموعتين السابقتين "الكرة ورأس الرجل"، و"مخلوقات براد الشاى المغلي" من سقوط للأنساق التقليدية واطلاق لحرية المخيلة الفانتازية الى ابعد الحدود، واشتباك العوالم الداخلية والخارجية او الظاهر بالباطن، واتحاد المكان بالزمان، الا ان هذه المكاسب، صارت تحتاج الى تجديد واعادة بناء، فى ظل المرحلة الجديدة "حماصة.. طارق ليل الظلمات".
بالاضافة الى عدد كبير من القصص خارج هاتين المجموعتين، ظهرت عوامل ومكاسب جديدة اضيفت للسابقة، التناص، الانطلاق من متكأ واحد للقص وليس عدة متكآت، ظهور البعد السياسي، الحوار الطويل او كثرة الحوارات، سأتوقف لاحقا عند الحوار، خفوت تدريجى للعنف الجسدي، ضيق المساحة المكانية مع مهارة شديدة فى التعامل معها فنيا لقد غدا العالم اضيق واللغة غاية فى التكثيف والشاعرية، تكاد تكون صوفية لولا انغرازها بعمق فى صلب العلاقات البشرية واليومى والمبتذل والمهمل والثانوى واللامألوف.
الى جانب ذلك الطيران بعيدا عن هذا العالم فى بعض القصص، تلك العلاقة الخاصة جداً بين الفنان والكون وفعل الكتابة واسئلته التى لا تنتهي، محاولة، ربما للامساك بطرفى المعادلة المراوغة دوما ــ الخلود والحاضر المتناهى الصغير ــ او النهائى واللانهائى رأسى يميل، يغادرني، يفر، يمرح فى غابات استوائية. يركب نهر الامازون، يعود مع، دقات طبول الزنج فوق الافيال "ص 12". يمكن اعتبار هذه القصة التى اخذنا منها الاقتباس "عبور جسر الاختناق" نموذجا لعلاقة الفنان مع فنه، ومع الاسئلة المحيرة، كالسؤال عن معني، الليل والنهار، والزمن والحياة والموت والحزن والشقاء ومصير الفقراء والمعذبين فى هذا العالم.
البتر والتقطيع
ضمن التيمات التى ميزت محمد حافظ رجب واستمرت معه تيمة التقطيع والبتر، تقطيع السرد والجمل وتقطيع اجزاء الانسان، قضم الاذن، قلع الشعر، نشوب الاظافر فى الوجه، طعنات الرقبة، مضغ المخ بعد انشطاره، فقء العيون، غرس الأسنان فى اللحم، دهس اليد، قطع الاذرع.. الخ بعض النقاد القدامي، قالوا: ان هذا التقطيع انعكاس لمجتمع ممزق الاوصال، لا بأس، لكن الا يعنى هذا التقطيع الذى يقترب من السادية، فى بعد من ابعاده، قسوة "من وضد" من المجتمع والظروف المحيطة، ضد الانسان/الكاتب، ومن هذا الانسان ضد هذا المجتمع وتلك الظروف. اخشى القول ان هذه القسوة تعدت فعل الكتابة الى الحياة. اعتزال حافظ رجب الكتابة فترة، الانعزال عن الناس الاكتفاء بالحياة فى مكان اقل ما يوصف به انه مزعج، وبالطبع لا اود ان اوحى هنا بالزهد، لان هناك بالفعل قدرا من القسوة على النفس والآخرين. هذه القسوة شعر بها معظم اصدقاء حافظ رجب، وجائز ان تكون هذه القسوة، قسوة الولادة الجديدة والرغبة فى دفع الروح الفردية والجماعية للتطلع ولو بالقوة الى عالم افضل، والى سماع لحن ونشيد الفرح البعيد الآتي.
عالم حافظ رجب توجد به سمات بارزة يجدر التوقف عندها اولاً، انسنة الاشياء، استوقفنى مكتب تركنى اجهش باكيا فوق كتفيه، عمود النور الذى يشعر بالدفء، الشعور بالحذاء الذى يئن من الضربات، التحدث للاحجار، التحدث مع الليل، رغبة التحول الى طبلة او مزمار، والحديث مع النمل واخذ موعداً غراميا من خنفسة داخل سلة مهملات، تلك العلاقات مع كائنات واشياء من الطبيعة، الا يعنى هذا حبا جارفا للطبيعة والحياة؟ حتى وان اخذ هذا الحب شكلاً غريبا وقاسيا، كغرابة وقسوة عالم حافظ رجب.
صورة سلبية للمرأة
ثانيا، المرأة، غالبا مدانة وقاسية وخائنة لعله ضاجعها وانجب منها اطفالا فى غيبتى "ص 66 ــ "ذراع النشوة المقطوع""، هنا كان احدهم.. اقتحم عرينه فى غيابه الطويل: تبول فى الشيء الكامن "ص 13 ــ "طارق ليل الظلمات"" الدماء والخيانة الوحشية، صفات، نجدها عندما تكون المرأة داخل المشهد، لذا لا نعثر على علاقة حب، حتى فى مجموعة "طارق ليل الظلمات" رغم تلويح الراوى بأنه اقام علاقة حب الا ان هذه العلاقة على ما يبدو كان الهدف منها تعذيب المرأة افسدت والشيطان معى هذه المرأة: لم تكن تعرف غير مذاق زوجها، جعلتها وعائلتها تعساء.. غفر الله لى ولها "ص 122 ــ "انسكاب قارورة العطر الفواح"" وعندما تسللت هذه المرأة او كادت، الى قلب الراوي، نجده يحكم عليها حكما نهائيا وردة حبيبتي.. ماتت اليوم "ص 132"، وفى طقس كهذا تصبح المتعة الجنسية التى تأتى من المرأة، لا معنى لها ما معنى الرحلة التى تنتهى بالعثور على امرأة تحت لحاف مظلم فوق سرير عال فى مدينة بعيدة؟ "ص 117 "عظام فى الجرن"" ضمن التنويعات المختلفة على لحن المرأة العذاب/المتعة الجسدية/ارتباط المتعة الجنسية بالتعدى على المحارم "قصة "صمت صوت هواجس الليل"" الحوذى "فتحى عبد الراضى خلف الله" ازاح الليل جانبا، دخل فى الترنح وتجرع آخر قرعة بوظة ابنتها.. اشتهيها.. ماذا يمنع.. اخذت من امها ما يكفينى "ص 89"، "فتحى عبد الراضى خلف الله"، يحاول ان يقوم بطقس شيطانى محرم، يريد مضاجعة ابنة زوجته، يعرف مسبقا ان هناك سلطة المجتمع/زوجته، تمنعه من ارتكاب فعله والتعدى على المحارم، رغم ذلك يحاول، فالتجربة مؤلمة، محيرة، كلها دناءة وقتامة وجنون، لقد استعد بأن تناول البوظة، كى تسقط امامه كل الحواجز بما فيها الزمان والمكان، ذات الفعل سوف يقوم به "حسن" فى قصة "اشياء مشطورة.. اشياء محترقة" مع اختلاف الدافع وشكل العلاقة، لكنه هو الآخر تجرع المسكر، صار طينة، ذهب الى بيته واحتضن زوجته المريضة يجب ان اضاجعك.. يجب ان يحدث هذا الآن.. قبل ان افيق.. والا لا فائدة "ص 76"، هنا اللذة الجنسية تبدأ بالتهور والرغبة فى ايقاع الالم، الفارق انها لذة، دافعها القهر الخارجى "حسن" الثور الصبور، الذى لا يحصل على اجازة فى ايام الجمع ينفجر فجأة كمردود طبيعى لما يحدث له.. "الاخصاء" هو التنويع الاخير على اشكالية المرأة/الرجل/العنف/اللذائذ المؤلمة، "قصة، "طارق ليل الظلمات"" تفض الاشتباك تركت البرج.. سبحت فى النوبارية.. سبقتنى زوجتى اليها.. حاولت الامساك بها.. حاصرتنى اسماك القرش.. هاجمت "عضوي" التهمته "ص 9".

مرجل يغلي

ثالثا: فى قصص حافظ رجب تكثر النقاط ومساحات الفراغ بين الكلمات والجمل، كأنها دعوة للقارئ، كى يملأ مكان هذه النقط والمساحات الفارغة ومن ثم يكمل القصة او يعيد تركيبها، لو اراد، تشعر ان القصص وكاتبها فى حالة بداية مستمرة، مرجل يغلى باستمرار، لا يوجد صمت او سكون، فقرات التأمل الطويل لا توجد ايضا، لكن القصص زاخرة بالجمل والعبارات الموحية، الرامزة، التى تحوى بنسيجها حكم وخبرة السنين وفلسفة الحياة، هل توجد علاقة بين حافظ رجب واسلوبه، التقطيع والبتر والانتقال السريع من مكان الى مكان ومن زمان الى زمان؟ لا شك ان العلاقة وطيدة بين هذا الاسلوب وشخصية الكاتب، لقد عاش حافظ رجب حياة ممزقة، ترك الاسكندرية التى عشقها وترك زوجته وابنتيه وذهب للقاهرة كى يجد له مكانا، لم يقدر على تحمل قسوة القاهرة فعاد للاسكندرية، شعر انه اخطأ فرجع للقاهرة ثانية، ثم اصيب بانهيار عصبى فرجع للاسكندرية مرة اخري، بالاضافة الى علاقات ممزقة مع الاب والاخوة والأهل وزملاء المهنة الواحدة هل هذا هو الثمن الذى يدفعه الفنان الصادق؟ عدم القدرة على العيش خارج النموذج المتكرر الوحيد، وعدم تحمل او الاستمرار فى علاقات زائفة لا جدوى منها، وفى نفس الوقت فوران داخلى وانفعالات ومشاعر جامحة وتوتر دائم ورغبة بأخذ ولو ابسط حقوق الانسان فى مجتمع مضطرب، يمكن ان نقول عن حافظ رجب واسلوبه انهما متطرفان، يتحولان من النقيض الى النقيض، من العنف والقسوة الى الحديث مع الليل والكائنات الضعيفة، من الملل والوجوم والزحام الى الشعور بروعة الحياة، البشر الكادحون المسالمون الى جانب الاثرياء والمنحرفين. حافظ رجب نفسه تحول اكثر من مرة، من الوداعة الى العنف ومن الثورة الى المهادنة ومن الكلام والثرثرة الى الصمت، من اللذة الجسدية وانعدام اليقين الى الزهد والدروشة.
ذلك الرجل الذى كان فى بداية الخمسينيات ينتظر موكب عبد الناصر وقائد الثورة، كان الموكب يأتى من قصر المنتزه مرورا بمحطة الرمل ومتوجها الى قصر رأس التين، كان حافظ رجب يشترى الورود، كى يلقيها على عبد الناصر، وفى احد اجتماعات عبد الناصر بالجماهير فى الاسكندرية، جذب يد عبد الناصر وشد عليها بقوة قائلا له: نحن معك سر، هو حافظ رجب الذى عندما مات عبد الناصر، كان وقتها فى القاهرة، خلع الجاكيت وجرى خلف الناس، الباكين غير المصدقين موت الزعيم، كان يجرى لاعنا صارخا فيهم يا ولاد الكلب، واحد ومات واحد ومات، ايه يعنى ايه يعنى .

تكنيك فنتازي

نعود الى خصائص التكنيك والبناء، هذا البناء المتجاوز دائما لكل المرجعيات كان متوقعا ان يحمل رؤى ومضامين بعيدة، مغرقة فى الذاتية والشطحات الجامحة المنعزلة عن كل شيء، فهو تكنيك سريالى فنتازي، عبثي، مكثف وصادم، لكن مع كل هذا، لا يوجد انحلال او تفسخ ولا يوجد تجاهل ولا مبالاة تجاه العالم الراهن والحدث الساخن، انها كتابة اللحم والدم، متشبعة بكل ما هو واقعى بشري، متجذر فى علاقات الناس، شخصيات حافظ رجب: بائع متجول، عسكري، عربجي، قهوجي، بائع الجرائد، رشاد الفكهاني، زبائن قهوة فانجلي، سكان غبريال، كان من الممكن الاستغناء عن كل هذه القائمة، المنبع هناك واضح وجلى بشكل لاذع: سودانى محمص.. لب اسمر.. حمص ولوز "ص 42 ــ هذه الجملة من قصة "حديث بائع مكسور القلب"، هى هى ذات الجملة او الصرخة التى كان يطلقها حافظ رجب عندما كان يعمل بائعا للفول السودانى واللب بجوار سينما ستراند بمحطة الرمل".
رابعا: قلت آنفا، انى سأتوقف عند الحوار، المتتبع، لاعمال الكاتب سيجد ان الحوار، كان قليلاً وقصيرا فى عمليه السابقين، اما فى ظل المرحلة الجديدة، او مرحلة ما بعد التوقف، نجد ان الحوار يزداد ويطول، توجد قصص بعنوان حوارات مثل: "حوارات: سفريات سائق المظلات"، "حوارات: تل العظام الهشة"، من مجموعة "طارق ليل الظلمات". فى اكثرمن حديث قال حافظ رجب: انه يحب المسرح كثيرا، لكن هل هو المسرح فقط سبب الحوارات الكثيرة ام ان مرحلة الشيخوخة وقرب نهاية الرحلة، توجب الحوار والفضفضة وحتى الثرثرة والبوح بالاسرار والذكريات.
خامسا: المكان الصغير او الحيز الضيق، تبدأ القصة، غالبا، من داخل علبة سجائر على رف، او براد شاى مغلي، او غرفة مكتب او نافذة تطل على ليل لانهائي، ثم تتسع القصة وتتمدد وتغوص فى حياة الاخرين، عند قراءة اى قصة نحس انها تحوى عدة قصص وعددا كبيرا من الشخوص، رغم ضربات قلم الكاتب السريعة ونقلاته اللاهثة، ربما يكون منبع الفن فى هذه القصص، تلك القدرة على الانطلاق من ركن فى جدار حائط فى غرفة صغيرة الى براح عالم يمتد كالحياة ذاتها، يبدو ان الوقت أزف، كى اكف عن تجوالى فى عالم محمد حافظ رجب.

الزمن والحياة والفرح

قبل الختام احب ان اقف عند ثلاث كلمات: الزمن، الحياة، الفرح فى بعض النصوص، نجد الزمن متلاشيا متشظيا، وهناك حنين فى نصوص الى زمن مضي، ونصوص ثالثة ورابعة يقول فيها الراوي، انه لم يعد يعرف فى اى زمن هو، لكن يمكن القول بحذر كبير ان الزمن عند الكاتب يعتبر هاجسا انسانيا لفكرة الشيخوخة والموت واعمال رجب تحيد الموت او تنساه وتتعامل معه بعفوية، كأى فعل عادي، احتساء القهوة، الاستلقاء فى الشارع وتأمل النجوم الباهتة، الحديث العابر مع الاصدقاء، ومن ثم اتساقا مع هذا التحليل الاخير، يمكن الادعاء بأن الزمن ممتد ولا نهائي، حتى ولو كان هذا الامتداد، داخل الضباب وزرقة الليل ومجاهل الغموض، فالحياة ازلية ولا مطلق فيها سوى الحياة نفسها، مدهش.. كل شيء فى هذا العالم مدهش كل كلمة وجملة عند الكاتب لها اهمية وعمق فى ذاتها، تحس ان لها عالما مستقلا بها، محتشدة بالغنى والثراء ونابضة دوما بالحياة، معظم القصص نجد فيها جملة او اثنتين او فقرة كاملة، نشعر فيها برغبة/الراوى الاستمتاع بكل ذرة فى الحياة فهو يجلس مع الكلب تحت شمس الله، المطر عندما يسقط يعتبر شيئا بهيجا، يشاهد وجوه الفساتين الملونة فى انبهار، السيجارة متعة، لانها محشوة بقناطير الاوراق الهندية المعطرة، يود ان يركب اعالى السحابات العابرة ومجاهل المحيط وان يلعب مع الخيل الجامحة وقطيع الثيران ووحوش البرية، الامطار، العواصف، جبال الامواج، السهول الممتدة بلا نهاية كلها اشياء مدهشة وعجيبة وذات درجة فائقة من الجمال، فى قصص حافظ رجب، رغبة عارمة للقبض على لحظات الفرح، رغم قسوة المكان والظروف، يقول الراوى فى قصة "عظام فى الجرن" "ص 114": لو تدوم البهجة؟ لو تدوم الحياة كما هي، غنوة وتصفيق واناشيد، الدنيا بترقص، لو يبقى السرور سائرا فوق القضبان الممتدة الى آخر آفاق الحياة .. هنا جوع حقيقى للفرح، والجمال والدفء والنور، شراهة كامنة للتحرر من كل شيء.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى