عامر الطيب - أنا مبتهج لأنني أحبكِ اليوم

أنا مبتهج لأنني أحبكِ اليوم
أكثر مما كنا البارحة
أرفع يدي كمجداف لأحييك
وأنت نائمة في غيمة.
لقد صار الزمان طيباً مثل شمعة
و علي أن أوحد نفسي بالظلام
لأضيء،
علي أن أركض كالأسبوع الخريفي الغائم،
كالبصلة بين أصابع الاطفال المرحين،
كالشفة الحزينة
عندما تتفتح.
أنا مبتهج لأن حبكِ
ملأ الأرض بالقطط و الزهور و القلوب
البربرية
لكني ملك الأبدية لدقيقيتن
إنها السعادة التي تتوهج سريعاً
اليقظة الفاتنة
كوميض الضوء الشاحب في قمصان النوم!

يذهبون راحلينَ كغروب
صغير، أحمر و دامع العينين.
لكن المصورَ مثل العاشق الممسوس
يلتقط لهم صورة معكوسة
على هيئة أشخاص يأتون!

كيف أقول لكم إنني أحبكم
وأنا لا أستطيع أن أبسط يدي كحمامة
محلقة و يسيرة ؟
كيف سأكون صافياً و آمناً
و أنا أسمع طقطقة عظامي
و أجوب الغابات حذراً كصبيان المطافئ؟
ملزماً نفسي
بألا أحب سوى الشجرة
التي يخفت ظلها كظل منجل صغير،
ملزماً نفسي
بأن أشتري أيامي كخطايا ملاك خائب
غداً يغفر لي الله فأبيعها مجاناً !

واضيعتاه ها هي حياتي
ستظل تجيء كفرصة
و تذهب كندم ضارٍ.
ما الذي أفعله أنا الذي أريد
أن أحب العالم و أراه فاتناً
في اللحظة ذاتها ؟
أنا الطير الشريد
أريد أن أحلق عالياً
ولا أخسر أقفاصي !

عندما أحزن فهذا يعني
إنني خسرتُ شيئاً في العمل
أو في الرواية.
الأبطال يتبدلون بنذالة
يغسلون وجوههم فيبدون شرسين.
لا أشك أنهم يموتون
و نموت معهم
و أنا مثلهم أود أن أصنع شيئاً،
أن أكون سيد المحبين لليلة واحدة ،
أتأمل النهد اللامع
كجثة مغطاة
يدي متمرسة
أعرف كيف أمدها
و كيف أعيدها كنظرة نهر متوحش ،
إن النهر في الدارجة الشعبية
يرمز للثور !

أنا لسانكِ عندما تودين
أن تقولي كلاماً للأعالي
و المنخفضات
و عندما تصمتين.
كلمة حائرة كصراخ ضئيل
كلمة بيننا لا حل
لها
تعقدين لسانك مطمئنة
فيتأذى فمي !

تودعني كما تودع الريح
شجرةً هزيلةً،
كما يودع النبي شعبه الهجين،
ثمة أخطاء لا ينبغي
الإفصاح عنها،
ثمة حب مثل الشمس المنعشة
تشرق الآن لا غداً.
من صنعنا
كندوب حرحة
نتكشفُ في عيون الآخرين
و نخفت في المرآة ؟

أنا الخاسر الوحيد
في الحب ها هم رفاقي
لقد تزوجوا و ماتوا
صاروا خرافاً و حياة غامقة و فنانين.
أنا الدم الفرح،
الشرير و الفتى الذي أحبُ،
و أنا أفضل من يكتب
عني بقوتي المستعارة
نهاري بلاد غريبة
و قد جئتُ لأوطن نفسي في الليل!

ليتني أعرف متى تموتون
يا حرس بلادي؟
إن الموت في متناول أيديكم
لكن ساعتكم
لم تحن بعد .
ليتني أعرف شر هذا الزمان
و شر الزمان القادم
لأشير لنفسي كما أشير لنعجة
فتتبعني.
يا حرس بلادي
لقد نهبتم عيني الجاحدتين أيضاً ،
لم تتركوا لي حتى الهبة
الآدمية لكي أغمض شيئاً !

روحي لا يحق لها أن تسألني
عن جسدي إن نمتُ أو هرمتُ
أو اجتزتُ الزوايا و التلال
كمن يحمل العبء كله على الجسر .
أما جسدي فهو كصبي منطلق
في مدن عجيبة
متى ما مسكتُ بشرةَ امرأة
راح يردُّ لي الجميل
ليسألني عن روحي!

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى