عامر الطيب - وأنتِ ذاهبة نحو أي قصة حب

وأنتِ ذاهبة نحو أي قصة حب
ستجدين كلماتي
بطريقك مثل آثار غريبة
فتبكين كغزالة في المتحف
ثم تنزوين وحدكِ في الحفلة
دون أن تبدو عليك ملامح البهجة
و النور.
جسدك يبكي
كخشب الأبواب
و حياتك تتبرم صامتةً على طريقة
ثوب شفاف .
و أنا أتطلع نحوك في مساحة الممر
لأجدك قبالة عيني فقط
إنك مثل هذا الهواء العابر
موجودة في المدن و الأشجار
الصفراء كلها
لكنني لا أحبك إلا من شرفة دَاري!

الشعر كحبلٍ طويل
ننشر عليه غسيلنا يومياً،
ثياب عتيقة
و أخرى نظيفة للغاية،
ثياب جنود و صيادين
و تلاميذ و سجناء.
رفاقي الشعراء مهووسون بتجفيف ملابسهم
سعيدون و مطمئنون
لكني كعاملٍ غريب في بلدة واهنةٍ
أقف قريباً
من الحبل المزدحم
و أعصر ثوبي!

نغامر معاً بخلافنا الطريف
تقولين سأرحل غداً
وأقول لن تتقدمي خطوة زائدة خلف السياج ،
سأطير
ستقعين،
سأربي أطفالاً صغيرين،
ستربين أمنيات كبيرة فقط،
سأضيء غرفتي
ستغادرينها معتمةً،
سأحبكَ مطولاً
في حيوات قادمةً و أضحك،
سيجعلك البصل في المطبخ
تعذرين مرغمةً
و تبكين!

لا أستطيع أن ألخصَ حزن
طفولتي في كتاب
صغير .
ولدتُ لامعاً كحشرة في الروث
و كبرتُ كمحبة خاطئة،
رأيتُ أمي حزينة تغلي
الشاي و تندب
حاولت أن أفهم
كيف تبكي أمي كالذهب الخالص
وأنا ألعب بالوحل؟
أمشي الآن مثل دودة مغمومة
و أنا أحمل أكتافي!

جئتُ بيتي وأنا موحشٌ هذه المرة
طلبت منهم أن يضيئوا
طريقي و حجرتي،
أن يجهزوا لي سراجاً
و دفتراً صغيراً .
كان المساء حزيناً كصوت طفل تحت الكنبة ،
بدأتُ بكتابة هذه القصيدة
وأنا مستلق
أكملتها الآن وأنا أليم
كموسم صيد الأسماك
متوتر و خائب
كأنف أحد يبحث عن عينين!

نادى أحد بإسمي و التفتُ
فقال لم أقصد ثم نادى آخر و ثالث..
قطعتُ نهاراً عاصفاً
و الناس ينادون جميعاً
فأتلفتُ بين لحظة و أخرى .
أحدهم كان ساخراً
و صاح
كيف حال حياتك؟
فقلتُ كما هي
شجرة تهتز متحمسة
و الآخر قال
هل ستكتب شيئاً للأطفال؟
في السلم كان ثمة
أحد بنبرة جافة
ينادي بإسمي أيضاً،
أصعد أم أنزل؟
هذا أحد أشكال الحب
تحيرنا أسماؤنا الغربية على الدرج!

سأحبك غداً ، أعرف ذلك من الآن
يحصل هذا معي عندما أشتري وردة
أو لوحة مليئة بالصبيان.
أعرف كيف سيكبرون و يهاجرون
كدموع باردة على وجنتي .
سأحبك غداً
لستُ مرتجف اليدين
أو سكراناً
أنا رجل وحيد في المرآة،
في غرفتي
و في النصوص التي أقراها أيضاً.
لقد سمعتُ
رجلاً يصيح في آخر الليل
فقلتُ له:
تعال اجلس معي،
إنني احب اللغة كثيراً
و أحب أن أرثي نفسي قائلاً:-
لقد جف جسدي في الأمطار الخفيضة
و فاضتْ روحي !

عند بركة صافية
وضعتُ قدمي في الماء و تطلعتُ
لأنفي
أنا سعيد لأن حبك ملأ يومي
لم تعد عندي أشياء
ينبغي أن أفعلها.
ثمة ثور سعيد مثلي
يشرب الماء و يرنو
لصورته أيضاً.
الحياة تصبح مضاءة
عندما نحب ُ
تصبح باردة و ميتة .
صلاتنا ذاتها
تصبح جملة واحدة
أنا الفجر في كل شهر بارد
وأنا القبرة الصغيرة في كانون!

لن أموت حزيناً
كزهرة حنونة
سأذبل قبل ذلك مطولاً لكي يفشل موتي.
لن أموت كرجل جالس
على كرسي خشبي شاحب
أو متمدد على فراشه
سأموت كمن يغلق نصف الباب
ليبحث عن صوتك التائه
في معبر الريح !

لقد أحببتُ في وقت محرج
بينما كانت أمي تعد الغداء لطفلها
الصغير و تطلب منه أن يغسل يديه
و يضع حقيبته في مكانها
ثم يأكل،
لم أخبرها إنني جائع هذه المرة،
لم أحشر نفسي في المطبخ ،
أما في المدرسة
فقد كان الأطفال يتشممون فمي
بحثاً عن الخبز المسخّن في ضحكاتي !

الحب شخص يطرق الباب
مثل الشرطي و موظف الضرائب
مثل الزائر و ساعي البريد
و الجار الجديد الذي يطلب ملحاً
أو مسماراً
أو حجرة يضعها تحت قدم الكرسي المكسور .
نحن نختبئ و نتلصص
من فتحة الباب كأطفال مطرودين .
الآن نحن رحالة كبار
نغني لصغارنا في الريح البليدة قائلين :-
سيدلنا الحب على
مياه عالية كالغرف المعتمة
لنبكي فيها!

مرحباً أيتها الحياة المستلقية
كإصبع على الطاولة
لقد صرتُ أحبك عندما تبدين معتمة
و عندما تدعين غرفة نومك
مفتوحة،
أحبك كرجل
يفتح عينيه كل صباح
ليجد بباب داره سلة بيض كاملة
أما اليوم
فقد ضعت في الأعماق
ولم أتلفت إلا لطلوع الشمس.
آه كم تبدو البيضة الصغيرة
غرامية عندما نتخليها ديكاً !

لم يكن الأمر سهلاً عليكِ
تقومين من فراشك لتعيشي سعيدة
أنت الوحيدة عندما كان العالم زهرة بلورية
وعندما أصبح حبساً.
تضحكين كالقمر
الذي لم يعرف صوته ،
كالشذرة التي تلمع في اليد المطلخة بالدم
تضحكين لأنك
لم تصلحي شيئاً من حياتك
لم تكوني ساحرة
مثل مربى التين في صحن زجاجي أبيض
اللون،
ولم تختبئي كورقة في الضباب
و المطر.
لأنك لم تحركي الستائر
فيبزغ الفجر صافياً كدوامة،
لأن الحب لا يلح
إلا عندما لا يبدو ثمة سبب للألم
لأن الزمن يجيء
كطفل يقف في العتم
و يزول كعجوز يتمشى !

أسمع فردة حذائي تعظ
الفردة الأخرى قائلة:
أنا اوفى زوج لك
في العالم
لو نظرتِ لما حولك
لوجدت الأزواج يختبئون و يتعفنون
في البيت،
أو يتقطعون مثل المدن الكتومة
في الشارع.
انظري إلى الأرض
كم هي رحبة من أجل مداساتنا
انظري كيف ننام
مغلوبين مثل السكك المعطلة
و سعيدين مثل الأقدام !

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى