نزار حسين راشد - أهزوجة للعام الراحل

أرمقه من أعلى جسر لندن
النهر العجوز
يتابع جريانه
في تكاسل
ليس هنا فراشاتٌ حالمة
وإنما نساء بخطى حازمة
ليلحقن بمترو الأنفاق
المساءات تسترخي
مع كؤوس الويسكي
على مقاهي الرصيف
أكثر من يلاطفنك
هنا بائعات المتاجر
ليغرينك بالشراء
لا أذهب إلى هارودز
لأنه يحمل ذكرى مؤلمة
ديانا الحمل الوديع
الذبيحة الملائكية
لبست جلد الذئب
في مواجهة العائلة المتوحشة
ولكن الجلد
لا يجعل منك ذئباً حقيقياً
فذهبت قرباناً ربانياً
على مذبح الخطايا العابرة
فبين بكنجهام والقاهرة
مسافة مُحرّمة
كثيرة محرمات هذا العالم
وليس من بينها الدم المستباح
كم هو قاتم هذا الصباح
وكأنما عُجن ضبابه بالسناج
ومن وراء الزجاج
يطلّ رجال القش بغلايينهم
لله درُّك يا إليوت
نعم:إنها الأرض اليباب
فمن أي باب
ستدخل البركات؟
من قلبي المنفطر أسى
والمدنف إشفاقاً
على حضارة هذا العالم التائهة
فهل أواصل هذا الضياع
وأذهب إلى سوهو
مقتفياً آثار كولن ويلسون
أم أعبر القنال إلى باريس
كما أشارت علي فتاة فرنسية
قالبةً شفتيها في ازدراء
لملل لندن
الذي لا حدّ له
هناك كثيرٌ من أصدقائي المُحنطين
في أقفاص الأمجاد الماضية
ولكني هاربٌ من الذكريات
ولا أرغب في اجترارها معهم
في مقاهي الشانزيليزيه
التي تعجُّ بسُيّاحٍ
لا أباليين
من العبث أن تبحث عن جديد
تحت هذا الغلاف القديم
أصلاً كل ما يغيرونه هو الغلاف
بين حين وحين
ولكنها الألفة الطاغية
وحضور المشردين في المشهد
الذي يشعرك ببؤس العالم
فلتقرع أجراس نوتردام ما شاءت
فما من أملٍ بالخلاص
ولن تفضي إليه
هذه الطرق المغلقة
وحتى توتّرات سارتر
بين خياراته المقلقة
آوت إلى سبات
على أرفف الفلسفة
ترى هل يحتفظون
في اللوفر
بنموذج من المقصلة
لم يبق لدي أيٌّ من الأسئلة
سآوي إلى فندقي
وإجلس في اللوبي
لعل الليل والاضواء
تحمل لي مفاجأةً
ولو صغيرةً عابرة
قبل أن يعزف برج الساعة
الوداع للسنة الغابرة
نزار حسين راشد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى