حسين عبروس - أيتها العظيمة.. المقيمة فينا..

أحتار كيف أحصي على لساني تفاصيلك أيّتها العظيمة التي علمت الكون كيف يسري تحت جنح الليل ليستقبل الفجر على أنغامك العلويّة، التي ترددت على ألسنة البشريّة المؤمنة، فلا جمال ينطق باسم الجلال إلا جمالك في هذا الكون، ولا بلبل يصدح في سماء أوطانك إلا صوتك الغريد الذي أبدعه الشعراء.
أيّتها الكريمة العظيمة، والمقيمة عبر القرون والأجيال. أنت الحافظة لأفراحنا وأتراحنا، وأشواقنا واحلامنا، والحنيذة بنبض قلوبنا. أكرم بك من لغة تتسع مساحتها الكبرى لنديّ لطف خالق ومبدع الكون، وأنت حفية بأسراركتابه العظيم.وحدك ياام اللغات ويا سيدة الضاد الجميل من تحتوين على تلك الأسرار العلويّة من نحو، وبلاغة وعروض ، وعلم القوافي، والإشتقاق والصرف ،والإعراب والصوتيات ، وعلم اللسانيات. لغة الجمال أنت، ولغة الفن أنت من فنون الخط العربي،ومن مقامات موسيقية.لقد أبدع الشعراء في نبض حروفك الهجائية فكان حرف الضاد فيك عنوانا أبديا تحدّيا لكل لغات العالم.وهذا أبو الطيب يحتفي بك ليلقبك بلغة الضاد حين قال:
- ما بقومي شرّفت بل شرّفوا بي // وبنفسي فخـرت لا بجــدودي
- وبهم فخر كلّ من نطق الضـــــا // د عوذ الجاني وغوث الطّريد
وتوالت القصائد التي تمجد عظمتك عبر القرون وهذا أمير الشعراء أحمد شوقي يقول فيك:
- إنّ الذي ملأ اللغات محــــــاسنا // جعل الجمال وسرّه في الضاد
وهذا الشاعر محمود سامي البارودي يثني عليك في الأوطان قائلا:
- بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان // لسان الضاد يجمعنا بعدنان وقحطان
لكنك أيّتها العظيمة مهما تكالب الأعداء عليك من داخل أوطان العروبة ومن خارجها تظلين وحدة قلعة للجمال المقاوم، وقلعة للعلوم والمعارف، وقلعة للفنونوللفسفة والفكر، ووحدك تظلين منارة للعارفين بفيض عطائك التاريخي الذي يصنع في الأجيال معجزة المعرفة في زمن التكنولوجيا المتطوّرة.لقد وسعت كل العلوم والمعارف ومن قبل وسعت كتاب الله حفظا ومكرمة ومعنى.
أّيّتها البهية الجميلة الحنيّة الحبيبة للقلوب ستظلين تحفظين في أعماق أعماقك أسماء من عرفوا مجدك ، ومن حملوا وجدك من الشعراء والكتاب والمفكرين والفلاسفة والمبدعين.وأنّ الاجيال القادمة ستظل تذكر الأوائل من الشعراء الذين حموك، وحملوا لوئك عبر العصور والأزمنة. ولاأحد يجرأ على نسيان عنترة العبسي ولا زهير الحكيم،والا الشنفرى المتمرد على ظلم القبيلة.ولا أحد يجهل من يكون المتنبي ولا من هو البحتريّ ولا من هو او العلاء المعري؟ كما لا تنسى الأجيال أسماء كلّ سيبويه والخليل بن أحمد الفراهيدي ولا الجاحظ ،ولا الأصمعي ،ولا ابن منظور الذي حمل معجمه العالمي مايزيد عن ثمانين ألف من كلماتك الخالدة فأصبح مرجعا عبر العصور والاجيال.
- معذرة أيّتها العظيمة إن توجد فئة من كبار حملة الشهادات العليا برتبة بروفسورفي جامعاتنا في الوطن العربي لا يفرقون بين معاني حرف الجرّ فيك.ويجهلوم مواضع استعمال (عن) بدل (على) وهم من يدرسونك للأجيال .معذرة سيدة البهاء فلست أسيئ لأحد مجانية السباب ،بل تلك هي الحقيقة فمدارسنا ومتوسطاتنا وثانوياتنا وجامعلتنا امتدّ إليها أيدي وألسنة المخربين وصحفنا ووسائل إعلامنا العربي تديره ضحالة الاميين الناطقين باسمك إلا ما رحم الله. ومجامعنا اللغوية مهزوزة هي مجرد بهرجة سياسية تعيد ما ابدعه الأوائل. إلا ما رحم الله.، ووحدهم الشعراء والمبدعون هم من يحملون رايتك خفاقة عالية. فسلام الله عليك في العالمين ، وسلام على كل الرائعين الذين يغنون في عيدك العالمي

حسين عبروس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى