محمد بشكار - رسائل الكُفْرانْ (الجزء الحادي عشر)

1
في زمن المُقايَضة التي تُعْطيك ما هو حق سِيادي بباطل يُجبر على الاعتراف بكيان صهيوني غاشم، في زمن المُزايدات السياسوية الملتوية التي تخيِّرك بأسلوب لَيِّ الذراع القذِر، بين أرضكَ أو الاستمرار في الدفاع عن حلم الآخر القصي لاسترداد أرضه الممتدة رمزيا أوسع من الجغرافيا والتاريخ، في هذا الزمن الذي يَعتبر الأسوياء نفسيا من قبلوا راضخين بِعلَّة الفصام، لا ننتظر الفرح إلا مَشُوباً بالحزن، لا ننتظر من النتيجة إلا نصفها دون أن نملك الحق في المطالبة بالنصف الآخر ليكتمل القمر، يقولون الطَّبْع يغْلب التَّطبُّع أما أنا فأقول إن طبعي السِّيء عصيٌّ عن كل تطبيع وأرفضه جملةً وتقْتيلاً !
2
القِوى الحيَّة في المُجْتمع أصبحتْ خائِرة القوى !
3
كلُّ ما قِيل قد قيلْ
وأيّ زيادة من حظِّ خرطوم الفيلْ:
هذا بلاغٌ من الدِّيوان الشِّعْري !
4
مثلما تُرهق المريض التحاليل الطبية في جيبه وقلبه أملا في العلاج، أرهقت المواطنين تحليلات سياسية لم تُراكم بافتقادها لموقف صريح إلا النِّعاج !
5
قال مُباهياً إنَّ دماغ المرأة أقلَّ حجْماً مِمَّا في رأس الرجل بنسبة عشْرة في المائة، فجاءه الرد سريعاً من أحدهم: ولكن دماغها لا يتوقف عن التَّمدُّد وهو يفكر دائماً في توسيع رقعته للسيطرة على الرجل.
6
الخيْرُ ككتابة الشِّعر، أصْعب من فِعْله الاستمرار في فِعْله !
7
كل عمل خالٍ من حسِّ المِهنيَّة سواءً كان أدبياً من الشعر أو النثر، أو علمياً ولو عاد للتفكير في مخترع الصفر، يعتبر في نظر التاريخ مشكوكا في موضوعيته من نسيج زبائن يأكلون جهد غيرهم من نفس الطبق، لذلك لن يعمر هذا العمل غير المهني طويلا في الأذهان فبالأحرى أن يصبح مرجعا للذاكرة وهو حامل منذ البدء لبذور النسيان!
8
ليس الجَسُور المُجدِّد كالمُرْتكس في قالبه اللغوي الجامد!
9
بعض الشعراء الغِزْلان جِدّاً بِقُرونٍ أو دونها، من ذوي الحساسيَّات المُفْرطة كالتي تنْتشر جَرَباً على الجلْد، لهُم أفْضالٌ لا تُحْتسى، كلما حنُّوا للنظر إلى وجوهم في مرآة بحيرةٍ نبْعُها عند قرائح غيرهم، تجمَّعوا في قطيع وليس فقط في كتاب، ليشْربوا من نفْس الزَّاوية، ليس البودشيشية أو التيجانية طبعاً، إنما التي اختارها الصيَّاد وِجْهةً للخطر!
10
أغْرب ما أرتاح له نفسياً، أن يتَّخذ منكَ أحدهم عدواً دون سابِق معرفة، ليصْنع لنفسه بين الحواريِّين موضِعاً لا يليقُ إلا بنكرة !
11
في الوقت الذي ينْشغِل فيه الجميع لاستيقاء الخبر ينشغل ليكون هو الخبر !
12
قد تنْقلبُ الكلمة على ذيْلها، ويبْحث الأحياء عن شهادات قالها عنهم الأموات قبل أن ينتقلوا، لذلك أحار أيُّهما أصْدق الشهادة أو الشاهدة!
13
أفظع ما يصْطدم به كل من يُوغر صدر أحدهم عليكَ حقداً، أن تكون قد سبقته لنفس الموضع من القلب، وزرعته دون أن يدري ورْداً!
14
لم يكُنْ الموتُ أفضل حالا ممَّا هو عليه طيلة هذه السنة.. سنة كورونا، ولم نكُن أسْوء مآلا مِمَّا نحن عليه اليوم ونحن نراه يخْطف منا كل يوم عشرات الأقرباء والأصدقاء، ولكن بزياراته المُتكرِّرة فَقَدَ هيْبته وهو يأكل مع المُعزِّين العشاء الأخير للميِّت من نفس قصْعة الكُسْكس، بل أصبحنا نُمازِحه هازئين وهو يخْتار منَّا في قرارة قبره الرَّجُل التالي ليضمن عشاءه في اليوم الموالي، وهو في اختياراته يكون سيِّئاً دائما لا يعجبه من الضحايا، إلا الطيبين الذين سيتْركون في قلوب الناس بسفرهم الفُجائي للعالم الآخر أفْدح وأبْلغ أثر، ولأنَّ الموت يُعلِّمنا الصحافة لِنسْتَبِق الأحداث، يمكن الاعتراف أن عنصر الخبر أصعب مادة نتلقى درسها من السماء التي تضاهي أكبر المعاهد العليا، ولا غرابة أنْ يُضْمِر في اختياره السيء للميت القادم، مكرا إعلاميا يهدف لصناعة الحدث الذي يعود عليه في كل وسائل التواصل بعناوين تستحق البنط العريض والكبير، ولا يهُمُّه أن تعود على أعيننا بدمع غزير، لذلك كلما نهض لغسْل يديه مِمَّا عَلِقَ بالأصابع من حبَّات كسْكس، يُلْقي من تحت الجفن بنظرة لأحدنا، قد تكون أنت أو أنا أو هي مِمَّن يتمتَّعون بنسبةٍ حياة عاليةٍ، فالموتُ وجودٌ آخر خارج الزمن والبلد، ولا يلْتفت لمن وجوده كعدمه لا أحد!
15
يبقى الشَّاب في نظر فتاته طفلا غير راشد قبل وبعد أن يتزوجها، وكما تطلب المدرسة من التلميذ المُشاغب الإتيان بأولي الأمر، تطلب الفتاة من فتاها الإتيان بوالديه لطلب يدها !

.............................................
افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 17 دجنبر 2020



1608328870004.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى