محمد عباس محمد عرابي - سورة الكهف دراسة نحوية وصرفية.. رسالة ماجستير للباحث /مُعَمَّر العاني - عرض

سورة الكهف دراسة نحوية وصرفية رسالة تقدم بها الباحث : مُعَمَّر منير مسيهر العاني إلى مجلس كلية التربية ابن رشد ،وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها ،إشراف الأستاذ الدكتور محمد صالح التكريتي1425 هـ/ 2004م،وفيما يلي نص مقدمة ومكونات ونتائج الدراسة كما ذكرها الباحث مُعَمَّر منير مسيهر العاني في رسالته سورة الكهف دراسة نحوية وصرفية.

مقدمة الدراسة:

فقد كان القرآن الكريم ولا يزال محط أنظار الدارسين ، ومناط بحثهم في كل زمان ومكان، فهو معين ثرّ لكل العلوم والمعارف لا ينضب ، يتناول المعاني الدقيقة ، ويطاوع في شكل مدهش على تقلب الأساليب ، ويساعد في تنويع الأعاريب وتلوين التراكيب ، فكل حرف أو كلمة أو حركة فيه تناسب موقعها وتوافق القصد منها ، سواء أدركه المشتغلون بتفسيره وإعرابه أو لم يدركوه ، والنحويون الذين كانت لهم إسهامات تعدُّ بحق مظهراً من مظاهر الجهد النحوي بالقرآن الكريم تستحق الشكر والثناء ، وقد لفت نظري منذ أمد ما سلكه المختصون في علوم القرآن والتفسير في مظانهم من شروحات وتفصيلات فيما يخص سورة الكهف ، فبينوا مكانتها وقدسيتها وأجر من يقرؤها أو يحفظها ، مما حدا الباحثين على دراسة هذه السورة من مختلف الجوانب ، فعمدت على دراستها لتقف هذه الدراسة إلى جانب تلك الدراسات التي فاضت بها أقلام الباحثين وليكشف عن أمور جمة وعظيمة في علمي النحو والصرف تُزاد على ما كشفت عنه البحوث السالفة في مختلف الاختصاصات . وقد لفت نظر الباحث إلى دراسة هذه السورة أيضاً أن قسماً من آياتها كانت مثاراً للمجادلات النحوية والقواعد الإعرابية ، والتوجيهات المختلفة من قبل النحويين والصرفيين . بل كان القسم منها الأساس الذي انطلق منه النحويون لوضع ضوابط النحو العربي من تقديم وتأخير وحذف وذكر وتأويل وأعاريب مختلفة ، فجاءت هذه الدراسة لتعرض هذه الآراء و حاول الباحث اختيار الأنسب منها بما يوافق سياق الآية وأقيسة النحو .

مكونات الدراسة:

اقتضت طبيعة العمل في هذه الدراسة أن قسمه الباحث أربعة فصول وهي على النحو الآتي:

الفصل الأول : فيما يخص قضايا الإعراب :-

وقدمه الباحث لأن أهم ميادين دراسة القرآن الكريم هو الإعراب، فهو يوضح المعاني ويبين المقاصد التي جاءت به الآيات الكريمة ، واشتمل على مبحثين :-

الأول: فيما تظهر عليه الحركة الإعرابية : وبين الباحث فيه التغيير الظاهر الملفوظ به الذي يجري على آخر الكلمة المعربة من خلال ( المرفوعات والمنصوبات والمجرورات والتوابع ).

الثاني : فيما لا تظهر عليه الحركة الإعرابية : وتعرضت فيه للتغيير غير الظاهر الذي يجري على آخر الكلمة المعربة ، ويتضمن: الجمل المؤولة بالمفرد ، والإعراب التقديري الذي تنوى فيه الحركات ويقدر وجودها في آخر الكلمة ولا يلفظ بها، وذلك في الاسم المنقوص والمقصور والفعل المعتل الآخر والمضاف إلى ياء المتكلم .

الفصل الثاني : فيما يخص الأفعال والحروف :

عرض الباحث فيه دراسة الأفعال من حيثُ: تقسيمها بحسب :- الزمن على ( ماضٍ و مضارع وأمر) ، الأفعال اللازمة والمتعدية ، الأفعال التي تنصب مفعولين ، أفعال الرجاء ، أفعال المقاربة ، أفعال المدح والذم ، التعجب ، التفضيل، كان وأخواتها.

أما دراسة الحروف فتناولتها من خلال الأساليب النحوية التي وردت فيها وهي :

الاستفهام ، العرض والتحضيض ، النداء ، النهي، العطف، التوكيد، النفـي .

الفصل الثالث : وعرج الباحث فيه على أبرز الظواهر النحوية الواردة في سورة الكهف واشتمل على مبحثين :-

الأول: من مظاهر التأويل النحوي : وعرضت فيه المظاهر الآتية :

1- الحمل على المعنى 2- الحمل على التوهم 3- الحمل على الحكاية 4- التعليق 5- التنازع 6- التخمين .

الثاني : معاني النحو : وتحدثت فيه عن:

1- الحذف والذكر 2- التقديم والتأخير 3- عود الضمير .

الفصل الرابع : الظواهر الصرفية في سورة الكهف :-

عقد الباحث فيه دراسة بنية الكلمة والوظيفة التي يمكن أن تؤديه الصيغة في صياغة المعاني الفنية الدقيقة. واشتمل على مبحثيـن :-

أحدهما عني بالقراءات القرآنية وأثرها في تغيير بنية الألفاظ ، والآخر : العلل الصرفية لعدد من الألفاظ ، متضمنة أبنية الجموع والمصادر والمشتقات والأفعال .



لقد توخى الباحث في هذه الدراسة أن يتتبع الآراء والتوجيهات والتأويلات والتعليلات المتفننة والأعاريب المتعددة التي ذكرها النحويون في هذه السورة الكريمة ، والحقيقة أنه ليس في طاقة البحث أن يعرض كل تلك الأمور ، إذ كانت آيات هذه السورة تطل بوجهها الكريم في معظم مسائل النحو والصرف فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يضع الباحث تطبيقات النحو والصرف لا سيما واللغة أو التفسير عموماً موضع التطبيق فهي أكبر من قدرة أي باحث ، ولكن حسب الباحث أن تتبع ما استطاع منها بما يناسب الوقت والجهد

نتائج الدراسة:

أجمل الباحث النتائج التي توصل اليها في هذه الدراسة النقاط الآتية :

أن النحويين، رحمهم الله، منحوا القرآن الكريم ميزة في الفصاحة ، وأولوية في صياغة القواعد ، ولكن عدد منهم عند التطبيق لم يلتزموا بما الزموا به انفسهم ، فظهرت مواقف لهم في الآيات التي أجهدوا انفسهم في توجيهها من غير الوصول الى رأي قاطع او حكم نهائي ، مما أظهر تكلفاً في توجيه هذه الآيات وتمحلاً في تخريجها قد يخرجها عن المعنى المراد منها ، ويتجلى التكلف ، وتظهر آثار الصنعة فيما استظهره الباحث من آراء لهم في قسم من الآيات ، كالتقديم والتأخير في قوله تعالى : ( الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا . قيما ) و خبر إن في قوله تعالى : (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً ) والمبتدأ والخبر في قوله تعالى : ( ذلك جزاؤهم جهنم .. ) ومعنى الاستفهام في قوله (أرأيت إذ أوينا .. ) والعطف في قوله تعالى ( ويوم نسير الجبال وترى الأرض ….. ) وغيرها .
المعروف أن النحويين قد احتجـوا بالقراءات القرآنية كما احتجوا بعموم كلام العرب فلا يوجد كتاب من كتب النحو المعتمدة إلا واستدل بالقراءات القرآنية ، ولقد ظهرت في هذه السورة مواقف لعدد من النحويين واللغويين لحّنوا فيها القراءات المتواترة ، منها تلحين المبرد وأبي حاتم لقراءة ( ثلاثمائة سنين … ) بالإضافة ، وتلحين أبي عبيدة لقراءة ابن عامر (الغدوة) بالواو ، وعند تتبع آراء جهابذة اللغة والنحو والقراءات تبين أن تلحينهم ليس من المسلمات التي لا يرد عليها .
أبرزت الدراسة الأثر الكبير للقيمة المعنوية لتغيير آخر الكلمة في إبراز المعاني الدقيقة من خلال الآيات التي عرضها .
لا نستبعد صحة قراءة (الحق) بالرفع في قوله تعالى (هنالك الولاية لله الحق ) فيكون صفة للولاية على الرغم من أن الصفة (الحق) مذكر والموصوف (الولاية)مؤنث ، لأن (الحق) مصدر ، والمصدر يستوي في الوصف به المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والجمع .
ظهر جلياً في قسم من آيات السورة الكريمة مظهر من مظاهر التعدد الوظيفي للتراكيب الاسمية والفعلية ، اذ كان لها دوران وظيفيان في وقت واحد ، ولاسيما ما يخص العوامل ، كتأثير عاملين في معمول واحد ، نحو قوله تعالى (إن لم يؤمنـوا … )فعمل (ان) و(لم) الجزم في الفعل (آمنوا) ، وفي مسألة التنازع ، نحو قوله تعالى (آتوني أفرغ عليه قطرا … ) اذ تنازع عاملان (آتوني) و (أفرغ) في معمول واحد (قطرا) ، ومنه ما يخص الاعراب نحو (ابصر بهم ) فالاسم المتعجب منه جر بالباء الزائدة ، ولكن هذا الاعراب لفظي، لأنه يعرب في الوقت نفسه مرفوعا بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد .
يعّد قسم من الآيات الأساس الذي انطلق منه النحويون في وضع قواعدهم وضوابطهم وأقيستهم النحوية ، نحو قوله تعالى : ( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين … ) إذ استدلوا على جواز إضافة العدد (ثلاث) إلى المقرر (مائة) ، والقياس أن يكون (مئين) أو (مئات).

وان يكون مميز العدد (مائه) جمعاً وهو (سنين) والقياس أن يكون مفرداً ، وفي قوله تعالى: ( وكلبهم باسط ذراعيه ….. ) استدل الكسائي على عمل اسم الفاعل إذا دلَّ على المضي ، وفي قوله تعالى ( وتلك القرى اهلكناهم لما ظلموا .. ) استدل ابن عصفور على حرفية (لما) . وزادوا افعالاً أخرى في مسألة التعليق من الأفعال القلبية ، ومنه الفعل (نظر) مستدلين بقوله تعالى (فلينظر أيها أزكى طعاما … ) وفي قوله تعالى ( آتوني أفرغ عليه قطرا …) استدلوا بها على مسألة التنازع .

انفردت هذه السورة من بين سور القرآن الكريم بمجموعة من الأفعال والصيغ نحو (يدحضوا ، أعيبها ، يضيفوهما ، يشوي ، يحاوره ، يحسنون (بصيغة المضارع) ، نغادر ، تبيد ، يتلطف ) .
ضعف الرأي القائل بوجود واو الثمانية ، ويمكن أن تعد هذه الواو من لطائف التعبير القرآني
تبين أن ما أسموه (الحروف الزائدة) قد تضمّن دقائق نحوية أضفت على الآيات بياناً وجمالاً لا يضاهيهما خلوها منها، ولا تصلح الآية مما يدلل على أن هذا المصطلح لا يقصد به المعنى اللغوي المعروف به ، وإنما هو اصطلاح علمي نحوي .
أن أهم اسباب الحمل على المعنى أو التوهم التي ظهرت في السورة تعود إلى الاختلاف في القراءات القرآنية .
كان للتضمين في السورة الأثر الواضح في تعليل ظاهرتين مهمتين من ظواهر النحو العربي ، أحدهما اللزوم والتعدي والأخرى نيابة الحروف بعضها عن بعض.
تبين أن القول بجواز حذف خبر الافعال الناسخة للابتداء هو الأظهر من القول بعدم جواز حذفه ، بدليل قوله تعالى : ( لا أبرح حتى أبلغ ….)
إمكان عود الضمير الى مفسرين معاً ، إذا اتحدا في خصيصة دلالية معينة ويصلح أحدهما أن ينوب عن الآخر نحو قوله تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا …. ) وقوله ( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض …. ) .
احتمل بناء الصيغة الصرفية في ضوء القراءات القرآنية أن تكون اسماً للمكان أو الزمان ومصدراً ميمياً كقوله تعالى (وجعلنا لمهلكهم موعـدا …) وأن يكون أصلها مفرداً أو جمعاً كما في قوله تعالى ( تذروه الرياح … ) وقوله (وعرضوا على ربك صفاً …. ) .
من الظواهر الصرفية التي ظهرت في سورة الكهف أن تؤدي الصيغة الواحدة معاني متعددة ، كصيغة فعيل نحو (الرقيم) إذ تدل على الثبوت؛ لأنها على وزن فعيل ، وتدل على الحدوث لأنها بمعنى (مفعول) ، ولعلَّ هذا هو السبب في إيثار هذه الصيغة دون غيرها .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى