حمزة باشر - ومضة كوخ يتذكر

ها أنذا...
قالت الريح
في رحلتها البسيطة
ثمة ذكرى ترافق ذاك الشروق الثمل
رغم تفتت الأيام
وتطاير القشِّ
لا يزال الأبنوس
يقاوم توغّل الأرضَةَ في جسده الصلب

من ركام ذاك الفُتات
أسحب لغتي
أغنيتي الأولى من فم الثعبان
ضرباتي الموجعة لأميَ الأرض
أغرس تلك الأشياء
في ذاك الكوخ المبعثر
أحفظ ومضته التي استنارت، ذات يوم

ألملم أوجاع الريح
خطوطها التي دشنّت بثوب "الفعل الماضي"
الذاكرة التي تحررت من "كان" الموحشة
من وحشيّة "الماضي" التليد
من اجترار الذكرى التي أرهقت كاهل الغد
آه أيتها الرياح...
آه... مِن تلك التي قهرت الشروق بغبارها الكث
مَن سلّطت سياطها لانتشال جذر الكوخ
من هبّت لترعب الأدغال الكثيفة
من أرغمت الضوء ليعلن استقالته عن تبنّي الفجر...
آه من تلك الرياح، تقول الصحراء...

ها أنذا...
ورقة أطير لأتحرر
أكون رغم امتداد الأغصان
وتطاول الفروع، في احتواء الظل
رغم تجذّر الشجر في قلبي المفروش
أكون كما أبدت الكلمات بهجتها
بخطى الغابات
استنار المانغو
وجع كثيف تدلى من رجُلِي الاستوائي
شعّ وميض الخوف والطمع
الجشع، لا، قوّة العنفوان البكر
عنفوان القوّة في كتابة الأرض
ذاك الجسد، وليد رقصته الأبدية...

ها أنذا...
ضوء يعلن انتماءه للومضة
صبح يتغنى في كنف الشروق
أقدام تربّت على معانقتها الدائمة للأرض
حين ينهمر المطر بقوّة حضوره الطاغي
يتذكر "نهر لغون" أطرافه الممتدة
تسعد الأرض من فيضه المنسكب
تعلن البيوت مع الأشياء انتمائها العفوي
حين ترتوي - الأرض - من ظمأه المتدفق
تتشقق، من فرط حبها المنسدل
تتشقق الأقدام لفرط ولعها بالأرض
تضرب بقوة، وهي ترقص حد التيه
حد ذاك الجنون الشبق
تتدفق أرواحنا في كتابة الحضور...
الحاضر، سمة الكوخ الذي يتذكر
تلك الومضة، هي شعلته الحقة
بريقه المنفلت من قبضة الأفق
شعاعه المتسرب من عمق الظلام
تلك الذكرى المشعّة،
هي سمة الكوخ الذي يكتب ومضته الآن.

حمزة باشر
تشاد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى