محمد آيت علو - كلمة في ديوان “طين الشتاء”: لمحمد آيت علو.

إليك…
أيها الطين الغالي
أيها المتسامي
يا أيها
الإنسان…!
” طين الشتاء” ديوان شعري يحتوي على تسعة قصائد” غربة في ليالي الشتاء/ يطيرُ القلب/ ماذا يبقى لك؟ / طينُ الشجن/ بيننا والذي فات/ عصرٌشاحب/ موج الشتاء/ متى تكبرُ آدميتنا؟/ خلف الأبواب هُناكَ/ وهي قصائد تنشغل بالهم الإنساني أمام الانحسار وغياب القيم ومفارقات الوجود..على وتر المشاعر الإنسانية السامية والرؤى والعواطف النبيلة من أجل إنسانية الإنسان، وقد قدم الشاعر هذه الباكورة إلى الطين الغالي /الإنسان والمتسامي والذي كرمه الله سبحانه وسخر له كل هذا الوجود بما فيه ليحيا ويعيش كريما سعيدا حرا متسامحا ومتعايشا ومتسلحا بالحب والرحمة في هذه الحياة كخليفة له دون كدرأوهم أوغم أو كمد أوجراح وبدون أوجاع…
وهي نصوص تحمل بين تجليّات صورها، على ما تتسم به من سلاسة وتدفّق وشفافية، وتأملات عميقة في تفاصيل حياتية لم نعُد قادرين – ونحن في فوضى غياب القيم – أن نُحسن اكتشافها، لأنّنا قد أصبحنا نسير بأجسادٍ ميتة لا نبض فيها، لكثرة ما أتخمها القلق، فأحالها إلى سلّة مهملاتٍ تُلقى فيها مشاعرنا، من هنا محاولة إعادة صياغة الأشياء المستهلَكة -فلسفياً- من جديد كما لو أنّنا نرنو إلى أن نُعيدها إلى دورتها الأولى.
الشاعرمحمد آيت علو تأتي جملُه محمولة عبر صور حسية كثيفة في دلالاتها، وفي مجمل بنيتها الشعرية، تعكس في سياقها العام صوتاً خاصاً به، لن نجدَ بين مفرداتِه صدىً لأصواتٍ أخرى …
وتبقى نصوص الديوان محاولة لإيقاظ الوعي الإنساني، إحساسٌ بالدهشة والانفتاح، دهشة الحياة تتشكل بتفاصيل اليومي المعيش والمجتمع والتاريخ، وهو الذي طالما كان مفهوم الشعر لديه بما هو شائع ومتداوَل -أفقياً وعمودياً- مرهوناً بما هو سياسيّ/ اجتماعيّ ويومي حياتي/ كوني…
كما أنَّ”طينُ الشتاء” ديوان يصطنعُ جماليته من خلال الصور التركيبية مشحون بالرموز والعمق والإيحاء وتعدد الدلالات ومن خلال مفهوم إيقاعي يستبدلُ أحيانا الوزن بالحركة والدينامية للجملة القائمة على حركية الأفعال ومزاوجة الخطابي الانفعالي بالساكن الجواني والصوفي وبالحلم أحيانا، ذلك أنَّ الحلمَ كما نريده يكون، بتجاوزالسائد والمألوف، حيثُ الصوتُ لا تكبله القواعد ذاك الصوت الإنساني الحر المحب الرحيم المتسامي بكل رقة وعذوبة وانسياب، انسياب الشعر بكل حساسية ورقة وانتعاش، ولأنَّ الشعر هو ما سمعتهُ الرُّوح فانتعشت….
ثم أَرْكَبُ مِنَ التَّحَدِّي
والإصْرار ِبُراقاً…
بُراقاً، يُشْرِقُ نُوراً حَادِقاً
مِنَ الآمَالِ العَريضَه….
والفَأْلِ الحَسَنِ…
وأَصْطَنِعُ قُوَّةً مِنْ شِدَّةِ المِحَنْ ..
ثُم أَحمِل زاداً منَ الحُلْمِ وَ الحَنِينْ…
ومرَّةً أُخْرى إلْحَاحٌ في الدُّعاءْ…
أتَلَحَّفُ بِه،
وأَطِيرُ شَوْقاً…
للأيَّامِ الَّتِي سَتأْتِي…
وَتُنْسِينِي …
تُنْسِيني أَنِينِي،
تُعَوِّضُني…
تَضُمُّني لِلْأَيامِ الحُلْوةِ…
أَيَّاماً هَنِيَّهْ…!
أَصِيرُ في الأَيَّامِ شَهْداً وَعَسلاً…
ثُم تَتَعهَّدُني أَيَّامي…
تُداعِبُني…
تُدَغْدغُني…
تأْخُذُني الأيامُ الحُلْوَةُ،
إِلى قَلعَةٍ مِنْ غَمامْ،
إِلى رَحابَةِ فَضاءْ..
فَأَنْسُجُ مِنْ حِجارَتِها
حِينَ تَسَّاقَط رُطَباً…
وتَمْراً وَحِنْطَةً…أَعْجِنُها طِيناً
للطِّينِ الغالِي…
بِيَدي وفُؤادِي الظَّمْآن…
أَبْنِي بِها مُرُوجاً مِنَ الحُبِّ…
و فِجاجاً مِنَ الغَزَلِ الرَّائِقِ للإنْسَانْ…
أَهْدِمُ سِياجاً
أَفْتَحُ باباً مِنَ الدِّفْءِ..
والوُدِّ للأشْقِياءْ…
أَفْتَحُ آفاقاً عَذْبَةً منَ السَّماحَةِ والرَّحْمَهْ…
وَدُنْيَا مِنَ الحُبِّ…
أُغَنِّي بشِعْري مِنَ الجَنَا نِ…
لِكُلِّ مَا هُوَ جَمِيلٍ …
فِي هَذا الوُجودِ…
لِكُلِّ هِبَةٍ مِنَ الرَّحمنْ
وَأَزْرعُ مَفَاتيحَ، وَ بَسَماتِ الخيرْ
أَشْدُو بِكُلِّ مَا يَنْبَغِي…
أن يَسُودَ بيْنَ بنِي البَشَرْ
وَيُحَقِّقُ إِنْسَانِيَةَ الإِنْسَانْ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى